الرئيسية | فكر ونقد | البناء المعماري في أزجال ليلى عبد الجبار قصيدة ” رياح الذات” نموذجا

البناء المعماري في أزجال ليلى عبد الجبار قصيدة ” رياح الذات” نموذجا

رشيد فجاوي

رشيد الفجاوي

رشيد الفجاوي

تشكل قصيدة ” رياح الذات” للزجالة الواعدة ليلى عبد الجبار نقطة مميزة في مجموع نصوصها التي تمكنت من قراءتها أو الإستماع لها بصوتها. وهو نص يتميز كملاحظة أولية بقصره، خلاف بقية نصوصها كما أنه يتميز بالإختيار الموفق للعنوان، حيث غالبا ما لا تعنون نصوصها أولاتتأخر في ذلك؛ غير أن القصيدة موضوع التقديم، تبقى مخلصة تماما لثلاث سمات مميزة تشكل الخيط الرابط لجل قصائدها:

  • المراوحة بين الشكل الدائري و الشكل الحلزوني في البناء المعماري أو ما يسمى بالهندسة الداخلية للنص.
  • حضور التضاد والمقابلة بين ثنائية القطب.
  • سطوة القاموس، حيث أن ثمة رصيدا محددا من الكلمات والمعاني التي لا بد و وأن تجد بعضها( عن ملاحظة) متفرقا بين النصوص المختلفة. و لو كان أمامي ديوان للزجالة لاستطعت حصره احصائيا كأسماء و أفعال.

بداية سأتوقف عند العنوان ” رياح الذات” حيث سنلاحظ ما يشكل مكونا أساسيا في هندسة القصيدة وفق مايلي:

  • التضاد والمقابلة.
الريح:
الذات:
جمع مفرد
نكرة معرف
عنصر داخلي مركز
متحركة واعية

حيث أن نسبة الرياح للذات تجعل كل هبة منبعثة من الداخل كقوة فاعلة ومؤثرة وليس مفعولا بها من الخارج و متأثرة بسلبية ، لكن الى أين ستقود الذات هذه الرياح وبأي مسار؟

و دون أن نطرح السؤال : ما الذي هيج هذه الرياح؟ سنعتبر مؤقتا هيجان الريح نقطة البداية والحالة الشعورية الوجدانية الأولى كلبنة أساس لبناء النص، غير مغفلين أن النص انطلق بفعل وبجملة فعلية.

  • الحلزونية التصاعدية

من المعروف أن الشكل الحلزوني لبناء نص شعري ينطلق من حالة شعورية، وجدانية أو موقف معين، في دوائر متصلة، تعود دائما لنقطة الإنطلاق، ثم تقود لنتيجة نهائية عائدة في دائرة شاملة مرتبطة بالبداية.

لنتعارف أولا على ثلاث مستويات للدائرة:

الدائرة الصغيرة، الدائرة المتوسطة ثم الدائرة النهائية.

هاجت رياح الذات نقطة البداية جملة فعلية الفعل المنطلق
كشفت د ص 1 فعل تتمة للفعل الأصلي
جرت د ص 2 /د م 1 فعل تتمة ثانية للفعل 1
خطفت د ص 3 / د م 2 فعل تتمة ثالثة للفعل 1
تبدلت نغمة هاذ الروح نقطة ثانية فعل نتيجة للأفعال الأربع السابقة
       
حار لعقل ف شوفات د ص 1 فعل شرح النتيجة1
مفرقة   حال 1  
معلقة   حال 2  
ملغومة   حال 3  
أ   عطف  
وجوه ف زهو التبسيمة مهمومة مقابلة زهو/الهم   شرح ثان للنتيجة 1
و   عطف  
فام مودرة سمها فحلاوة الكلام مقابلة سم/ حلاوة   شرح ثالث للنتيجة1
مجلي صفاها فغم و اوهام مقابلة صفاء/غم   شرح ثالث للنتيجة1

 

نقف هنا لنشير عدديا إلى حالات العيون الثلاث: مفرقة، معلقة وملغومة؛ مقابل نفس العدد في حالات الفم: وجوه ف زهو التبسيمة مهمومة

              وفام مودرة سمها فحلاوة الكلام         مجلي صفاها فغم واوهام

و تستمر رياح الذات في تعرية المحيط و تحريك الواقع الآسن؛ موسيقى السلام المزيف يصيبها النشاز حين تصيخ السمع لرجع الريح.

يتضح بجلاء، أننا بصدد بناء تصاعدي جدلي، حيث تصطدم الذات الواحدة بالآخرالمتعدد ، لتتغير الذات بدورها ، بعد سلسلة من الدوائر التصاعدية التي لا تخرج عن المنوال السابق.

الذات

هاجت رياح الذات حركية الذات نقطة البداية الدائرة الأولى
تبدلت نغمة هاذ الروح حركية الذات الخلخلة الدائرة م الثانية
تزادت فجعة ف الخاطر حركية الذات الألم العميق الدائرة م الثالثة
فيقت عقل كان مضبع حركية الذات الصحوة الدائرة م الرابعة
ومن الغفلة قيدت إفادة حركية الذات المراجعة الدائرة م الخامسة
يسرح من رماد عوافينا طريق ف الظلام حركية الذات بداية جديدة الدائرة النهائية

   المحيط

شوفات مفرقة معلقة ملغومة  

وصف الحال

 

بداية الإنتباه الدائرة الأولى
وجوه ف زهو التبسيمة مهمومة المراقبة الدائرة م الثانية
فام مودرة سمها فحلاوة الكلام المفاجأة الدائرة م الثالثة
مجلي صفاها فغم و اوهام اليقين الدائرة م الرابعة
حركت الڭول وكان لخصام التفاعل بين الذات و الآخر نقطة التحول1 الدائرة م الخامسة
شحال من شهادة خرجت بلا ڭياد     من شلا فام حركية الأخر نقطة التحول1 الدائرة م الخامسة

في المقطع الأخير تنهي الرياح ما بدأته هائجة، بهدوء و ثقة و يقين .

صهيل النخوة       دواه النسيان  

يفرز حجايات       عادت بالعرام

يسرح من رماد عوافينا     طريق ف الظلام.

يتجلى البناء التصاعدي الجدلي بوضوح في نهاية القصيدة و تبني موقف من الماضي، مستشرفا طريقا كنست الرياح ما كساه من رماد ، لتترك لجذوة الروح أن تلعب دورها كمنارة و بوصلة. من قلب الألم تتضح معالم الطريق، مجيبة عن سؤال ضمني تجاوزته القصيدة .

فهي لم تحدد بداية ما الذي حرك الرياح و لأي سبب، ليأتي الجواب زخات زخات في دوائرها المتتالية صعودا إلى الجواب/السؤال/اليقين. وفية تماما لبنائها القائم على الأفعال تاركة لها مهمة تعرية السؤال المطمور ، كي لا تبتدئ القصيدة بجملة إستفهامية أو بإسم ما.
ملحق

رياح الذات

 

هاجت رياح الذات

كشفت

جرت

خطفت

تبدلت نغمة هاذ الروح

حار لعقل ف شوفات

مفرقة

معلقة

ملغومة

أ وجوه ف زهو التبسيمة مهمومة

 

و فام مودرة سمها فحلاوة الكلام         مجلي صفاها فغم و اوهام

 

تزادت فجعة فالخاطر

زعزعت العش               بردت دفاه

سيلت الدموع                 ما طفات ليعة

هيجت الڭول

و كان لخصام

عرات وجه           كان مقنع

فيقت عقل             كان مضبع

عرات ذاك اللي       على الشر تطبع

ومن الغفلة قيدت إفادة

و كانت للخير زيادة   من شحال من شهادة

خرجت بلا ڭياد   من شلا فام

و الضر ف لدخال         زايد لڭدام..

 

صهيل النخوة       دواه النسيان

يفرز حجايات       عادت بالعرام

يسرح من رماد عوافينا     طريق ف الظلام.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.