الرئيسية | شعر | في يوم جمعة كئيب | أحمد المهداوي – المغرب

في يوم جمعة كئيب | أحمد المهداوي – المغرب

 

(1)

في يوم جُمْعةٍ مطيرٍ، كئيب

مارًّا كُنت بجانب إحدى النِّساء

أرسلت يدها أمام عيني تسألُ اللَّه في السَّماء

تقول: يا اللَّه لماذا تركتني هُنا بلا مُعينٍ في الحياة

ألا يهمُّك أمري، وأمرُ صبيتي الصِّغار!

لا معيل لنا، لا بيت يُؤوينا، ولا دار

وبما أنَّك اللَّه، وكلُّ شئٍ عندك بمقدار

هل قدَّرت في ملكوتك أن يموت زوجي، وأطفالي الصِّغار

بأيِّ ذنبٍ عاقبتني، أيُّها الجبَّار؟!

لا من مجيب…

رُبَّما المُخاطبُ مشغولٌ بتقليب العرائض القديمهْ،

أو يتدارسُ مشاريع خلقٍ، جديدةٍ/قديمه!

 

(2)

ثمَّ فكَّرتُ، وقلبيَّ يتقطَّعُ على الأرملةِ الثَّكلى،

وهْي تشتكي للَّذي لم توقظهُ من سباته شكاوى السِّنين،

ألمْ يحزَّ بنفسه موتُ الجِيَّاع، والمتشرِّدين

ألمْ يثرهُ منظرُ العاكفين على حاويَّات القُمامة،

والبائعات أنفسهنَّ عند قارعةِ الطَّريق المُزدحم بالميِّتين

ألمْ يُؤنِّبه ضميره، ولو للحظةٍ من لحظاتِ الأمم الغابرين

ألمْ تقضَّ حروبنا، شتائمنا، صراخاتنا،

واستغاثاتنا مضجعهُ مُنذُ ملايين السِّنين؟!

لا مجيب…

ربَّما لم ينس زلَّة تُفَّاحة آدم القديمه،

ربَّما لم تطمسِ السُّنون من مِخياله معالم الجريمه!

 

(3)

من بطن بكّة العليلة،

تعرجُ إلى سمائه ملايينُ الأفواه تشكو بكلِّ اللُّغات

تتضرَّع برفعِ الأكُفِّ إلى الحاضِن كرسيِّه في السَّماوات

تبكي، تنتحبُ، تسكبُ الدُّموع منسابةً كالمزاريب

ملأى بصنوفِ الأدعيَّة، والابتهلات،

وعلى نفس المنوالِ تتمسَّحُ على حائطِ المبكى الآهات

ترثي النُّفوس نفسها، وترسلُ غيوم الحشرجات

تبللُّ بالدُّموع وجه أرضٍ قاءت من ملوحةِ البُكاءات

هناك! تبكي، تشكو للرَّب كنيسةُ القيَّامة سوء النِّهايات،

والكلُّ يلعنُ البدايات

في كلِّ الدِّيانات

ألمْ يصل بعد الدُّعاء إلى الحاضِن كرسيِّه في السموات؟!

لا من مجيب…

ربَّما العلاقةُ بين الأرض، والسَّماء سقيمه،

ربَّما ضايقتهُ كلُّ تلك الأدعيَّة الجديدة، والقديمه!

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.