الرئيسية | سرديات | سحر المرضي.. | مصطفى الجرتيني

سحر المرضي.. | مصطفى الجرتيني

مصطفى الجرتيني

جلس “المرضي”، هكذا كان اسمه الذي لا يمت بصلة إلى شخصه “المسخوط”، فوق كرسي بوكالة للقروض متأبطا ملفا بأوراق عديدة، واضعا رجلا على رجل محركا إياها باستمرار. حضن رأسه بيديه بعدما تخلص من الملف و وضعه فوق كرسي ظل شاغرا بجانبه، ملقيا ببصره إلى الأرض التي يلمع بريقها بعدما خضعت لعملية تنظيف شديدة على يد امرأة منهكة القوة.

يزيح يديه من فوق رأسه ليخصعهما لعملية فرك طويلة معلنا عن طول الانتظار و النسيان الذي طاله من طرف المستخدم الذي لم يبرح الهاتف أذنيه. ينتهي من الفرك ليباشر قضم أظافره الطويلة التي لم تر يوما مقصا، و هو في حالة من العصبية و عدم الشعور بالأمان اللذان بديا جليين على محياه.

تقدم إلى المستخدم مرتعشة أطرافه، غزير عرقه، خارج فساؤه، أقرأه السلام و التحية، جلس فوق كرسي واضعا  عليه “دفة” مؤخرته و تاركا الأخرى كمن يستعد للفرار في أية لحظة، قدم له الوثاثق و “الكارني” ثم غرق في نوبة من التفكير..

– ترى هل يقرضونني هؤلاء الجشاع قرضا حسنا أضيفه على الذين سبقوه و يضاعف لهم أجرهم و فائدتهم، و أؤدي أنا بذلك مستحقات أصحاب المدارس البشعين؟ و هل سيفرجوا عني كربتي و أشتري ذلك الكبش الذي جعلوا منه “فزاعة” يهددوننا و يخيفوننا بها كل موسم؟.. تتناسل الأسئلة و يسرح التفكير ليباغثه الموظف:

– لا يمكننا سيدي منحك أي قرض إضافي.. لقد تجاوزت العتبة و تخطيتها.
يسمع العتبة و يستفيق من سهوه متسائلا:

– و من هؤلاء الذين وضعوا لي هذه الأشياء في العتبة حتى أتخطاها؟..
يجيب الموظف ساخرا:

– إنها عتبه القرض يا عمي و ليست عتبة السحر…

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.