الرئيسية |
شعر |
بياضات تسرح فيها ملائكة النمل | عبد الله زريقة
بياضات تسرح فيها ملائكة النمل | عبد الله زريقة
عبد الله زريقة (المغرب):
1
يبدأُ الفلاسفةُ بنجمة في الفوق
ليصلوا إلى كلمة في التحتِ
أما الملائكة فكقطط السّماء
يلحسون ما يتصوّره الشعراء
في الأرض
والنّاس كثيرون جدا
حتى أنّ ظُلمة اللّيل
لا تصل إلى النفس إلا متأخّرة
وحتّى أنّ الصّحراء أصبحت
أصغر من قصيدةٍ
والملاك كورقة بيضاء
تنتظر قصيدة شيطان
لكن لا أحد قال من قبل
الكلمة التي ستأتي بعد
وتغيّر اللغة كلّها
كلّها.
2
وسترى الكلمة تهرب منكَ إلى الشّيء
الذي لم تره بعد حتّى إذا رأيته
تهرب منك إليك
وسترى أنّ الخوف هو الذي سمّى كلّ الأشياء
وأنّ الرعب
هو الذي يفتح
سراويل الشعراءِ
3
وستعلم أن نقطةَ واحدة تستطيع أن تعبّ كلّ هذا البياض الذي تغرق فيه هذه الورقة
4
وأنّ النّاس تتجمّع حول بُصاق ذباب
ولا تتجمّع حول شطحة كلمةٍ
5
وأريد أفقا عموديا
حتّى إذا تعبت منه
صعدت فيه
وأريد سماءً كلّما نظرت إليها
هبطت إليّ وكلّمت نظرتْ إليّ
صعدتُ إليها
وأريد أن أخرج من ظُلمة ترى
إلى ظلمة عمياء لا ترى ظلمة
أخرى
6
اصعد إلى الفوقِ
وحين لا ترى نفسك في التحت
القِ بنفسك
وقف في جهة من الشارع
لترى الجنازة التي تقود
نعشك إلى الجهة الأخرى
وفي المقبرة
انظر جيّداً
إلى حبّات التراب
الذي سيُواري جسدك
وخارج المقبرة لا تقل لأحد إنّك ميت
7
وهناك أشياء تملّ نفسها
فتستسلم لقرصنة الوصف
وأشياء ترتعد من “رفرفة”
عين شاعرٍ
وأشياء أخرى تُرعبني
فأحي بأني أنا الشيءُ
وهب فقط وحدها
العينُ
8
وليس هناك أروع من النّملة
التي تسرح في يد هذا الإله
ولا من هذا الحلزون الذي يلحس
أذن هذه الآلهة
أو من هذا الفأر الذي يدغدغ
إبط هذا الوجودِ
9
ولا تكتب في هذا البياضِ
الذي تسرح فيه ملائكة النمل
ولا تقرأ في تلك الورقة
حتّى لا تكشف الإلهَ
المختبئ وراء كلمةٍ
لكن كن شيطانا
إذا رأيت
إلهاً
10
لا يزيل خوف الكلمات
سوى التأويل
ولا رعب النّقطة
سوى الحذف
ولا رهبة الحواشي
سوى النسيان
11
لا غير
القارئ يقرأ ما يبرّر فعل القراءته
والكاتب يكتب ما لا يبرر فعل كتابته
12
خرجت الكلمات من الصّحراء لغير
رجعةٍ
وخرجتُ أنا من النّص لأرتكب
آثاما أخرى
ليست من الكلمات
13
ولم أفهم هذه الميتافيزيقا
إلا حين سال مني دمٌ كثير.
بيضات تسرح فيها ملائكة النمل راهن القصيدة العربية: الوجود بالشعر عبد الله زريقة 2016-02-23