محمد بنميلود
أنا شاعر من الطبقة الغاضبة
من العمال المسرّحين من الخدمة
والجنود الذين يكرهون الجنرالات
والنجارين الذين لا يملكون ورشة ولا أدوات نجارة
واليساريين المتطرفين الذين أنهكت الزنازين السرية أجسادهم
ولم تنهك أرواحهم
والمهندسين المدمنين على المشروب والمهدئات
المهندسين النحيفين
الإنطوائيين
الذين بلا عائلة
يتركون رسومات العمارات تنهدم في الورق الشاسع
فوق حياتهم البئيسة
وينزوون في نظرة عصابية
صالبين سواعدهم حول سيقانهم كالأسرى
كي يهندسوا مبنى عاليًا ونحيفًا من ألمنيوم الفضاء
بمشنقة ناعمة للعالم
كجديلة المومس
أنا شاعر من أولئك الرجال الصموتين
الكتومين
الميؤوس منهم
ذوي العيون الصغيرة المريبة
والنوايا الغامضة
أكره الفلسفة والفلاسفة والمثقفين
والشعر البطولي
واللّفّ الكثير والدوران قبل قول الحقيقة
كلامي مسنن وواضح كرمية النبال
وحياتي قصيرة
وسريعة
كالطريدة
لا أحب الميتافيزيقا
ولا أرتاح كثيرا لرفقة الملائكة في طريق بعيد
ولا في غابة
حين أرى السماء
فأنا أرى السماء
سحبا وغماما وطيورا مهاجرة وطائرات حرب
لا أرى شيئا آخر غير مرئي
وحين أكتب الشعر
فأنا أكتب الشعر
كمن يحكي حياته لرفيقْ
حياتَه التي كانت حذرة ككلبة حبلى
في أحياء الصفيح العملاقة
حيث التهوية سيئة والبنات جميلات
والسرقات مشاعة بين الناس كالنصائح
ومن هناك
الشّرََف يطل بجبن على الزقاق المظلم الخطير
فيعود أدراجه مدحورا إلى مدن الفضيلة
حياتي السيئة
التي كانت بين عمال مسرّحين من الخدمة
دون معاش
وجنود يكرهون الجنرالات
ونجارين أصحاب نكتة لا يملكون ورشة ولا أدوات نجارة
ويساريين متطرفين أنهكت الزنازين السرية أجسادهم
ولم تنهك أرواحهم
ومهندسين وسيمين
انتحروا
نشرب الشاي البارد من كأس واحدة
وأنا أحكي لك حياتي
يا رفيقْ
كأني
أكتب الشعر