الرئيسية | فكر ونقد | لافتات الغرق في زحمة المياه | أحمد ضياء

لافتات الغرق في زحمة المياه | أحمد ضياء

أحمد ضياء (العراق):

 

 

ثلاثة لم نكن نعرف السباحة، لم ندع للغرق خوفاً ينتابنا في أي لحظة، همُّنا الوحيد أن نصور المشروع على أكمل وجه لننقل معاناة من غرقوا.

لملمت الشواطئ جثث الأبرياء ممن هرب من ذعر القنابل ليتجه صوب أماكن تضمن لهم العيش على أقل تقدير بحرية، ظناً منهم أن الدول الأخرى ستكفل حقوقهم الإنسانية وتسهم في تهذيب ما تراكم من ذاكرتهم وذواتهم مصحوبة بصور التفخيخ والقتل والتفجير والتهجير، أجل. إنه الإرهاص الأساسي الذي عانى منه أبناؤنا ممن رضعوا الخوف وأخذوا يستلقون الغرق للبحث عن متنفس ما ليصل بهم الحال نحو بوابات لا رجعة منها.

شكل مشروع ميليشيا الثقافة بعداً آخر إذ وجد من الغرق الجماعي هيمنة على ذاكرة الأمهات وهنَّ يشاهدن الأطفال يموتون بالماء والنساء يرضعن البحر حليب الاستغاثة ومواجع الفراق، وأخذ الماء بعداً آخر مغايراً عمّا هو سائد ومتعارف عليه فلم يعد لأجل استمرارنا بالوجود ولم يكن هو المخلص من حالات الطوارئ فإن ثيمته الأساسية الآن غودرت وأنتجت بلحظة سيمترية أخرى مغايرة للمتوقع والمألوف كما أنه اتسم بوحشيته المقيتة في حشّ حشاشة الأطفال وتركهم يغرقون في تلافيف وجهه.

مناجل الموت التي عنت منها الهجرات التي اتخذت البحر رداءً للهرب من أفكار السلطة الدكتاتورية وبعدها الاستبدادي الذي عانى ما عاناه الأبرياء منها، لسنا اليوم مع جهة معينة، نعم كما قلناها سالفاً لسنا مع أيَّةِ أيديولوجيا ولا مع أي متصدر للمشهد نحن في خضم معالجة الألم المترامي في أعماق البحار الكثير من الموتى لم يصلوا الشواطئ بل إلتهمتهم أسماك البحار اليوم نخلع عنّا ضيماً مختلفاً، نزغوا عن الشظية لنجد أنَّ البحر الشظية الأكبر التي إلتهمتنا .

ولّاعات الحرية استهلت فؤاد كل فرد بدء يلاحظ الموقف وينتزع مسافات الألم والضجر العربي الذي عاد عليه بالموت ، أخذ يرنو صوب حياة أخرى لا توقعه في نسف المطب، فويق هذا الأمر وهذه المصاعب وعدم اكتراثنا نحن أيضا بأرواحنا كوننا لا نعرف السباحة إلّا أننا آثرنا على أنفسنا إلّا أن نقدم هذا المشروع إلى العالم, وسأختار مقاطع من نصوص الأصدقاء المشاركين معي في المشروع.

 

أحمد ضياء / البروفة الأولى للموت

شادُر الماءِ أمسى بعبعاً ينُشني عبر مجساتِ القارب

إذ ترميني

عيوني تجفف النصر تحمله في طياتها

أبحلق في الأفق أجد

كاسيتات النعومة

تغلف حرياتنا

أغرق بلعاب الطفل الذي طمره البحر.

عبد الحسين الحيدري ( أيُّها البحرُ أيُّها التنين إغلقْ فَمَكَ )

طرق المنافي التي طحنت أرجلنا

ورياح الغربة التي سحقت رئاتنا

ومآسينا في الليالي التي دوختنا

نحن الهاربون من الموت إلى الموت

ومن قبر في بلادنا

إلى قبر في منافينا

نقرأ أبجدية السراب

 

علي تاج الدين (وطنٌ يتَّكئُ على الماء)

للمنفى أفواهٌ تلتهمُ عبيرَ الأكوان

وللوطن أفواهٌ أوسع

الظلالُ تسيرُ نحو قيعانَ بلا مياه

هناك حيث الدخان يملأ السحاب

يملأ آلافَ النواعير السفلية بالحصى

حيث الألسن تقتات الجبالَ

تلك الجبالُ التي تسنُّ أذرعها قبل أنْ تمدَّها على جنائن مترامية بالخراب

الخرابُ الذي ملأ الأفواهَ بالمنافي

هناك بقايايَ .

وسام علي (على اليابسة يرانا الجنود)

 كوجبة لم تدرج في قائمة الطعام،

 إلى أنْ عرفنا أنَّنا أسماك

 تخنقنا النجَّادات.

****

شارك في مشروع ميليشيا الثقافة:

عبد الحسين الحيدري

أحمد ضياء

علي تاج الدين

وسام علي

صوّر المشروع السينمائي العراقي القادم من النرويج

ماجد شرارة .

***

مع الشكر للطفل الذي أدَّى دور الغريق محسن الجفلاوي .

شكراً للصديق محمد الجبوري لمساندته مشروعنا .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.