فيما مضى
………
فيما مضى
كانت لي طقوس غريبة
كأن أزور مريضاً لا أعرفه و لا يعرفني
كأن أسكر وأقصد مخفر الشرطة
لأبيت ليلة هناك بملء إٍرادتي
معطفي كان خزانة كتب
وورشة عملي كانت دائماً: الخيال
كنت أفعل ذلك
مأموراً من الشعر
مشيت حافياً تحت الشتاء
مخرجاً لساني
لتشرب كآبتي
نبيذ السماء المعتّق
صححت أشجاراً كثيرة بيدي
و لأن الخريف شقيقي
طلبت منه أن يترفق بشجرة اللوز التي أحبّ
تلك التي كنت أسكر تحتها
متوجّعاً من غياب الحب
حين تزهر شجرة اللوز
يسقط الثلج من عيني
وأتذكر من أودعت قلبها في طحالبي
لأعيش معذّباً
ولتموت هي بهدوء في أحضان رجل آخر
أه أيها الحب
ابقَ هناك في الماضي
صامتاً ومحنّطاً مثل مومياء
دعني وشأني
لا رغبة لي في الكلام عنك
سأكتفي بمشاهدة جثتك الرائعة
ـــــــــــــ
قلت لهم
…….
قلت لهم
أنّي جمعت ما يكفي من الزلازل
كي أمشي مطأطأ الرأس
غير راغب في إضافة المزيد من الأشباح إلي خزانتي
وقانعا بالضجر
قلت لهم
أنّي كلما استيقظت من النوم
وجدت مسدسات كثيرة تشهر فوهاتها نحو رأسي
فأتسمر كجبل جليد
رافعاً ابتسامتي إلي أعلي
ومسلماً كلّ ما جنيته من الليل
قلت لهم
أنّي لم أعد
الناطق الرسمي باسم الجياع وذوي العاهات
ولا الجموح الذي كان يقلب الطاولة
علي الظلام
ولا الرجل الذي سيأتي محملا بالشلالات
ليطفيء حرائق العائلة
كما كانت تتنبأ الأم
ولا أي شيء، ولا أي شيء
بل صرت كل يوم
أضع اللمسات الأخيرة علي جنازتي
أطوف المدن مقبرة.. مقبرة
وأسأل حفاري القبور
عن موعد الدفن
قلت لهم
أني منهك وبردان
ولا داعي لانتظاري
كي أنازل العالم من جديد
فالأنفاس التي تبقت بحوزتي
بالكاد تكفي لأشعر بالذنب
قلت لهم كل ذلك
فلم يصدقوني
رغم أني كنت أتكلّم عارياً كهوا