الرئيسية | بالواضح | المرأة سجينة الخطيئة الكبرى | نوال شريف

المرأة سجينة الخطيئة الكبرى | نوال شريف

نوال شريف

 

منذ أن ظهور مفهوم “الخطيئة الكبرى”، والمرأة مهمشة وتم إضعافها، منذ ذلك الحين وهي تبحث عن “العدالة والإنصاف”. لقد كانت المرأة قبل ظهور “خطيئة الجنة” إلهة ومعبودة ومُقدسة، لقد اتصفت بكل صفات الخلود والقداسة.

das-paradies

ولدت المرأة، إذن في مجموعة من الميتولوجيات، بالخطيئة وملطخة بها.. متناسين أنها ظلت تكافح بجانب الرجل في هذا العالم، لكنها كانت اقل حظا مقارنة به. ومع ظهور أديان جديدة في الألفية الرابعة قبل الميلاد، سيظهر الرجل النبي والرسول، وصولا إلى أن صار الرجل قوام عليها. إلى أن بلغنا، بشكل مباشر وغير مباشر، أن الرجل وحده القادر على أن يعيش قصصه في العلن، والرجل “صُنِع” ليكون عظيما، لتكون وراء كل رجل عظيم امرأة. المرأة دائما في الخلف، لم تعد مقدسة لم يعد لوجودها أية قيمة دونما ظهر الرجل.

لكن هل حقا المرأة ضعيفة إلى هذا الحد؟

أ يعقل أن من كسرت ضلعا أعوجا ليخرج للوجود ضعيفة؟ لماذا لم نقل وراء كل النساء ضلوع عوجاء؟

فيما بعد ظهور “الخطأ الوجودي” الذي تحمّلت المرأة وزره عُنوةً، وفي كل العالم بجغرافيته الواسعة وجل ميتولوجياته، ظلت المرأة، تتحدى التهميش، تتحدى النظرة الدونية للجسد، فجسد المرأة لم يكن ملكا لها بل إنه ملك للجماعة ملك لمن تربطه معها علاقة زواج أو ملك الأب أو ملك الأخ، إن جسدها عار لابد من حفظه، فالمرأة شهوة واشتهاء، وفتنة لهذا لابد من كبحها وسجنها خلف الأسوار والأثواب..

في حين أن المرأة فيلسوفة، طبيبة، عالمة، مخترعة، ربانة… مثلها مثل الرجل، قدمت للوجود بقدر ما قدم الرجل، لكنها مهمشة، وظلت تقاوم التهميش كأنها تمسح عنها الخطيئة، خطيئة جسدها وفتنتها، أو لعلها خطيئة ارتكبها الرجل بتفاحته الشهيرة….

عانت النساء بأوروبا طويلا، ولم يتم إنصاف المرأة إلى من خلال ظهور الرجال المثقفين زمن الثورة النهضوية، وبزوغ زمن الحداثة مع رجال تنويريين، وعوا الأهمية التي تحتل المرأة وأهمية الحرية والفردانية، وغالبا هم رجال متصالحون مع وجودهم وكينونتهم وجسدهم. وكما تطورت أوروبا وانتقلت من ضوء الشمع إلى ضوء “أيدسون”، انتقلت المرأة الأوروبية من راهبة إلى شاعرة، ومن عاملة في الحقل إلى مسيرة للمعمل وأستاذة وعالمة وكاتبة ومفكرة، في حين أن المرأة في الشرق كان لابد لها أن تعتقل وتذبح من قبل القبيلة و أن تسجن في غرفة ملعونة لقرون، وما زالت ….

لكن دعنا لا نكون متشائمين، فقد بدأ نور “أيدسون” يزيح ضنك الظلام بلمسة خفيفة وخفية في عالمنا العربي، في هذا العهد الجديد، عهد الدمقرطة والمعلوميات والتكنولوجيا التي لا تعرف ما هي “الخطيئة الكبرى”.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.