سناء مكركر- شڤيبرت (ألمانيا):
أن تكتب عن الشعر والشعراء هو كأن تكتب عن ظواهر طبيعيه تقف عاجزاً حائراً أمام سطوتها، وتعرفُ في الوقت نفسه أن حياتك لن تعود كما كانت من قبل. أن تولدَ لتكون شاعراً، يعني أن تبقى غريباً عن هذه الأرض، ترى ما لا يراهُ الآخرون، أن تهاجركٓ روحك لترجعَ مثخنةً بالجراح من حربٍ لم تشاركْ فيها، وأحياناً كثيره لا تعودُ من قصيدةٍ رحلتَ إليها لتوثيق أسماء جنودٍ مجهولين سقطوا قبل إعلانِ هدنةِ السلام بسويعاتٍ قليله، أن ترسمَ الفراشات على القماش الرمادي لخيام المشردين في هذا العالم لينسى الأطفالُ وهم يلاحقونها، جوعهم وغربتهم، أن تزرعَ الأقحوان على مقابر المنسيين لتبدو أكثرَ تقبلاً لأرواحنا الخائفه. أن تكتبَ قصيدةَ غزلٍ لمتسولةٍ جميلةٍ بثياب رثه فتردَ إليها كرامتها التي سلبها رنينُ القطع النقدية التي يرمي بها المارة إلى رصيفِ الذلِ أمامها.
أن تكون شاعراً يعني أن يسكنَ روحك ملاكٌ يضئُ شمعةً فيها، ليخترقَ شعاعُ كلماتك ثقوبَ الأبوابِ الموصدة، فتنقشعُ العتمةُ عن ساكنيها.
أن تكون شاعراً هو أن تكون وطناً للأرواح التي لا وطنَ لها، أن تكون نبتةَ الصبار التي اختارتْ الصحراءَ لتواسي رمالها.