الرئيسية | سرديات | بقايا حب: ألف قصة وقصة عن مغرب لا ينتهي | حنان الدرقاوي

بقايا حب: ألف قصة وقصة عن مغرب لا ينتهي | حنان الدرقاوي

حنان الدرقاوي

 

في منزلها بمرس الخير بتمارة تناولت امينة صورة زواجها من حسن. تأملتها جيدا. كانت هي وحسن شابين في الصورة. تزوجا حين تخرجت هي من معهد الفلاحة فيما هو كان لايزال طالبا. تزوجا بعد قصة حب عاصفة. تحديا أسرة أمينة التي لم توافق وأم حسن التي لم توافق بدورها بسبب فرق السن بينهما. كانت أمينة تفوق حسن بست سنوات. تحمسا للإرتباط بعد أن اختبرا مشاعرهما على امتداد أربع سنوات. اشتغل حسن فيما بعد  بمديرية الثقافة محررا وتحسنت أحوالهما المادية. اشتريا شقة في عمارة بمرس الخير. أنجبا طفلا هو مصدر سعادتهما، كانت أمينة متفانية في خدمة طفلها. تعمل وحين تعود إلى البيت تعتني بطفلها والبيت. لم تعد تفكر في مظهرها وماكياجها وشعرها. أهملت حياتها كامرأة ووظفت كل طاقاتها لتنجح كأم. نجح إبنها في الدراسة وكان متفوقا.

صار حسن كثير الخروج والسهر. يعود بعد منتصف الليل سكرانا. يجد أمينة في السرير نائمة على بطنها. يزيح جسدها قليلا عن مكانه. يندس في فراشه وينام. مع مرور الأيام تحولا إلى صديقين. لم تعد أمينة تشعر بالرغبة. لم تعد تحب الجنس وبمجرد ما يقترب منها حسن تتلكئ وتخبره أنها متعبة أو أن بها آلام رأس.

صار حسن يغيب عن البيت أكثر وسمعت أمينة من صديقة لها أنه يرافق شابة في مقتبل العمر. استفسرت منه وأجابها بصراحة أنه يصاحب فتاة جامعية، فتاة تذكره بها أيام حماستها وانطلاقها قبل أن تتحول إلى كائن بيتي لايهمها غير إبنها. لم تشئ أن تطلب الطلاق لكي تحافظ على سلامة طفلها ولكي لاتخسر الأمان المادي الذي توفر لها مع حسن.

ظل حسن على حاله: خروج وسهر ورائحة عطور الأخريات على قميصه. تضع أمينة ملابسه في الغسالة وتهجم تلك الروائح على أنفها. لم تعرف ماذا تفعل هل تطلق من الرجل الذي خسرت أسرتها من أجله؟ كل أفراد أسرتها قالوا أنه يستغلها فهي تشتغل وهو كان طالبا. هل تشرد طفلها أم تتخلى عن الشقة والسيارة والعطل في إيفران والصويرة؟.

أخذت الصورة. تأملتها جيدا وتساءلت ما الذي بقي من حبها لحسن؟ صورة لعرس بسيط لأنه لم يكن معها نقود لإقامة عرس حقيقي. ضحت بكل شيء تريده البنات لسنوات. لبست ملابس رخيصة وركبت الأوتوبيس وأكلت بطاطسا لكي يدرس حسن ويتخرج. ربت له طفله تربية سليمة وأشرفت على كل شيء وهو يبيعها من أجل روج وعطر. هل هاته هي الأنوثة؟ عطر وماكياج؟

وضعت الصورة في الألبوم مع صورهما في الجامعة وفي الخرجات مع صديقاتها.

قامت من مكانها وهي تحادث نفسها” لن أبقى في هاته الشقة، إن بقيت ستتحول إلى قبري” انتظرت حسن حتى منتصف الليل. واجهته بحقيقة خيانته. ذكرها بتدهور شكلها. أخبرته أنه منذ سنوات يجد بيتا نظيفا وطفلا مهذبا. أعطته مهلة أسبوع ليغادر البيت ليذهب مع قحبته الشابة، رمت له بالأغطية وجعلته ينام على الكنبة في الصالون. صنعت شايا لنفسها وشربته في الشرفة وهي تدخن سيجارتها فرحة بخروجها من علاقة تنخر جسدها.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.