الرئيسية | حدائق الكتب | ليون الإفريقي، أمين معلوف

ليون الإفريقي، أمين معلوف

p61تحميل الكتاب:

يتميز أمين معلوف بقدرته الرائعة على الجمع بين حكمة الشرق وتقنية الغرب ، وبعد أن تنتهي من قراءة روايته “ليون الإفريقي” والتمعن فيها ، تشعر بأنه استخدم كالسينمائي البارع عدستين بمهارة فائقة : عين الطائر والعدسة المقربة ….فهو قادر على رؤية الأحداث ضمن شمولية تاريخية قدرية ، وقادر على تمييز أدق التفاصيل ببهجتها وبشاعتها.

إن قارئ هذه الرواية ودونما وعي منه يجد نفسه مشدودا إلى أحداثها بحبل من الحنين الآسر ، ومعجبا ببطلها حتى لكأن كل الشخوص تتلاشى بجانبه ، يتضاءل الملوك والأباطرة ويذوب رجال الدين والسياسة في حضرة هذه الشخصية الفذة ، وأنت تتلمس خيوط الرواية يأخذك معلوف معه إلى غرناطة مسقط رأس الوزان ، ليبعث فيك مشاعر الانكسار والأسى وأنت ترى أخر المسلمين يهجر قسرا من اسبانيا فيسقط الهلال الذي طالما علا هنالك ، ثم إلى فاس حيث تشهد أحط مظاهر الانحطاط وأخسها ، كيف لا والذين أنهكتهم محاكم التفتيش يجدون من يتاجر بأوجاعهم في هذه المدينة التي يباع فيها كل شيء من الملح إلى الوطن ، فلا ترى إلا السوقة والعوام من يبكون أندلسهم المفقود ، وكلما سافرت مع هذا الرجل توضحت لديك الصورة أكثر فأكثر ، لتعرف تاريخ العامة لا تاريخ السادة والسلاطين ، فتشهد معه أحوال غرب إفريقيا وممالكها الإسلامية في اواخرالقرن الخامس عشر ميلادي ، ثم يأخذك إلى القاهرة في أحلك أوقاتها ، صراع الإخوة الأعداء : العثمانيون في صعود وورثة المماليك في أواخر أيام الحصاد كما يقول العامة أو قل مذبحة القاهرة سنة 1517م ، وفي كل مكان وفي كل زمان ستجد الأحكام جاهزة أمامك دون عناء ، ستعرف من كان خائنا ومن كان سفاحا ، من كان رجلا ومن لبس قناع الرجولة ولما صعد السلم قذف به بعيدا إلى البحر ، وفي غمرة تصاعد الأحداث سواء على المستوى الرواية كعمل فني ، أو على صعيد التاريخ تجد نفسك في قمة القمم : روما ، مدينة المجد الروماني القديم وعاصمة البابوية ، هناك يجد بطل الرواية نفسه دون إرادة منه ، هي الأقدار ساقته إليها ليصنع لنفسه مجدا آخر ، بعد رحلة اختطاف عسيرة يعتلي هذا الفارس صهوة المجد ، لقد عُمّد على يدي ليون العاشر بابا روما مابين سنتي ( 1513م و1521م) ، وأصبح ليون الإفريقي من أسرة أل ميديتشي الشهيرة ، وهناك في روما حيث كانت مصائر الناس تُصنع ، يجد نفسه ممن يصنعون تاريخ أوروبا وهو الذي لم يستطع حتى التفكير في تاريخ أهله وأمته ، فيشهد صراعات الكنيسة وشارلكان إمبراطور اسبانيا الطامح ، ويحاول عبر دبلوماسية الحلول الممكنة إنقاذ البابوية وآل ميديتشي ، ويجد نفسه في وضع غريب جدا : فهو يسمع بانتصارات السلطان سليمان القانوني في شرق أوروبا ، أيفرح بما يفعله أبناء أمته القديمة ؟ أم يأسى على حال أبناء دينه الجديد ؟ إنها المعادلة المستحيلة .

أمين معلوف أديب وصحافي لبناني ولد في بيروت في 25 فبراير 1949 م، امتهن الصحافة بعد تخرجه فعمل في الملحق الاقتصادي لجريدة النهار البيروتية.

في عام 1976 م انتقل إلى فرنسا حيث عمل في مجلة إيكونوميا الاقتصادية، واستمر في عمله الصحفي فرأس تحرير مجلة “إفريقيا الفتاة” أو “جين أفريك”، وكذلك استمر في العمل مع جريدة النهار اللبنانية وفي ربيبتها المسماة النهار العربي والدولي.

أصدر أول أعماله الحروب الصليبية كما رآها العرب عام 1983م عن دار النشر لاتيس التي صارت دار النشر المتخصصة في أعماله. ترجمت أعماله إلى لغات عديدة ونال عدة جوائز أدبية فرنسية منها جائزة الصداقة الفرنسية العربية عام 1986م عن روايته ليون الإفريقي، وحاز على جائزة الجونكور، كبرى الجوائز الأدبية الفرنسية، عام 1993 عن روايته صخرة طانيوس. قام د. عفيف دمشقية بترجمة جل أعماله إلى العربية وهي منشورة عن دار الفارابي ببيروت. تميز مشروع أمين معلوف الابداعي بتعمقه في التاريخ من خلال ملامستها أهم التحولات الحضارية التي رسمت صورة الغرب والشرق على شاكلتها الحالية.

تحميل الكتاب

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.