الرئيسية | شعر | راهن القصيدة العربية: لأننا موجودون بالشعر

راهن القصيدة العربية: لأننا موجودون بالشعر

المشرفون على الملف:

 

 

يخبرنا الشاعر الفرنسي بودلير  بأنه “الشعر تجاوز للواقع العيني، فهو ليس حقيقة كاملة، سوى ضمن عالم مغاير وأخروي”، الشعر بهذا هو تلك القوى الماورائية أو الما-بعدية، إنه التمثل الحقيقي للكائن الذي ما هو إلا تجسيد سيمولاكري للشعر.

فأي علاقة تجمع الشعر بالوجود؟ ولماذا الوجود بالشعر ؟ قد يتبادر لقرائنا الأعزاء في البال هذان السؤالان، ومن الحق أن تتبادر أسئلة أخرى بالإضافة إليهما..

في ملفنا توخينا الشعر أولا ثم الشعر فالشعر، منطلقين من رؤية صافية وواضحة السيمات والمعالم، هي أننا لا نوجد ولا نتواجد إلا شعرا وبالشعر، ليس لعبا بالكلمات أو عبثا بها … بل هو منطلق فلسفي رزين ورصين، آمنا ونؤمن به، فالكائن موجود عبر صور ماورائية، عبر أبعاد ميتافيزيقية، عبر المابعديات، فمهما ارتبطنا بالمادة وتشبثنا بها والتصقنا، فالكائن هو لامادي في آخر الخط.

واللامادية هنا، هي روحانية خاصة عندنا، إنها ملامسة اللاملموس ومحاذاة الملموس، نوع من كشف المكشوف وستر المستور، والعكس بالعكس. ضرب من الإتيان بأساطير جديدة، وهدم قديم وبناء جديد وإحياء قديم وخنق جديد.

الشعر هو انفتاح على اللامحتمل، بل السفر إلى اللاوجود، وخلق لوجود، إنه الوجود بالقوة والفعل، أو لنقل الوجود بالشعر.

إن الشعر تكثيف للوجود، واختزاله بل إنه الوجود في حدّ ذاته، لا نتخيّل أننا نستطيع الوجود والتواجد والإنوجاد دونما الشعر، هو مصل الحيات ووصلها. بالشعر يتجلى الله للصوفي، وبه يرتفع ويتجلى، وبالشعر تتجلى العوالم الماورائية للكائن حينما يختال بنفسه وينزوي في الوجود.

والقصيدة عندنا، مركب سفر إلى الهناك، إلى البعيد القريب، والقريب البعيد، إنها التنقل جلوسا، إنها سفر مجاني إلى عوالم الذات وماوراء الذات، إلى المابعد… القصيدة قالب العالم حيث يضعه الشاعر ويركبها في أية صورة شاء، إنه قالبه المتغيّر ، كأننا به الشاعر إله صغير يعيد ترتيب ذرات الكون والوجود كلمة كلمة وبيتا بيتا… إن القصيدة تعرية للوجود وكشف لما ورائيته، تعريته له غيمة غيمة، سديما سديما، نجما نجما، وشعرا شعرا، القصيدة اختزال بديع للوجود. وخلخلة ليقينياته لمعتقداته، لدياناته ولأفكاره ومبادئه وبديهياته إنها اللايقين والظن الباقي والدائم، إنه السؤال المفتوح على الوجود.

بين الشاعر والعالم/المفكر تقابلات وتلاقيات، فإن كان المفكر يلتمس ويطلب ويرجو الحقيقة فالشاعر ينبذها ليصل إليها، فالشاعر لايقيني المبدأ وثني الاعتقاد ومتعدد الإيمان، إنه هو الحقيقة التي تبحث عن نفسها في نفسها. فيخبرنا الفيلسوف الشاعر المعري شعرا:

“أما اليقين فلا يقين وإنما أقصى اجتهادي أن أظن وأحدسا”

عمدنا (كاظم خنجر (العراق)، محمد العياشي وعزالدين بوركة (المغرب)) في تجميعنا لنصوص الملف، أن نراعي الشعر وأن نقف إجلالا له، لهذا كنا أمام مطارق تدق عاليا في رؤوسنا لاختيار ما استطعنا إليه سبيلا، غير مقصيين أشخاصا دونما أشخاص، أو منحازين لأسماء دونما أخرى، بل ارتأينا أن نقف عند عدد محدد من الشعراء الذين اخترناهم بعناية ودقة، بسبق الإصرار والشعر، مؤطرين برؤية غير اقصائية لأي نمط للقصيدة من التفعيلة والوزن والنثر، وإن لم يكن هناك تكافئ في العدد فالأمر عائد لتضاعف عدد شعراء النثر بمقابل النمطين الآخرين، لكن في المقابل أشركنا أسماء لها باعها الطويل في القول الشعري، مما خلق نوعا من التكامل على المستوى الإبداعي… شعراء من مختلف الأجيال والمسافات والجغرافية أثثوا فضاء المجلة بقصائده التي فتحت نوافذَ على الوجود.. لتخبرنا أننا:

موجودون بالشعر…

المشرفون على الملف:

كاظم خنجر (العراق)

محمد العياشي (المغرب)

عزالدين بوركة (المغرب)

 

المساهمون في الحلقة الأخيرة من الملف:

الإضاءة الختامية:

لأننا موجودون بالشعر (كاظم خنجر ؛ محمد العياشي؛ بوركة عزالدين)

النصوص:

ثلاث قصائد عن القطار | حميد العقابي، ثلاثة بورتريهات شعرية | حاتم الصكر،ما قُلتُ غيرَ الإِله | عادل لطفي، وهج الرَّغَبات | وداد بنموسى،من نصوص النأي والناي | عدنان الصائغ، حقائب النازحين | رضوان السايح،  طفل البحر | محمد علوش، غليون سبارتكوس | سعيد الباز، لو أنَّني عدت طفلاً | ناصر علي، لهذا حمل أبي منزلنا | سرمد سليم، الرعاة | محمد أ. مختار، ترهل عصبي | جوزيف حداد، في المكان حيث وقفتُ | وديع سعادة، نصوص قصيرة | أنيس غنيمة، أجيال عالقة | علي الحمزة، قال أبي | منار المدني،

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.