الاثنين | حسن إبراهيم حسن
حسن إبراهيم حسن (سوري)
الشعرُ فاكهةُ الحصارِ ،
و أنتِ فاكهةُ القصيدةِ ‘
كان يلزمني حضوركِ في القصيدة
كي أخفِّفَ وطأةَ القتلى على لغتي .
( هنانو )
مثلما ودَّعتِها ؛
أنثى ..
مراهقةً بكاملِ طيشها
بينَ القذيفةِ و القذيفةِ تستطيعُ الحبَّ /
أمّاً ..
في جنازةِ طفلِها تدعو لأطفالِ العدوِّ /
شُجيرةً ..
عندَ الظهيرةِ ظلُّها يحنو على الحطَّابِ /
أرملةً ..
على عجلٍ تودِّعُ زوجها كي تُسعِفَ الجرحى
و راهبةً ..
تُلَملِمُ ما تشظَّى من أنوثتِها التي قطَفَ الجنودُ نبيذَها
و مضوا إلى ثكناتهم و كأنَّ شيئاً لم يكُنْ
و أنا كذلكَ مثلما ودَّعتِني
متسكعاً عند الظهيرةِ /
شاعراً في سائرِ الأوقاتِ
لكن عندما تبكينَ أصبحُ عاشقاً ،
و أباً ، و أمَّاً …
غيرَ أنّي ..
في غيابكِ غيّرتني الحربُ ،
علَّمني الحصارُ الحبَّ ،
علَّمني الحنينَ لأتفهِ الأشياءِ ؛
روتينِ الزواجِ /
شجارِنا اليوميِّ /
شايِكِ /
مشيتي كاللصِّ فجراً عائداً من سهرةِ الأصحابِ /
غيرتِكِ اللذيذةِ من نساءٍ قلتُ سهواً أنَّهُنَّ
فواكهُ التلفازِ
غيّرني غيابُكِ :
في الصباحِ ..
أُصوِّرُ الأنقاضَ ،
لكنْ لا أحدِّقُ جيداً في أعينِ القتلى
لئلَّا يسأل القتلى :
هلِ انتصرَ الذينَ نيابةً عنهم سقطنا ؟!
في الظهيرةِ ..
– حينَ ينتصِرُ النعاسُ على المدافعِ –
أطمئنُّ على الظهيرةِ ،
أطمئنُّ على الشوارعِ
أطمئنُ على نوافذِ بيتنا المهجورِ ،
أكنسُ ما تخلِّفه الشظايا من زجاجٍ فائضٍ
عن حاجةِ الشرفاتِ
ألقي نظرةً عجلى على أشياءِ طفلتنا ؛
السريرِ /
حِذائها الصيفيِّ /
دميتها الحزينةِ /
بقعةٍ صفراءَ خلَّفها نعاسٌ فاترٌ فوق ( الأريكةِ )
في المساءِ ..
و حينَ تشتدُّ القذائفُ
تستعدُّ سلالمُ الأنفاقِ
أهبطُ ..
ثمَّ أهبطُ حاملاً لغتي و مائي
و التراتيلَ التي علَّمتِنيها .
في غيابكِ صِرتُ جُرذاً أدمنُ الأنفاقَ
يؤنسني طنينُ بعوضةٍ في الليلِ /
يؤنسني دخانُ سجائرِ الجرحى ،
و تؤنِسني ( مظاهرةٌ ) تُفلّي ليلَ شارِعنا ،
مشيتُ …
هتفتُ للشهداء /
للأطفالِ /
للشعراءِ /
لي ..
و هتفتُ باسمكِ …
كانَ ينقصني حضوركِ
كي أخفِّفَ وطأةَ المنفى على لغتي.
و ينقصني غيابكِ كي أتِمَّ قصيدتي
الاثنين حسن إبراهيم حسن 2016-03-19