عن رواية المغاربة للكاتب المغربي عبد الكريم جويطي | نوال شريف

نوال شريف

قبل قراءة الرواية لابد من قراءة الكتاب وعيونه، تبرق عيون كاتبنا ببريق أشجار الصفصاف أعالي جبال الأطلس، وتلألأ نجوم السماء، إنه بريق وتلألأ يفيد إلى ذلك التحدي الذي يواجه به الكاتب عبد الكريم الجوطي كل اللاإنصاف الذي طاله… سنحتاج لأكثر من قراءة لرواية “المغاربة” لندرك مدى قوته، قراءة دهشة وقراءة عاشقة وأخرى عالمة، لما تصنعه الرواية من عوالم عجيبة وغائصة في تاريخ المغاربة الذين يكتب عنهم “إني أكتب عن المغاربة”.

التهمتها حرفا حرفا. سطرا سطرا . وكأنني أرقص على إيقاع زوربا، رواية عربية تسير مسار التوهج العظيم، بزغت لي أجنحة في غفلة من القراءة حتى وجدت نفسي فيما بعد السماء السابعة . في ملحمة الفنتازيا والواقع وأ لم تولد الدهشة بعد زواج بين واقع بشع و خيال فاتن؟.

أن تكون كاتبا يعني أن تكون أكثر من أنت عليه، الكاتب هو من يكتب عنا جميعا دون استثناء، يكتب عن الشمس والجليد عن الجنة والنار، الفقير والغني. المتسلط والمستضعف، لكن الكاتب العظيم هو من يكتب عن ما لا نكترث له. هياكلنا في زمن الفرسان والدم،  يكتب عن ملامح تاريخ ملطخ بالدم.

 في عنوانه نداء لنا بدون اقصاء “المغاربة” نحن المغاربة من أول مد وجزر شمالي إلى آخر حطب تدفئة بالمغرب المنسي؟

الوجود البشري وجود يتركز على صراع. لكن صراع المغاربة صراع آخر، صراع الهوية والفكر والطبقية الفكرية والمادية صراع الأجساد الكاملة والأجساد الناقصة. عميان يبصرون الحق، و مبصرون يرون الفراغ.

هل نطق الجنود يوما؟ هل قال جندي يوم ما انه تعب من التعثر بحصى الرمل الجارف؟ ربما قالها للمغاربة بين سطور ..سطور تضع الكحل لتزين عين الحزن.

الكاتب أمين السر. هو من يعرف الخائن ويعرف من ارتدى جلباب الطهر وهو الملطخ بالخيانة . كان الكاتب مرحا وهو يسقط الطرابيش الحمر من فوق رؤوسهم البئيسة والمعفنة بباكتريا التسلط والقيادة والظلم

قد يموت الجندي لكن زهوره ستظل خالدة ‘في التاريخ المزور”. لكن في التاريخ البشع الحقيقي . ستموت الزهور بعد وفاة الجندي ليس حزنا عليه وإنما ستموت قتيلة على يد أسنة التاريخ . ويقول الكاتب في صمت صاخب ينهش جسد الوطن كما ينتهش جسد المرأة:

بعض النساء ينتحرن بعد فقدان عذريتهن .تسقط بعض الأوطان عندما يغتصب عطائها أيضا؟ و أقل الضرر تزور تاريخها .

رواية المغاربة رواية مكتوبة بيد كاتب عبقري .وفلاح صوفي مخلص لامه الأصل”الطبيعة” صديق للعصافير وخرير المياه وعطر التراب المقدس كحليب الأم.

الكاتب عبد الكريم الجويطي كشف لنا وجوه لم نراها من قبل .وجوه لأجساد كبرنا معها شممنا عطرها .لكنها كانت خدعة. عبد الكريم الجويطي بعبقرية الروائي قدم لنا كوكتيل من الجنون الحب الصدق والكذب الإخلاص والخيانة … متناقضات آد نظرنا إليها من بعيد،  سنقول: لا يمكن مزج كل هذه الأشياء في كوكتيل واحد ؟ هل سيكون طعم المتناقضات لذيذ؟

ما أن يدفعك فضول الاكتشاف وتتذوق وال رشفة ، حتى تغرق في بحر من الهيام والولع الفكري…

جبال ايت بوكماز، تقول نحن جميعا المغاربة.