الرئيسية | سرديات | التربية العاطفية: ألف قصة وقصة عن مغرب لا ينتهي | حنان الدرقاوي

التربية العاطفية: ألف قصة وقصة عن مغرب لا ينتهي | حنان الدرقاوي

حنان الدرقاوي

 

اسمي نعيمة و عمري خمسة وثلاثون سنة وأسكن مدينة الريصاني في الجنوب الشرقي. مدينة أسسها مولاي علي الشريف وهي موطن للشرفاء العلويين. مشكلتي هي أنني أخاف من الزواج. تقدم إلى خطبتي رجال كثيرون ولأنني أحب فترة الخطوبة فقد وافقت على ثلاثة منهم. ما أن يصير الأمر جديا ويلزم تحديد موعد العرس أمرض. أصاب بأعراض غريبة كالشلل في اليد اليسرى وغياب الشهية وآلام مبرحة في الظهر وقرحة في المعدة. أمراض تجعلني أحس   بتعطيل قدراتي فأبادر إلى فسخ الخطوبة.

الأمر مستمر هكذا منذ سنين، تبادلت قبلا مع  الرجال الذين خطبت إليهم والأخير لمس نهدي لكن ما أن أراد أن ينال المزيد حتى أغمي علي وكدنا ننفضح إذ كنت أزوره خفية في شقته.  التفكير في الجنس يجعل قواي تخور وجسدي كله كتلة نار، تصيبني الحمى والرعشة والفزع الشديد.

كبرت في أسرة محافظة دون تعصب، درست إلى أن قررت أن أوقف الدراسة لأنني لا أستطيع التركيز كثيرا فيها. أهلي يسمحون لي بالخروج مع صديقاتي إلى الشارع الرئيسي والسوق. يشترون لي ما أحتاجه من ملابس وحلي. أمي امرأة متفهمة وقريبة مني وغالبا ما نضحك سوية ونتناقش في أمور الحياة والحياة بالنسبة لأمي هي الزواج. تحادثني في كل شيء إلا الجنس. مرات عديدة أود أن أسألها في الموضوع لكني أحرج فأصمت. أمي تعتقد أنه لا حياة خارج الزواج خاصة لامرأة.

كانت أمي  في البداية تحاول أن تتفهم خوفي من الزواج لكنها انتهت الى الاعتقاد أنني أحب شخصا لا يستطيع التقدم لخطبتي. خافت من الفضيحة فطلبت شهادة عذرية. خضعت للإمتحان وأنا أعرف أنني عذراء وأن خوفي كله هو من الجنس. بعد انفصالي عن الخطيب الثالث بدئ أهلي يسيئون التعامل معي. يمنعوني من الخروج ويزيدون في مسؤولياتي المنزلية هكذا صرت وحدي أتكفل بكل أشغال البيت. سوء المعاملة هذا جعل صحتي تسوء وزادت حدة نوبات الاكتئاب التي أصاب بها. زرت مولاي علي الشريف وطلبته أن يفك عقدتي، زرت الحامات واغتسلت بالماء الحارق عل الشيطان يخرج من جسدي. لاشيء ينفع.

الأمر أكثر سوءا حين أذهب الى النوم، أظل أتقلب دون أن أجد النوم، تنتابني نوبات جزع فظيعة فأتخيل نفسي ميتة و أهلي  يدفنونني. يا خوفي أن أموت قبل أن أذوق مباهج الزواج حسب ما يقول الآخرون أما أنا فلا أرى في الزواج أية بهجة.

حاولت أن افكر في أسباب حالتي وبدأت أستعرض شريط حياتي منذ الطفولة. شريط يمر  في مخيلتي كل مساء. أرى طفولتي حين كنت ألعب في الزقاق وأبتل بماء المطر، أتذكر اليوم الأول في المدرسة التي كنت أحبها في البداية لكن فهمي كان ثقيلا والأساتذة لم يكونوا صبورين معي ويعاقبونني كثيرا هذا سبب لي الهلع طيلة فترة الابتدائي.

في فترة الإعدادي صرت أحسن حالا. بدأت أفهم وأحصل على نقط متوسطة مكنتني من النجاح كل سنة.

في السنة الأولى إعدادية تعرفت على فتاة اسمها خديجة تسكن قرب مربط الحمير ” الركيب” في الطرف الآخر من المدينة. كنت أذهب عندها لكي نراجع دروسنا. كنت أنتظر بعدها أخي ليعود بي إلى البيت  خاصة حين يحل الظلام.

ذات يوم أنهينا المراجعة مبكرا فجرتني خديجة إلى النافذة وقالت

–              سترين منظرا لن تنسينه أبدا

–              ما هذا المنظر؟

–              ستعرفين

فتحت النافذة ورأيت صفوفا من الحمير المربوطة ربما يقارب عددها تعداد ساكنة الريصاني. قالت صديقتي بأن انتظر. ما الممتع في منظر حمير مربوطة؟ انتظرنا خمس دقائق ثم جاء جمع غفير من الرجال وقالت صديقتي

–              المشهد سيبدأ الآن ركزي جيدا مع الرجال ومع ما سيفعلونه.

ركزت على مجموعة من الرجال لحظة. فجأة رأيتهم ينزلون بناطيلهم ويركبون الحمارات وهم يتأوهون. كانوا عراة وزبوبهم في عانات الحمارات. انتهى المنظر حين انتشوا وكانوا يصرخون من اللذة. شعرت بالغثيان وأنا شاهدهم ينصرفون كأنهم لم يفعلوا شيئا مخلا ثم أتت جماعة أخرى من الرجال.

أصبت بالإغماء يومها وحارت صديقتي من أجل إيقاظي، جعلتني أشم بصلة لكي أستفيق. منذ يوم الركيب ارتبط الجنس لدي بمنظر الحمير والرجال.  لم أعرف من منهم الحمير.

لا أستطيع أن أتزوج لأن هاته الصورة ترتسم أمامي كلما فكرت في الجنس.  كانت تلك الصورة  كل ما أعرفه عن الجنس. في حياتي لم أتلقى أية تربية في الموضوع، لم يحادثني أحد عن هذا الأمر الضروري في الحياة. كانت كل تربيتي في الموضوع هي رؤية تلك الفظاعات التي رأيتها في الركيب. لا أريد ان يفعل بي زوجي مايمكن أن يفعله مع حمارة. آه لو أجد في هاته المدينة زوجا لم يعرف حمارة قبلي .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.