الرئيسية | شعر | شعري هو مرآتي التي اقف امامها عاريا الا من نفسي..!| قحطان جاسم
قحطان

شعري هو مرآتي التي اقف امامها عاريا الا من نفسي..!| قحطان جاسم

قحطان جاسم (الدانمرك):

 

هل هناك تعريف ممكن للشعر، أليس كل تعريف هو دلالة على محدودية المادة المعرفة ؟ يتعامل الشاعر مع اللغة ، التي هي وجود كامل يتسم باستقلالية ما عنه، هذه اللغة هي التي تخلق الكون وتعيد صياغة الأشياء وتكوينهاتها ، هي رأسمال الشاعر ، لكن هذا الرأسمال يتراكم في اللانهائي، في الصمت وينبثق عنه. الشعر، على هذا النحو، وليد الصمت، قرينه الأزلي، الحنون، البريء، ولهذا فانه لا يصلح لتعريف ممكن.

يكتشف الشاعر في الشعر، وهو يحدق في آلاف الأشياء ، محدودية وجوده، هذا الاكتشاف يسبب له القلق الدائم والاضطراب والخوف والحزن. لذا تبدو شعرية الشاعر محاولة مريرة وميؤس منها تقريبا للعبور الى ابعد من هذه الحدود ، للامساك باللانهائي، اللامحدود عبر اللغة، لان الشاعر، وانا هنا أتحدث عن الشاعر لا غير !، ومن خلال هذه اللغة، يسعى إلى العودة إلى مخبئه الأليف: الصمت ، حيث تتجلى مهمته الوحيدة بكتابة هذا الصمت، وهي مهمة تكاد تكون صعبة ، إن لم تكن تقترب من الاستحالة.

عبر هذا الصراع الدائم والشاق ينكشف الوجود أمام الشاعر في اللغة، تصبح الأشياء نوعا ما أليفة، وتبدأ مغامرة الشاعر في اكتشاف معانيها المتعددة و المتجددة.

وعليه فالشعر موجود في الشاعر وحوله، لكنه ليس هما..انه ليس الأشياء ، أو تجلياتها، أنه أعمق من ذلك وابعد؛ انه كل شيء، ولهذا فهو يبدو عاجز أحيانا للوصول إلى ماهية تلك المعاني الخفية في الأشياء والوجود والإنسان والأحاسيس؛ هل يمكن وصف معاناة مويجات صغيرة في قاع النهر؟ أو خيبة قطة ترتجف قي برد الشتاء وهي تبحث عن مأوى في العراء؟ لحظة عشق تسبق الفراق؟ حرارة الدمعة في عيني طفلةٍ في لحظةِ خرابِ مدينةٍ أيام الحرب؟  ارتعاشة برعم في أول الصباح؟ أو الألم حين ترتعش الأصابع في هنيهة تلويحةٍ لموت عاشقة؟ الشاعر يحاول أن يقبض على كل تلك الأشياء ويعيدها إلى أصلها إلى منابعها الأصلية؛ إلى الصمت !

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.