في ربيع العام 1888م عمل فان غوخ يوميّاً في الرسم تحت الشمس الحارة في حقول القمح المتناثرة حول “آرل” جنوب فرنسا حيث أدهشه جمال الطبيعة ودفؤها وإثارة ألوانها، لقد كان منتجاً جداً لدرجة أنّه أنجز 10 لوحاتٍ و 5 رسوماتٍ في أسبوعٍ واحدٍ فقط، إلى أن أتت عاصفةٌ ووضعت حدّاً لموسم الحصاد.
وتظهر هذه اللوحة مُركّبة من عدة أجزاء بحيث اعتمد فان غوخ مقاربةً مكانيّة في رسمها، فنرى أكوام القمح المحصود في الواجهة، الحقول المصفرّة الشّاسعة بعدها، ثم الجبال الزرقاء البنفسجية في الخلفية مقابل سماءٍ زرقاء تركوازية .
ربّما لم تكن هذه هي الطبيعة المثاليّة التي رسمها فان غوخ لكن ماعدا رسوماته التي تمثل حياة القرويين وعملهم في الأرض، نرى أن هناك موضوعاً متواتراً في لوحاته، فقد صوّر مراحل مختلفةً من الحصاد، وهنا نرى مثلاً كومة قش، سلالم، عربات مختلفة، وعلى اليمين رجلاً مع مذراة.
وعلى الرغم من أحجامهم الصغيرة، فإنّ الفلاحين وعُمّالهم هم روح هذه اللوحة التي أسماها “الحصاد”، وقد اعتبرها واحدةً من أنجح أعماله.
وتأتي هذه اللوحة ضمن سلسلة من الأعمال التي ضمّت مناظر طبيعيةً في موضوع الفصول، وتعود الفكرة الأصلية لسلسلة الفصول والتي يكون كل فصل ممثلاً بثنائيٍّ من الألوان المتكاملة الى مرحلة تواجده بـ “نوينن” الهولندية في 1884، وبوصوله الى “آرل” سنة 1888 شرع فان غوخ برسم سلسلة من اللّوحات عن إزهار الأوركيده بالوردي والأخضر عَنْونها “الرّبيع”، وفي حزيران رسم “الصيف” بالأزرق والأصفر البرتقالي والتي كانت احدى تجلياتها لوحة الحصاد في أفق “لاكرو” التي تقع بين “آرل” و”مونماجور” في جنوب فرنسا.
ويعتبر هذا العمل مهماً جداً بين أعمال فان غوخ وقد أنجز له رسمين تخطيطيين أوليين، ليعود بعد الانتهاء من رسم اللّوحة ويرسم رسمين تخطيطييّن آخرين أبعد من السابقين للمنظر.
من المُلاحظ أنّ انتقال فان جوخ الى فرنسا كان له كلُّ الأثر على خطه الفني ومسيرته اللونية إذْ بدا تأثره واضحاً بالطبيعة الساحرة وبالأساليب الفنية المزدهرة آنذاك في فرنسا بوصفها عاصمةً للفن والجمال في ذلك الحين .
ويظهر لنا في هذا الفيديو المزيد من لوحاته الجميلة التي تندرج في سلسلة الصيف بتشكيلتها اللونية المميزة..