علي أوعبيشة:
تمهيد:
1-القصيدة الشعرية tamdyazt/tayffart)):
قصيدة “فاظمة تامحجوبيث” لموحى ألحاج: أحزن قصيدة في تاريخ الشعر الأمازيغي بالأطلس المركزي.
لم يخطئ نيتشه–صاحب الكتاب الذي كتب للجميع ولم يكتب لأحد-حينما ربط بين الأدب والمأساة، فمن رحم الألم يولد البوح، وأكثر الأعمال الأدبية شهرة كانت ترجمة نثرية أو شعرية للمأساة، هذه القاعدة ليست خاصة بكاتب دون آخر أو شاعر معين دون غيره، وليست سمة لثقافة ما دون غيرها من الثقافات بل هي خاصة بالإنسان من حيث هو إنسان، فالمأساة لا لغة لها ولا وطن لها ولا دين لها أيضا…
وإذا كان الأدب العالمي شاهد على زمرة من الأعمال الخالدة التي أبدع أصحابها في تصوير المأساة وتقديمها في قالب تراجيدي مؤثّر من قبيل “الملك أوديب” و”مأساة هاملت”…فإن الأدب الأمازيغي الشفهي أيضا يتضمّن مجموعة من الروائع، بعضها من خلال طريقة النسج يذكّرنا بالشعر الملحمي عند اليونان، الذي تمتزج فيه الرواية التاريخية بالبوح الشخصي، وهذا ما نجده بشدّة في القصيدة المطوّلة للشاعر موحى الحاج المعروفة ب “فاظمة تمحجوبيث” أو “الصحراء“.
السياق:
موحى ألحاجّ، شاعر أمازيغي يضاهي إنتاجه أمهات القصائد الشعرية العالمية، نظم قصّته الشخصية شعرا، أو ربما، كُتب له أن يُكتَبَ شِعرا على مقاس أحزانه، بكاءا مقدّسا ينطلق من لسانه الموشوم بالشرخ إلى آخر منعرجات” بريجا وحمّوتي”. موحى أُلحاجّ، شاعر تدمع له أذن الغاوون، وتقشعرّ له مرتفعات “بومية” مسقط رأسه وقبلة حنينه التراجيدي…
ولد موحى ألحاجّ بضواحي بلدة”بومية”، التحق بالجيش نهاية السبعينات، شارك في حرب الرمال ضد جبهة البوليساريو، فأسر والتحق بسجون أنصار الأطروحة الانفصالية بمخيمات تندوف، تاركا وراءه ابنه الوحيد” مصطفى” وزوجته وأخته” فاظمة” التي تزوجت في غيابه، ولمّا نفذت آخر طلقات صبره نظم هذه القصيدة مسجلا إياها على شريط كاسيط، مرسلا إياها إلى عائلته بالخصوص زوجته وأخته وابنه الذي تمنت العائلات الأمازيغية إبان الثمانينات-زمن الانتشار السري للقصيدة في الأطلس- لو احتضنته لتشارك موحى ألحاج ألام القصيدة.
بصوت حنون وحزين، وبإحساس ذا عُمق يحمل همّا بحجم السماء، ولوعة شعبٍ ألــمّت به أوجاعُ الحياة والزمان ولسعَتْه لعنات الجغرافيا ومكر به التاريخ، يخاطب موحى ألحاجّ أقاربه بأسمائهم وكل اسم يحفر في أذهاننا بحثا في تقاسيم الذاكرة عن أحداث مرّت أو شخصيات ماتت أو رموز نسيت…
اللازمة…
A faḍma husa tamḥjubiyt a tnna mi
yiɣ azmul g ma ggan tanila kull
afa ḍma husa tamḥjubiy a tnna mi
yiɣ azmul ursar ittjj-i bu utrs n thasa
انطباعات:
الانطباع الأول… استحالة الترجمة
ربما ليس من العسير جدا القول بأن هذه القصيدة من أكثر القصائد استحالة للترجمة، نظرا للكم الهائل من الرموز الثقافية التي تؤثثها، وحجم المجازات والاستعارات الدينية والأسطورية التي تسكن القصيدة، ربما في حالة ما إذا فصلنا القصيدة عن صوت الشاعر محوّلين إياها إلى كلمات قد نكون أمام إمكانية نسبية للترجمة لكن مادام الصوت ملازما للقريض بتلك الحمولة الزائدة للإحساس التي تطغى على صوت “موحى ألحاج” يستحيل إطلاقا نقلها من لغة إلى أخرى.
الانطباع الثاني… انكسارات الذات
أن ينتظرك طفلك/صغيرك، مراقبا الطريق لعلّك تأتي، ولا تأتي، أمر لا يدرك حرارة انتكاساته غير من عاشه. وأن تكبر قطعةُ لحمٍ منكَ دون أن تكون لك الفرصة للنظر إليها ولو من بعيد أمر مؤلم جدا.
maca ur iynɣi ɣas ayad n lɛil ffiri
ولم يكن مأساتي غير صبي ودعته
iwa mami ittini ababa sɣi ḥalawa
في الديار بعيدا عن القلب
mami ɣr aygr iɣil g taddart amm ku yass
من بحضنه ينام ولا يأرق
adday swwqn wajjar nna d nttmun ku ssuq
وحيدا حين الصغار على السفح
kuca iɛayd sa axam idrrɛn lwacun
كلٌّ أباه يرقب في الأفق
kuk daygr iɣil ibabas ar tn itsal
كل أباه يعانق شوقا
riɣ ac qllbɣ iwa nzɣid diɣ may ttiwid
حاجتي ناولني وغبطة تسعدني
iqqim winw tama w brid iḥdu s uraɛa
وابني لا زال عند الأفق
awa wr nniddi baba ḥajji nc asttafa
يرقب مجيئي وأنا غائب عن الركب
awa ydac ttinnan illan g ifran n ɛari
أبوك طفلي بعيد عنك كل البعد
ku luqt amzɣas iwɣrib ar ɣifch nalla
بين الكهوف لا يهدأ من مقلته الدمع
yiɣ aḥyud s tasanc qad iɛmu izrinu
تائهُ الصحاري من شدة الوجد
الانطباع الثالث…مأساة فرد أم مأساة شعب
قصة موحى الحاج في قصيدته هاته ليست خاصة به لوحده إنها مرآتنا الشعرية، فليس باستطاعة أحد من مغربنا العميق أن ينصت لها من غير أن يجدها على مقاس أنطولوجيته…مأساة موحى ألحاج إذا ليست مأساةً شخصية/مأساته، بل مأساةُ شعبِ/مأساتنا.
الانطباع الرابع… ذاكرة المكان
تبقى ذاكرة المكان من أكثر أنماط التذكر تأثيرا، إنها الطوبوفيليا أو قل محبة المكان إذ يرحل بنا موحى الحاج بسرعة الانطباعات باتجاه “برريجا” و”حموتي”و”أداو ن أيت خويا”… وهي أسماء حقيقية لأماكن واقعية، يؤرّخ بها الشاعر لماضيه ولجروحه التي لا تنتهي.
ur da y-ttkka sa ca n brija wla ḥmmuti
الانطباع الخامس… الصوت والكلمة
ليست كلمات الشاعر هي المنبع الأساسي لهذه الجمالية التي تخترق هذه القصيدة فقط، بل إن لصوته أيضا دور أساسي فيما تقدّمه القصيدة من أحاسيس ومشاعر فصوته المتخم بالألم وفي بعض الأحيان بالبكاء يجذب المتلقي ويؤثر في وجدانه، إذ لو أردنا أن نطبّق تقنية تحليل طبقات الصوت سنجد لا محالة بأن كلمات القصيدة تناسب البناء الوجداني لصوت الشاعر.
الانطباع السادس… (أزمول…أو أثر الجرح)
أزمول أو أثر الجرح، كلمة كرّرها كثيرا الشاعر موحى ألحاج في لازمة قصيدته، غير أنه في القصيدة كاملة لا يظهر بجلاء موضع هذا الجرح أو أثره، إذ يقرّ ولو بشكل ضمني منذ البداية بأنه ارتكب خطأً عظيما في حقّ ” فاظمة حوسى ثمحجوبيث” إلا أنه في نفس الوقت يظهر نوعا من العتاب واللوم تجاه أخته التي تزوّجت في غيابه علما أن الأخ في العرس الأمازيغي عنصر ضروري لاكتمال طقوس الاحتفال والوداع، يقول الشاعر:
iwa rar-d imjjan ssɣd adam fasrɣ awal
أعيريني السمع أشرح قولي
tyid yut n lafut ur igin tin ulamma
خطيئة اقترفتيها لا تغتفر
wla tya mɛna ca wbrid imrayn ghifi
maca lɛql walabdda d-attyaf mc ixxa
mc itt yumz wul qnn-ad asttks tasa
الانطباع السادس…”agaywar s tala”
كلامُ موحى ألحاج، بكاءٌ شعري برموز غاية في الروعة، وأروع هذه الرموز استعارة“agaywar s tala”وهذا اللفظ (agaywar) له مرادفات كثيرة من قبيل“tawuct”و“gayuyn” ويعني “البومة” هذا الطائر الذي اتخذه الأمازيغ رمزا للحزن وكناية للبكاء، فقد ارتبطت البومة عند الأمازيغ بالبكاء، نظرا لما تحيل إليه من معاني الوحدة/العزلة والليل/اليأس
Nkkin umzɣas lḥzn i dduyt asggasa
Ata zi mayduwdɣ ammas n ḥuza ttnuyɣ ɛari
Najj ircan d wazzar ng agaywar s tala
الانطباع السابع …الصورة الإيجابية للمرأة
Hatin tiwtmin azi da diddar 3laxir
nɣd iny zzld axam nca daynit unaɣur
من أجمل الدلالات العميقة لهذه القصيدة أيضا القيمة الكبيرة التي منحها الشاعر للمرأة من حيث هي مفتاح الفلاح.
ترجمة المقطع (من قصيدة موحى ألحاج) إلى العربية من توقيع مقتطفة من مقال جمالية الرمز في الشعر الأمازيغي بالأطلس المتوسط : قراءة في قصيدة ” موحى أولحاج” لمصطفى أنكزدم، منشور في مجلة أنفاس.
2- الأبيات الشعرية المنفردة ((izlan/ifrradiyn :
أجواو أنموذجا:….ملك”أفرادي” أو الشاعر الحكيم.
إن أعقد مسألة تواجه كل مهتمّ بفن “أفرادي” أو “الأبيات الشعرية المنفردة” في نظري، تتمثّل في كون هذا النمط الشعري ظل شفهيا، ومن هنا الصعوبة، إذ من غير اليسير جدا أن تميّز بين مساهمة هذا الشاعر ومساهمة شاعر آخر، ذلك لأن بيتا شعريا واحدا تجده في غالب الأحيان منسوبا إلى أكثر من شاعر، بل أكثر من ذلك تجده منسوبا إلى رمز من رموز الأغنية الأمازيغية الكلاسيكية بمجرد أنه تغنّى به في إحدى أغانيه، وهذا الأمر ناتج عن كون كل “بيت شعري” عادة ما يبقى مِلكًا مشاعا لكل الناس عكس القصيدة”تمديازت” التي غالبا ما يتم تسجيلها فتُحفظ باسم شخص واحد، فتصير مرجعا يتم الرجوع إليه، أمّا “أفرادي” فبمجرّد ما يلقى هكذا وبتلقائية بارعة، وينتشر بسرعة، ويتم تناقله من شخص إلى آخر، ومن قبيلة إلى أخرى، يصير فريسة للعنعنة ويضيع في معمعة السّند.
(أفرَّادي) مفردٌ جمعه (إفرَّادييْن)، وهي كلمة مشتقّةٌ من لفظ عربي تمّ تمزيغه (أي تم تكييفه مع نحو اللسان الأمازيغي، إذ نجد لفظ (أفردي) في الأمازيغية تستعمل بمعنى(فرد) محيلةً على الدلالة العددية، هذا من حيث اللغة، أما من حيث الدلالة الاصطلاحية فهذا اللفظ يطلق على نمط شعري معروف عند ساكنة الأطلس الكبير الشرقي وجنوب الأطلس المتوسّط المحيطين بسهل ملوية[1] يتم نظمه على شاكلة بيت شعري واحد ويتسم بقدرته على الاختزال وتكثيف المعنى إلى حدّ يمكن القول بأنه يعادل القصيدة في قيمته الجمالية والأدبية، وعادة ما يرتبط بمناسبة معيّنة أو بواقعة محدّدة، ويلقى بذلك بتلقائية وعفوية نادرتين، لذلك فهو وليد اللحظة.
إضافة إلى كل هذا، فهذا النمط الشعري مرتبط بشكل كبير بظاهرة النقائض، لذلك تجد (إفرادييْن) في غالب الأحيان عبارة عن إجابات على إفرادييْن آخرين، من هنا يمكن القول بأن هذا النمط الشعري كان ولا يزال أداة للتواصل بين سكان هذه المناطق.
و “لإفرادييْن” اسم آخر هو “إزلان”، إذ كلما أراد أحد ما أن يذكر )أفرادي( معيّن إلا ويبدأ بهذه العبارة « inna bu izli» غير أن هذه التسمية تحيل كثيرا إلى الأبيات الشعرية المغنّاة.
ويعتبر”أحيدوس” الفضاء الطبيعي والخـــصب لإفرّادييْن/إزلان”، ف”إمديازن أو إنشادن” غالبا ما يضعون بعض إبداعاتهم من الأبيـــات الشـــعرية المنـــفردة في خانة المضنون عن غير أهله(أي يحافظون على سرّيتها)، بغيـــة إلقــائها لأوّل مرّة في أحــيدوس، للحفــاظ على “براءة الإبداع” على شاكلة “براءة الاختراع”، أو لنقل السّبق الإبداعي.
من أهم مَن عرف بهذا الفن نجد الشاعر الحكيم حدّو أجواو المعروف بأجواو،وهو من مواليد قرية (ترغيست) بالقرب من (أنفكو)، ترعرع في أحضان عائلة معروفة بنظم الشعر،اشتغل بالفلاحة وتربية الماشية، فألهمته الحياة البسيطة وأهّلته ليكون أحد كبار الشعراء بالمنطقة الأكثر عطاءا وغزارة في الإبداع إلى درجة أنه لا يمرّ يوم ما دون أن يتواتر الناس عنه بيتا شعريا(أفرادي) على الأقل، اشتهر كثيرا سنوات الثمانينات والتسعينات كأبرز شاعر ضمن فرقة أحيدوس الممثّلة لقبائل (أيت عْمْر) في احتفالات عيد العرش التي كان تقام ب”ألمو ن لحنَّا” بتونفيت، هذه المساحة الخضراء الخلاّبة التي كانت تستقطب علاوة على “أيت عْمْر” أبرز فرق أحيدوس المعروفة آنذاك مثل: فرقة أيت يحيى وفرقة أيت شعاوعلي وأيت حنيني وإشقيرن… إلى أن توفّي مع بداية الألفية الثالثة وانتقلت عائلته الصغيرة(أرملته وابنتيه) إلى (تونفيت-المركز).
وإذا قلت أجواو، قلت معه هذا البيت الشعري البديع:
ur uriwƔ amm ujdid allid asusen isk‘la
nujja asgutt-inw ar lmnazil ayt usmmid
(محاولة في الترجمة)
لَمْ أَلِدْ مِثْلَ الطَّيْرِ حَتَّى تَسَاقَطَتْ أَوْرَاق الشَّجَرْ
تَرَكْتُ رَخْمِي إِلَى أَنْ جَاءَتْ مَوَاسِمُ البَرْد
الرخم: (أي احتضان البيض)
وأسباب نزوله تتمثّل في كون أبيه قد نظم بيتا يسخر فيه من وضعيته العائلية، إذ شبّهه بالطائر الذي يصبر على الجوع في سبيل إطعام صغاره، ذلك أن أجواو لم يلد هو أيضا حتى بلغ من العمر أرذله، وأنجب إناث فقط، فكان لزاما عليه أن قد كان ردّا على أبيه الذي سخر من وضعيته العائلية قائلا:
Ur tussi khef iyyidr allig ittawy iyfrax
aynna dijmɛ ichfasntid iqqim diks laz
ومعناه أن (النسر) لم تشتدّ عليه الأزمة حتى استحال أبا يطعم فراخه في العشّ، فكل ما يجمعه من طعام يأتي به إليهم ويبقى هو بدون طعام صابرا على الجوع.
(محاولة في الترجمة)
…..
غير أن القليل من يعرف أن هذا البيت لأجواو، إذ كثيرا ما ينسب لغيره.وهذا نموذج بسيط لمجموعة من الأبيات الشعرية الخالدة التي أبدعها هذا الهرم ومع ذلك نسبت لغيره،هذا الشاعر المميّز الذي رحل كغيره في صمت والذي أبدع في فن “أفرادي”حتى اعتُبر ملكه بدون منازع، وذلك بالرغم من أنه عاصر شعراء كبار سواء من الجوالين أمثال زايد لوسيور ومولاي مبارك وعسو إقلي…أو من المستقرين من قبيل أمولاي “شاعر أيت مرزوك” وحدو بخو “شاعر أيت حنيني” وموحى أكوراي”شاعر أي سليمان”…
عُرف “أجواو” -هذا الهرم المنسي- بين شعراء الأعالي بشخصيته المرحة، إذ لم تكن الابتسامة تفارق وجهه، إلى جانب سخريته من الكل بدءا من نفسه ، إذ كلما سأله أحد عن السبب الكامن وراء عدم قدرته على الركوع أو الانحناء في رقصة أحيدوس(إذ كان الوحيد الذي لا ينحني في فرقة أحيدوس (ن) أيت عمر سنوات السبعينات و الثمانينات) إلاّ وأجاب بأن الأمر جد طبيعي مشبّها نفسه بشجرة أرزٍ نمت بعيدا عن الغابة.
من أهم “الأبيات الشعرية المنفردة(إفرّادييْن)” التي عُرف بها أجواو نجد:
(1)
Ar ttettey iliwey ikker baba yawy iwflus
Awal ur siwely iwlla da i-ymerret cha
(2)
ƔriƔawen a maydittɛbaden lasmam izill
Ad i-sikk rbbi ttƔictt s agnsu n tilggitt
(3)
S lxader n rbbi d wass nnagitutem ayrri
Adac ikkes adar zi lhdid irarec iwƔyul
(4)
Ira bulmerd ad bxxeren igr diks atffas
Ur yuciy d rriht ar dƔi gas inwa uslix
(5)
nniƔac Xzitt n tmttut mi tggudid alfamila
Illa ddabḥ yili lbulɛ tager mayes aḥyyan
(6)
mraƔ tgi lixra am rray n tlfaza attnaney kull
acannayƔ ayadƔar umazirinw arsmi
(7)
ggedegh iyfighr allidusigh agatu uri y-qqis
ur tuminƔ allid Ɣifs tadautt amm tin lmal
(8)
tadutt n tbrbacet demɛƔ adittisfu wasif
iƔmattid rbbi mƔar ttizza ca xef islli
(9)
inƔa laz yan uḥyud iddud Ɣer ayt isndal
inna y-asen cataƔ ca amidayaken imttin
(10)
unna dirban aḥyud g tiggrda nes ayttaƔ
mc t-isirs ur iɛdil ibubbat inƔat iƔir
(11)
tnnac awd lmut riƔ unna g-ufiƔ tawuri
uma mc djmeɛƔ iḥyad n tudert aḥḥ n isndal
(12)
Ur uriweƔ amm ujdid allid asusen iskla
Nujja asguttinw ar lmnazil ayt usmmid
لَمْ أَلِدْ مِثْلَ الطَّيْرِ حَتَّى تَسَاقَطَتْ أَوْرَاق الشَّجَرْ
تَرَكْتُ رَخْمِي إِلَى أَنْ جَاءَتْ المَوَاسِمُ البَارِدَة
رغم كلّ هذا فأشعار (حدّو أجواو) بقيت فريسةً بيد العنعنة، إذ لم تدوّن، وهذا حال أعمال شعراء آخرين، من قبيل “أمولاي” و”عسّو إقلي”و”حدّو بخُّو”… فإذا استثنينا محاولة الباحث (أزضوض) الذي قام بجمع أعمال الشاعر”أكوراي” وإخراجها إلى حيّز الوجود، يبقى هذا المجال فقيرا جدا من ناحية التحقيق، بل إن هذه المحاولة نفسها جد متواضعة، لكونها ركّزت فقط على التدوين ولم تذيّل أعمال الشاعر بشروحات أو تعليقات بل اكتفت بنقر القريض بالحرف الأمازيغي ونظيره اللاتيني.
من هنا إذا نستشفّ بأن الأمر يتطلّب نهضة شاملة بهذا النمط الشعري، أو لنقل بأننا نحن بحاجة إلى عصر تدوين يمكّن “أفرّادي” من حياة مضاعفة تمنحه قدرة على التحيين المستمرّ و من ثمّ القابلية للدراسة الأدبية واللسانية والأسلوبية ، وكذا القدرة على التصنيف وربط هذه الأبيات الشعرية بمبدعيها الحقيقيين.
-[1]وبالخصوص منطقة تونفيت التي لقّبها ميشيل بيرون في كتابه:
« isaffen ghbanin »ببلدة الشعراء tamazirt imdyazen » «