الرئيسية | أدب وفن | ميليشيا الثقافة: ضد التشويهات
مازن المعموري

ميليشيا الثقافة: ضد التشويهات

إيمانا منا بالموضوعية في الخبر.. وإعتقادا منا بأحقية الرد.. وترسيخا لمبدأ الرأي والرأي الآخر.. أخذت مجلة الموجة الثقافية وموقع مجلة الموجة الثقافية، على عاتقها أن تمرر رد الشاعر العراقي مازن المعموري، عضو مؤسس لميليشيا الثقافة، على نص حواري نشرناه بتاريخ 13/11/2015 للشاعر العراقي أحمد ضياء، يتحدث فيه عن الميليشيا.

وهذا نص البيان التوضيحي، الذي كتبه مازن المعموري ووقعه كل من الشعراء العراقيين، أعضاء الميليشيا: كاظم خنجر وعلي ذرب ومحمد كريم.

نص البيان:

مازن المعموري

غالبا ما يكون اجتراح منطقة جديدة وصادمة في الشعر بشكل عام محط أنظار كل المهتمين ومنابر الإعلام وحتى الناس العاديين بسبب الترحيب بهذه النزعة الجديدة أو التقليعة، خاصة إذا ما حالفها النجاح السريع، وهو الأخطر لان النجاح السريع يأتي بكل دوافع التباغض والتحاسد والخلاف الشخصي، وهو ما حصل مع ميليشيا الثقافة التي تحصّلت على اكبر قدر ممكن من الاهتمام في الآونة الأخيرة على المستوى العربي والعالمي، فمن هي ميليشيا الثقافة؟

حدث أن التقى مجموعة من الشعراء الشباب كأصدقاء معي، وقد رتبت لهؤلاء الشباب جلسة شعرية لهم في اتحاد أدباء بابل، سأختصر الكثير لأقول أن الجميع طردوا بسبب نص ايروتيكي لكاظم خنجر حين أعلن رئيس اتحاد الأدباء جبار الكواز أنه ضد الأخلاق الإسلامية ونحن لا نسمح بذلك، عندها غادر الجميع بغضب كبير معلنين تمردنا وحربنا ضد صور الدكتاتورية التي لا تريد أن تغادر العراق، وقد واضب كل من (الشاعر كاظم خنجر، الشاعر مازن المعموري، القاص حسن الغبيني، الفنان المسرحي عباس رهك) على التواصل الثقافي والحوار في مقهى الجندول حيث أسسوا ملتقى الجندول وأقاموا عدة فعاليات شعرية وثقافية بروح جديدة ومختلفة لفتت أنظار الناس وحققت جمهورا كبيرا في ذلك الوقت، وقد آزرنا بهذه الفعاليات كل من الشعراء الشباب (احمد ضياء، علي تاج الدين، عباس حسين، إبراهيم الصالح، محمد كريم، احمد جبور، علي ذرب، حسن تحسين ووسام علي فيما بعد) كما كانت لقاءاتنا اليومية بمثابة عتبة لحركة ستحدث لاحقا، فالجميع كان يملك الطموح والقدرة على الإبداع، حيث أبدى الأصدقاء كل على سجيته أراء وتصورات لنص مختلف، مما جعلني اكتب مقالا نشرته في مجلة الطليعة الأدبية عن كل واحد من هؤلاء حسب ميوله وتطلعاته للتبشير بهم والتعريف بنصوصهم،

كاظم خنجر

كاظم خنجر

غير أن عباس حسين وإبراهيم الصالح غابا عن المجموعة لخلافات فيما بينهم، وقد دعى الشاعر كاظم خنجر في احد أماسي الصيف الرمضانية إلى قراءات شعرية في مقبرة النجف، غير أن الأمر لم يحدث ونسيناه، وبعد أن انقضى الصيف أعاد كاظم خنجر ذات الدعوة، فلبيناها واتفقنا على التجمع في الكراج للذهاب إلى مدينة النجف، وقدمنا أول فعالية مصورة فوتوغرافيا وقدمناها على صفحات الفيسبوك، فكانت الشرارة الأولى للتفكير في نمط جديد من الأداء الشعري، تتداخل فيه الفنون المسرحية والتصوير وغيرها من الأمور التي واجهتنا على المستوى التنظيري والعملي، ثم بدأنا باقتراحات مشتركة للبحث عن أماكن مختلفة ذات بعد دلالي لتفعيل فكرة المشروع، وكانت أماكن مثل بقايا السيارات المفخخة والألغام وسيارات الإسعاف والمفاعل النووي مقترحات كاظم خنجر، وهناك مقترحات مختلفة لنا كانت ستأخذ دورها حسب الأصول، إلا أن النجاح الذي حققه المشروع فتح أفكارنا على أشياء كثيرة وساهمنا جميعا في نجاحه في ضوء عملنا المشترك والمخلص.

بدأت أنا، بكتابة تنظيرات وأراء حول المشروع من اجل تأصيل الخطاب الثقافي والإمساك بالظاهرة المعرفية له، وقد اقترح كاظم خنجر أيضا اسما لم نرفضه على الإطلاق هو ميليشيا الثقافة، وقد ساهم هذا الاسم في ترسيخ الظاهرة الشعرية ونمو الأسماء الشعرية وبروزها في الساحة الشعرية العراقية الصعبة، وأقول الصعبة لان الوسط الثقافي العراقي شكاك ولا يلتفت إلى التجارب الشبابية على الإطلاق، والحقيقة إن المقولات الأساسية التي اعتمدها المشروع تتلخص في الأتي :

1ـ غياب التلقي الكلاسيكي : حيث لم يعد متلقي الشعر أو السماع للمنبر حاضرا هنا.

2ـ المكان: حيث أصبح المكان جزء أساسيا في المدخل النصي بصفته أيقونة شعرية حاضرة.

3ـ الفعل: هذا الاختلاف الأساسي للرؤية التي أخذت من الفنون الأخرى مفهوم الأداء لدرجة أن جسد الشاعر هو علامة تعمل على الكتابة أيضا، تقدم لنا الرؤية مفتاحا للتعامل مع النص خارج المكتوب، يشترك فيها المكان والجسد والحركة والصورة، كدال لكينونة كلية الحضور، انطلاقا من لحظة الغيظ الذي يشكله الواقع تجاه الجسد، صورة العنف، الاغتصاب الرمزي لإرادة الضد، لوجود ناقص يبحث عن كماله في الصراخ بوجه الفراغ، في استدعاء الموت لمقابر الناس واحتضان الغياب، في استدعاء بقايا المفخخات التي أكلت لحومنا دون أن ندري، اللعب في حقول الألغام والتوجس من لحظة الانفجار من قنبلة دارسة تحت التراب، إنها أفعال الجسد الذي يحركه الانفعال وليس التعقل أو المنطق العملي للحدث، كما لو إننا نتجسد كأمثولة عاطفية لتكون محور نزعتنا الأدائية في الشعر .

4ـ الصورة : نستطيع الآن أن ننظر إلى العالم من ثقب الكاميرا، إنها الكاميرا الوحيدة التي ترانا متوحدين في المكان، تساهم معنا في تقرير الشكل الجديد للنص، تعمل على استبدال تقنيات الخطاب، وتثير حساسية جديدة لنمو قلق المتلقي من حضورنا في الصورة والحركة، وهنا تكون أجسادنا هي المتكلم وهي النص وهي الحدث.

5ـ الجماعية بدل الفردية : يجسد التواصل مع المجموعة غياب الفردانية المؤقت، رغم أن حضور كل شخص يمثل وجوده الشخصي دون تحييد لإرادة الفرد في الفعل الحر ، حيث يسجل كل شاعر مهمته في التعامل مع اللحظة الشعرية مفردا لوحده في بيئة استعارية تنتقل من الجغرافيا إلى الكتابة .

6ـ الادعاء : سنكون أمام مهمة جديدة للشاعر، وعلي أن افرق بين الأداء المسرحي وصناعة دال علاماتي مفترض، يقترب من الإزاحة الاجناسية للشكل ويتداخل مع آليات الفنون الأخرى بما يشبه الاستعارات، لان ما يتبقى من كل ذلك هو الصورة وعلاقتها باليات التواصل السريع والفضاء الافتراضي الالكتروني المعاصر، لان صيغ وجودنا أصبحت مجرد افتراضات قابلة للمحو والتزييف والنفي، حيث كل شيء قلق ومتغير يستجيب لعوامل الضغط المجاورة بسرعة مثل الصوت والضوء والحركة وحتى تعليقات الأصدقاء ومن يتساءل عما يحدث (هل هناك شيء؟، ماذا يحدث؟، من هؤلاء ؟ كيف حدث ذلك؟ الخ) بمعنى أن الشاعر هنا ينتقل من لحظة التلقين عبر المنبر الكلاسيكي أو منصة القراءة التقليدية إلى لحظة الحوار مع الخطاب الذي تحمله الصورة (المكان /الفعل / الجسد / الذات).

7ـ الوثائقية : حيث يصبح النص بمثابة وثيقة تسجل الواقع، وتشترط بالنتيجة الحتمية التخلي عن الاستعارات الشعرية والمجازات والأساطير، لأنها تعني تغييب الواقع وتغطية الحقيقة، فيما نصرّ نحن على كشف الحقيقة وتعرية الأقنعة.

أحمد ضياء

أحمد ضياء

الحقيقة أن هذه المنطلقات لم بفهمها بعض الأصدقاء، وقد تم تشويه الأسس المتفق عليها في ضوء تصريحات مجانية للبعض ومحاولة إسقاط الانفعال الشخصي على المتن الأصيل للمشروع مثل تصريح الشاعر احمد ضياء ملخصا المشروع بالقول (التماهي مع الواقع لأننا أبناء الحرب والخراب والدم) وهذا تصريح خارج الموضوع لأنه توصيف عام يشمل كل شخص يكتب الشعر في ظل الظروف الحالية للمنطقة كلها، وإلا ماذا يقول أي شاعر في فلسطين أو سورية مثلا .

إن المشكلة التي استبعدت أربعة شعراء هي عدم تفاعلهم الصحيح مع المشروع وعدم فهم القضية بالكامل، وحاول احمد ضياء أن يسيء لعلاقتنا بالشاعر عبد الرحمن الماجدي الذي جهد في نشر مجموعة مشتركة لنا ونحن نقدر هذا الجهد فهو امتياز رائع قدمه الأستاذ عبد الرحمن الماجدي، لكننا نأسف فعلا لان احمد قال على لسان أحدنا (الميليشيا مستعجلة) أو (أنا لا أؤمن بالميليشيا) وغيرها من الأشياء التي تسيء لسمعتنا كشعراء لهم حضورهم في المشهد الشعري اليوم ، فأنا استغرب تماما من هذا التصرف واعده غير مسؤول وعليه أن يراجع نفسه كثيرا لأننا قبل كل شيء بدأنا أصدقاء ويجب أن لا ننتهي بادعاء بطريقة غير لائقة.

من هنا كان مفهوم الضيافة، فالضيف هو الغريب الذي لا ينسجم مع مجموعة المفاهيم الواردة والمتفق عليها رغم وجوده معنا، فالأصدقاء (احمد ضياء، علي تاج الدين، وسام علي، احمد جبور) ظلوا يطوفون حول التقليعة غير قادرين على التنافذ معنا والولوج إلى المحتوى الدلالي للظاهرة الشعرية بكل تفاصيلها، فنحن لم نكن نتوقع كل هذا التشويه من قبلهم ومحاولة سرقة جهود الآخرين بهذه الطريقة الساذجة، فقد اثبتوا أنهم ضيوف وقد حان رحليهم إلى الأبد.

ملاحظة :

كتب هذا البيان مازن المعموري ووقع عليه كل من :

1ـ كاظم خنجر

2ـمحمد كريم

3ـ علي ذرب

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.