القصيد وجع لذيذ يمتح من الم الكون وهج الحياة | محمد شيكي

محمد الشيكي (المغرب):

ما القصيدة إن لم تكن قصْداً.  والقصد وعي ثائر يقض مضجع المسلمات ويسحب من تحت سلطانها بساط مصادرة الرؤية الواحدة. وينزع عنها سفر القداسة بما يجعل من قصْد القصيد تمردا مشروعا ينتفض من لحظات الانكشاف منتصرا للأشياء الحاضرة / الغائبة  الفاعلة في تكوينات الوجود و وهسهسات الروح اليقظة في حالات تبتلها وانصهارها مع المعنى النظيف .

القصيد وجع لذيذ يمتح من الم الكون وهج الحياة ويفتح فيه كوات لانسيابات الأمل، لها بدل الباب الواحد مدخلات يفتحها الشعر بأياديه الرحيمة، ناسجا منها علامات مضيئة للدخول إلى الآفاق الرحبة  يظللها شجر كثيف  ترقص فوق أغصانه فراشات الشاعر  على إيقاع جنونه العاشق للحياة  الكريمة النابضة بالأمل والعنفوان.

الشعر كان مذ كان الإنسان .

كان انفلاتا جميلا ؛

وكان انزواء صوفيا في واحات الذات حين تتصحر أرض العالم، بجموح العقل  وجنوحه نحو ردة منطقه ويملأ الفضاء بالسديم.وحين تسدل العتمات عراجينها المثقلة بالسواد وصبيب الأحزان ؛ حينها لا تملك الذات إلا أن تتوسل بشعرها وصفائها المنذور للتأويل والتفسير وإقامة البرهان على حق الإنسان في أن يظل على الأرض يحاور قيم الوجود، ويعيد بناءها بأسئلة الجمال، حينها يراهن قصْدُ القصيد على بلاغة الرموز وسحرها  وقدرتها على ملء الفجوات ودحر الاعطاب بأقصى توظيف ممكن للغة  تنفجر من لحظات الانفصام والانفصال بين الإنسان والإنسان، التماسا للمسافات الممكنة التي يصير فيها حق الهواء مشروعا للجميع بنفس الكم ، لكن ليس بنفس الكيف لان من حق الواحد منا أن يعيد تشكيل هوائه كما يشاء ومن حق   أن تزهر في حدائق شتى زمن حق القصيدة أن تختلف…