فيروز عيدنا | عبد الواحد مفتاح
عبد الواحد مفتاح
احتفل لبنان ومعه العالم، بعيد ميلاد سفيرتنا إلى النجوم، الحادي والثمانين فيروز التي شهد الاحتفال بها، مواكبة ضخمة من كبريات القنوات التلفزيونية، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، نشرت صورها ومقاطع من أغانيها على نطاق واسع، على كامل الفضاء الأزرق، حيث أطلق ناشطون وسوم عدة تحمل اسمها وعمل (جيران القمر) وهي مجموعة تظم أشخاص من لبنان وفلسطين والمغرب، وعدد من الدول تحديد وسم محدد يلتزمون بالنشر فيه، تزامنا مع عيد ميلاد فيروز، التي اجتمعوا حولها رغم الاختلافات الأساسية في السياسة والمذاهب، فقد يكون عيد فيروز هو العيد الوحيد الذي يستحق أن نحتفل به في هذه الجمهورية السعيدة- كما جاء في افتتاحية جريدة السفير- فهو عيد ليس لطائفة ولا لمذهب عيد ليس لحزب أو فصيل.. بل إنه العيد الوحيد الذي يشرح كل شيء أمامنا، من دون حواجز وخطب وبيانات.
وقد قال الفنان دريد لحام في تدوينة له : أُمُّ زياد لن نكتب اسمكِ إلا على الحور العتيق.. سنرجع يوماً إلى حيّنا، ونغرقُ في دافئات المُنى، منذ شبابنا وحتى كهولتنا تعود بنا فيــروز من غربتنا إلى فضاء الحلم والأمل والوطن، وتزيّن عمرنا كل صيفٍ آن الكرمُ يعتصرُ وهي تشدو لدمشق.
عيد ميلادكِ عيدُ قيامة وطنٍ يحبوا في ذاكرتنا، ورزق الله على العربيات وأيامها العاصية على النسيان، والمنصورة بالوفاء. وكلنا ناطرينك على المفرق” أما وزير الثقافة الفرنسي السابق جاك لانغ فقد قال:”جعلت من نفسك ليس فقط سفيرة لبنان إلى النجوم ولكن أيضاً رمز مجموعات ترفض أن تموت ولن تمـوت… استمعت إليك سيدتي، صوتك يملك نقاء البداهات الأولى، البداهات التي لا تسمح بأي تناول وبأي تواطؤ. إنه يشع بهذا التأثر الذي يعجز اللسان عن وصفه والذي تنشره عطور لبنان وألوانه وإيقاعاته. صوتك سيدتي هو استثنائي فعلاً، لأنه لا يمكن الاستماع إليك من دون الإحساس بتأثير كبير حتى ولـو لم نفهم كلمة واحدة من لغتك”.
فهي الأغنية التي تنسى دائما أن تكبر، على حد تعبير شاعر فلسطين الكبير محمود درويش، هي التي تجعل الصحراء أصغر والقمر أكبر.
الشاشة اللبنانية أعدت جيدا للحدث البارز بكل ألوان قنواتها، فقد قدمت كل من “الجديد” و”أو تي في ” تحية في برامجها الصباحية وخصصت باقي المحطات برامج مفصلة عن مشوار “جارة القمر“ لتصير بذلك إلى إجماع وطني فحجم الالتفاف حول السيدة لم يعرف له نظير داخل البلاد، مديرة الأخبار والبرامج السياسية في محطة «الجديد» مريم البسام اعتبرت أن هذا اليوم مخصص لفيروز “نأمل ألا يطرأ أي حدث سياسيّ في البلاد ويسرق الضوء منها”.كما قال الكاتب عباس بيضون “لا أعرف إلى متى سنبقى نتحدث عن فيروز. الأرجح أن فيروز بصوتها وغنائها هي شاعرة عصرنا. الأرجح أن غناء فيروز كان بادئ بدء نافذتنا على الحلم، حينما بدأ الحلم يخامر أيامنا، عندما صار لنا المقدرة على الحلم، عندما صار الخيال من مادة الحياة وأصبح واقعاً آخر، عندما غدا الشغف والتذكر والمواعيد واللقاءات قصة تروى، بل أصبحت الحياة ملأ بالوعود والانتظارات والما بعد، وجدت الأغنية الفيروزية وكأنما هي حاجة مزمنة. وجدت في مدى البحث عن إنسان جديد، وعن زمن آخر.
جاءت السيدة ذات الصوت المائي جاءت فيروز هكذا كان يصفها الراحل نزار قباني .. هجمت علينا كغمامة، هجمت كقصيدة، هجمت كمكتوب غرام قادم من كوكب آخر، هجمت كتفاصيل حب قديم وبعد ثلاث سنين من التوحّش مررنا تحت أقواس صوتها الحضاري فتحضّرنا.
كرسالة حب من كوكب آخر.لقد غمرتنا فيروز بالنشوة والوجود.
2016-12-01