يحدث هذا الاستمتاع بسبب افراطك في إدراك انحطاطك، وشعورك بأنك قد وصلت إلى آخر الحدود وأن ذلك رهيب، إلا أنه لا يمكن أن يكون غير ذلك، وأنه ليس في استطاعتك أن تنجو منه، وأنه ليس في استطاعتك أيضاً أن تكون إنساناً مختلفاً، وأنه حتى إذا كان لديك شيء من الإيمان ومتسع من الوقت لتصبح إنساناً آخر، فإنك لا تريد ذلك، وحتى إذا رغبت في ذلك، فإنك لن تفعل شيئاً منه، لأنه ربما لا يوجد في الواقع ذلك الشكل الذي تريد أن تكونه. إن أفظع ما في الأمر ينجلي في أن ذلك كله متفق مع القوانين الأساسية في الطبيعة، والتي تميز الإدراك الشديد، بما في ذلك القصور الذاتي (الاستمرارية الذاتية) التي تعتبر نتيجة مباشرة لتلك الأول، ولذلك فإنك لست غير قادر على تغيير نفسك فحسب، وإنما لا تستطيع أن تفعل شيئاً بالمرة أيضاً. ونستنتج من ذلك أن الإنسان غير ملوم إذا صار نذلاً من جراء هذا الإدراك الشديد.
———————–
كان من الصعب علي أن أجلس مكتوف اليدين، ولهذا فقد حاولت أن أحطم قيودي، ولكم أن تصدقوا هذا. ولو نظرتم إلى أنفسكم أيها السادة لعرفتم ما أعني، ولتبين لكم صدقه. لقد خلقت لنفسي بعض المغامرات، واصطنعت حياة ما لأنني كنت أريد أن أعيش بأية طريقة. وكم كنت أتضايق وأنزعج بدون سبب يدعو إلى ذلك، وكنت أصطنع ذلك اصطناعاً، عالماً بأنه لا وجود لذلك الضيق في الواقع، وبأنني أخلقه لنفسي خلقاً. وكنت طيلة حياتي أجد في أعماقي دافعاً يدفعني إلى التظاهر بهذه الأكاذيب وقد بلغ بي ذلك أنني لم أعد أستطيع أن أتغلب على هذا الدافع في نفسي.
——————
فإذا أراد المرء أن يمثل، فإن ذهنه يجب أن يكون مرتاحاً خالياً من أي شك ولكن كيف يمكنني أن أريح ذهني؟ وأين هي الأسباب الرئيسية التي يجب علي أن أتخذها أساساً؟ وأين هي أسسي؟ ومن أين أستطيع أن أحصل على هذه الأسس؟ إنني أمرن نفسي على التأمل، فأجد أن كل سبب رئيسي أحصل عليه يستتبع سبباً رئيسياً آخر، وهكذا، إلى ما لا نهاية له.
—————-
كم سيكون الأمر رائعاً إذا انتهى واعترفت بعد ذلك بأنها كانت مخطئة لانها شكت فيه ،أو إذا سامحته لانه اخطأ بحقها ! وكم سيكونان سعيدين فجأة، سعيدين إلى درجة أنهما سيلوحان وكأنهما التقيا لأول مرة، كأنهما قد تزوجا تواً ، كأنهما قد أحبا بعضهما في تلك اللحظة. ولا يستطيع أحد أن يعرف ما يدور بين الزوج والزوجة، لو كان أحدهما يحب الآخر. ومهما اختلفا فليس لأي واحد منهما أن يدعو أمه لتفصل بينهما، وليس لأحدهما أن يتحدث عن الآخر، لأنهما يجب أن يحكما لنفسيهما، ان الحب سر غامض لا يفهمه لاأحد ، ويجب أن يظل خفياً عن الأعين مهما حدث، وإذا تم ذلك فإنه يكون أفضل وأشد قدسية، وسيحترم أحدهما الآخر، بل ان الكثير يتوقف على احترام أحدهما للآخر. وما أن يتحابا، وما أن يتزوجا على أساس ذلك الحب، فلا سبب هنالك يدعو إلى زواله، وإنما باستطاعتهما أن يحافظا عليه بالتأكيد، ونادراً ما يصعب الاحتفاظ بالحب. وإذا كان الزوج طيباً شريفاً فلست أجد ما يدعو إلى زوال الحب. صحيح أنهما لن يحب أحدهما الآخر كما كانا يفعلان حين تزوجا، إلا أن حبهما سيكون أفضل بعد ذلك، لأنهما سيتحدان بالروح بعد أن اتحدا بالجسد. وسيشتركان في تصريف أمورهما، ولن تكون هنالك أسرار بينهما – المهم أن يحب الانسان، وأن تكون لديه الشجاعة لذلك .
—————
إنك تهبين الحب لأي سكير ليسخر منه! الحب؟ ان الحب هو كل شيء، انه جوهرة غالية، وهو أعز كنوز الفتاة – أجل أن الحب لكذلك! ان الرجل ليهب روحه من أجل هذا الحب، ويواجه الموت من أجله! فما هي قيمة حبك الآن؟ ان الناس يستطيعون أن يشتروك تماماً، يشتروك كلك! ولماذا يحاول أحد أن ينال حبك إذا كان يستطيع أن يحصل على كل شيء دون حاجة إلى هذا الحب؟ ليست هناك أهانة أشد من هذه الفتاة . ألا ترين ذلك؟
————-
أتعرفون أيها السادة ما هي الميزة الأساسية في حقدي؟ إن المشكلة كلها والجانب المؤذي فيها كامنان في أنني، حتى في أشد لحظات حقدي، أحس في أعماقي بالخجل من أنني لم أكن غير حقود في الواقع وحسب، وإنما لم أكن أشكو من شيء قط، كنت أخجل من أنني لم أكن غير ضارب الأرض بلا هدف، يفزع العصافير الآمنة في طريقه، واجداً في ذلك متعة أي متعة!
———————
ان الذكي لايمكنه ان يكون شيئا خطيرا وان الاحمق وحده هو الذي يمكنه ان يكون اي شيء
————————
ترى مالذي يستطيع ان يتحدث به الانسان السوي ويحس باعظم متعة اوليس الحديث عن نفسه
————————-
ان افظع ما في الحياة يتجلى عند الادراك الشديد بالقصور الذاتي وبالتالي انت لست قادر على تغير نفسك فحسب انما لا تستطيع ان تفعل شيئا بالمرة
——————
لا يمكنني ان اسامح احدا لان من يصفعني يكون مدفوعا بتاثير القوانين الطبيعية التي لايملك الانسان ان يسامحها ولا يمكنني ان انسى لان الصفعة اهانة على كل حال
———————
ان الطبيعة لا تتوقف لتسالك عن رايك او لتُعنى برغباتك الخاصة او لتهتم بما اذا كنت تميل الى قوانينها او تركهها وبالتالي عليك فقط ان تتقبل الطبيعة كما هي ولذلك عليك ان تقبل نتائجها
————————-
كل اعمال الانسان تتالف في الحقيقة من شيء واحد فقط هو اثباته لنفسه انه في كل لحظة انسان وليس مجرد مفتاح بيانو
———————
الادراك اسوء ما يتميز به الانسا ن
———————–
التاريخ الانساني الشخصي الحقيقي يعد امرا مستحيلا وان الانسان مجبول على الكذب حين يتحدث عن نفسه – هايني –
———————
ماهي الاهانة ان لم تكن نوعا من التطهير بل انها اشد انواع الادراك ايلاما وسحقا
—————
لقد فقدنا صلتنا بالحياة إلى درجة أننا لا نملك أحياناً إلا أن نشعر بالاشمئزاز من “الحياة الحقيقية” ، ولهذا فإننا نغضب حين يذكرنا الناس بذلك. لماذا ، بل إننا ذهبنا بعيداً جداً في هذا، وصرنا ننظر إلى “الحياة الحقيقية” باعتبارها عبئاً ثقيلاً، ونحن جميعاً متفقون على أن “الحياة” كما نجدها في الكتب هي أفضل بكثير. ولماذا نحدث كل هذه الضجة في بعض الأحيان؟ لماذا نخدع أنفسنا؟ ماذا نريد؟ إننا أنفسنا لا نعرف ذلك
***** ***** ***** ***** *****
من رواية الإنسان الصرصار أو رسائل من أعماق الأرض (1864) (بالروسية:Записки из подполья) فيودور دوستويفسكي
فيودور ميخايلوفيتش دوستويفسكي (Фёдор Михайлович Достоевский)؛ (11 نوفمبر 1821 – 9 فبراير 1881). واحد من أكبر الكتاب الروس ومن أفضل الكتاب العالميين، وأعماله كان لها أثر عميق ودائم على أدب القرن العشرين. شخصياته دائماً في أقصى حالات اليأس وعلى حافة الهاوية، و رواياته تحوي فهماً عميقاً للنفس البشرية كما تقدم تحليلاً ثاقباً للحالة السياسية والاجتماعية والروحية لروسيا في ذلك الوقت. العديد من أعماله العروفة تعد مصدر إلهام للفكر والأدب المعاصر، وفي بعض الأحيان يذكر أنه مؤسس مذهب الوجودية.