محمد شاكر
تَريَّثْ قَليلاً..
وإنْ هَجرتْكَ الْجِهاتُ .. إلى أرْض لا أحَدْ..
وإنْ بَقيتَ خاليا مِنْ خُطوطِ طولٍ وعَرْضٍ..
تَشُدُّ أزْرَ الْبَلدْ.
وإنْ تَوهَّمْتَ فصْلاً، لا يَعْقُبهُ فَصْلٌٌ..
وتاريخًا. .
مِنْ أثَر الْخَيْباتِ تَجمَّدْ..
صارَ دَمًا. .
على صُفْرةِ قِرْطاسٍ ، مَشْروخ الْحِبْرِ. .
مِنْ فَرْطِ الْكمَدْ…
تَريِّثْ قَليلاً..
ما دامَ في النَّبْضِ دِفْءٌ يَسوقُ خَطْوكَ..
في تيهِ أرْضٍ..
لرُبِّما يَرْسو بكَ صَبْرٌ جَميلٌ..
عَلى أثَرٍ مِنْ آلاءِ الْوَلدْ.
تَريَّثْ قَليلاً..
ما زالَ عَلى النَّخْلِ عَراجينُ وفاءٍ…
تُوزَّعُ في طَبَقِ الشُّعراء .
ما زالتْ تَلْويحَةُ السَّعفاتِ..
تَهُشّ عَلى القَلْبِ بأخْضَرِ الْحُبِّ
ما هَبَّتْ عَليْها ريحُ الشَّوقِ
وانْفَسحَتْ كُثْبانُ الصَّحْراءِ..
في هِدايَةِ الشَّمْسِ.
ما زالَ حَريرُ الرَّمْل مَفْروشًا. .
لِخطْوكَ الْوَلْهانِ..
تَسْري عَليْهِ إلى قِرَى اللَّيْلِ
ونارِ الأحْلامِ.
ما زالَ الأفْقُ مُشْرَع الشُّرُفاتِ
على رَحابَةِ روحٍ..
تُطِيِّرُ فيها عَصافير الْكَلامِ.
تسمع أصْداءَ النَّشيدِ..
آيِبَة إِلى وَطَنٍ كانَ.
تَرَيَّثْ قَليلاً…
فَكَثيرٌ مِنْكَ يَبْقى ..
في جُرْحِ الْواحَةْ..
شَجَرًا غَضّاً..
ومَرايا ماءٍ
يَنْسابُ بِحُلمكَ الأكْبَرْ.
لن يَمْشي في رَكْبِكَ الْهَزيلِ..
إِلى غِيابِكَ الطَّويلِ.
تَريَّثْ قَليلاً..
ربِّما يُغْمدُ الْوقتُ مِخْلَبهُ..
يَعِفُّ عَنْ جِراحاتِ الرُّوحْ
تَتَدانى أطرافُكَ مِنْ كُلِّ هَجْرٍ عَميقْ..
إَلى جَسَدٍ تَعافى ..
مِن ْأثَر النُّدوبِ، وَخَيْبةِ الرَّفيقْ.
ربَّ شمْسٍ في مَطْلعِ هَذا الصَّباحْ..
تَكْتُب بالضَّوْءِ..
ما عَمِيّتْ عنْهُ امْتِداداتُ الصَّحارى
فِي تيهِهَا اللَّيْلي..
وانْخِفاضِ سُقوفِ السَّماءْ.
يَقْرأ النَّاسُ مِنْ سِفْرِ الحُبِّ الْمُتاحْ
ما يُقيمُ أوَدَ الْوَقْتِ..
قَبْلَ أنْ يُطْوى الْكِتابُ. .
عَلى سِرِّهِ المُباحْ.
جميل…
شكرا على الإمتاع شاعرنا المتميز سيدي محمد شاكر