الرئيسية | شعر | قال أبي | منار المدني

قال أبي | منار المدني

منار المدني ( العراق )

 

 

  1. قال أبي

    قديماً كُسرَت للبلادِ ساقٌ

    وكنتُ نجارا حينها ، فصنعتُ لها عكازاً

    مرّ يومان وكُسرت أيضاً

    فصنعت أخرى

    وأخرى

    وأخرى

    حتى نفد الخشبُ وماتت الأشجار

    فوضعتُك أنت يا بني

    فانكسرتَ

    لذا لا تستغرب دموعك التي لا تتوقف

    فالبلاد التي تتكئ عليك تملك نهرين يسيلانِ على وجهِك

  2. مدينٌ لكل هؤلاء الموتى الذين لا أعرفهم

    لكل من رحل

    ولم يترك ثقباً في القلب

    مدينٌ وممتن ٌ

    لكل ترابٍ سيصبحُ قبراً ويثقبُ ذاكرةَ الأرض

    3.

    ها أنتِ ترحلين

    وتبتسمين

    أي خسارةٍ رابحةٍ هذه ؟

    كان عليكِ أن تأتي معي

    نرمّم هذه الغربة معاً ، أنتِ تضحكين

    وأنا أعدُّ الأوطان

    التي تسقط

    على جانبي ضحكتكِ

    4.

    في هذِهِ المدينة

    الجسورُ كلّها رثة ومليئة بالثقوب

    لذلك أتعمّدُ ألّا أفكّرَ بكِ

    وأنا اعبرُ أحدها

    خوفاً من أن يسقط

    اسمكِ سهواً …. فيغرق النهر

    5.

    على رصيفٍ ما في مدينة غريبة

    سأفكر بكِ

    أعدكِ بهذا ، وأعد الرصيف بأن تنبت به وردة

    و أعدُ المدينة الغريبة بكومةٍ من العصافير

    6.

    من ثقبٍ قديم في كتفي

    تتسرب يدكِ

    ومن ثقبٍ صغير في ضحكتكِ ، يتسرب الربيع

    إلى الحدائق المتيبسة في روحي

    7.

    الكثير من الرماد هنا

    الكثير من القلوب التي تحترق برفق

    كل رمادٍ قاتم

    ألّا رماد قلبكِ

    هذا الذي يضيء الدرب للذين احترقت قلوبهم و يدّلهم عبثاً لهاويةٍ جديدة

    8.

    هكذا

    لا أحد يوقفكِ وأنت تفتحين حياتي كل صباح

    وتنبتين بها

    وحيدةً حزينةً

    مثل وردةٍ في مقبرة

    لا أحد

    يوقفك

    أبداً …

    9.

    اسمح لها

    بأن تقتلك كل صباح بضحكة صفراء وهي تتكئ على شجرة روحك

    اسمح لها  بأن تقتلك بلطف وهي تبتهج

    اسمح لها بأن تنمو داخلك بهدوء , مثل عشبة ضارة

    اسمح لها بأن تقتلك كما لم تفعل امرأة من قبل

    هكذا فقط

    سينبت شاعرٌ في الجانب الآخر من صدرك

    10.

    وحده وجهكِ

    يستطيع أن يبتسم

    و كلهم يحاولون

    وحده من يصنع الآباء لأيتامِ قلبي

    11.

    عندما تصبح هذه المدينة أنثى

    الفضل لكِ

    وعندما تفك ضفائرها الفضل لشعرة سقطت منكِ سهواً

    تحت جسر

    كان جسرا … أصبح فيما بعد قوس قزح

    عندما تشتعل أضواء المدينة خلسة

    الفضل لكِ أيضاً

    فربما ابتسمتِ لطفل ما في الجوار أو مررت ببالكِ سريعاً

    أو ، أو ، أو لا عليكِ فالفضلِ لكِ في كل شيء

    حتى في هذه القصيدة وتلك التي لم تكتب بعد .

    12 .

    وفي النهاية

    يا صاحبة العينين اللامعتين

    نحن الخاسرين

    الذين نتأخر دوماً عن رؤية وجهكِ كل صباح

    نحن الذين تسبقنا العصافير إليكِ

     13.

  3. سنحبُكِ من قريتنا البعيدة سنحبُكِ ،

    بقلوب سكانها الطيبين و أرواحِهم الطيبة

    وفي هذا الشتاء البائس ،

    سنملأ شارعكم الأنيق بطين قريتنا،

    بخرافاتنا و ضحكاتنا

    سنحبُكِ أنا وأطفال القرية كلنا ، دفعة واحدة وبشراهة

    وغداً عندما نحبكِ ونعود لقريتِنا سيمرّ اسمكِ سهواً لنتوقفٓ أنا والأطفال عن الثرثرة بكِ ، عندها

    ستبتسمين بينما نراقب نحن حروفه بعطشٍ شديدٍ

    وهي تعبر أعمرَنا المتيبسة ‘

    كغيمةٍ نديةٍ ستمطر على الجانب الآخر

    غداً سنعترف بخطايانا وذنوبنا التي لا تغتفر

    عندما نحبّكِ في عالمٍ يجلس

    على كرسيٍ بثلاثة إقدام سنخطئ كثيراً

    عندما نحل محل القدمِ الرابعة ونحمل كل هذا الأسى الذي يسيل من هاوية العالم الذي لا نملك منه سوى قريتنا التي تنتظر اسمكِ ..

    14.

    ذنوب لا تغتفر  .

    وأنت تنتقلين من لهجتكِ السلسة

     إلى اللغة العربية الفصحى

     حيث تتحدثين بحذر شديد ثمة حروفٌ تسقط

     لتتشكلَ وحدها

     كقصيدةٍ

     تكتب نفسها بنفسها

     بعيدًا عن ذنوب الشعر التي لا تغتفر   …

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.