الرئيسية | شعر | اِسْتِرَاحَةُ مُحَارِبٍ | صالح لبريني

اِسْتِرَاحَةُ مُحَارِبٍ | صالح لبريني

صالح لبريني  (المغرب):

 

 

 

وليكن

ها أنذا بعد كل هذي الحروب

أترك الأرض لمكر الفخاخ

لنوايا نهار باذخ اللعنات

للهاث ليل يتوغَّل في عزلة المحارب

أقصد المحارب القادم من هدنة الجبهات

العابر دم القبائل مدجَّجا بالأعطاب

و الذاهب صوب النسيان

لطفولة تنعم في عاهة الوقت

تبحث عن فرح عابر في عرس الفراشات

تُسْنِدُ أحلامها إلى جِدَار الحسرة

ترعى تجاعيد الحياة

و قد جفت الغبطة في الشِّفاه

و في الأعماق الصبر تَعفَّن

لِكُهولة تترك خطواتها المطفأة

يغمرها  صمت الطريق

يُكَفِّنُها فيض اليقين

تُعَلِّقُ أيامها على نخيل

ينحني للعابرين إلى أنفسهم

و يرفع رأسه تحية للحياة

تتوسَّد زفيرها على أرض

يُنَكِّلُ بها رمل الغيوم

و تلعنها بصيرة العميان

لمدن ترفع عقيرتها بالجلبة

تربي كآبة الإسمنت

تواظب على رعاية اليأس

و تدَّخِر ما يكفي من سأم

مُفْرِطٍ في الحفاوة

قَاِنتٍ في الغثيان

لغرباء يوقظون في دمهم

سُلالة التِّيه

يجرحون الأفق بعيون يَتَجَبَّرُ

فيها الْيُتْم

يُدحرجون خيبتهم بلا تعب

يُشذِّبون أظافر الوقت بلا جدوى

يربضون جوار الحيرة

يَعُدُّون كم تبقى من ضجر

سيليق بهذا العدم الرَّاسخ في الخذلان

للرفاق القدامى الَّذين شَوَوا أحلامهم

على نار الْحَلَقِيات

نُقط نِظَامٍ

وَفَتْح أقواس يُصَوِّبُونَها ضِدَّ أعداء محتملين

الَّذين أضاءوا الباحات بِهَزيمِ الحناجر

و نشيج الأوتار

و أياديهم تُغَرِّدُ فيها شارات النصر

عادوا إلى منافيهم يمضغون غُرْبَتَهم

يُحَدِّقون في كَبَوَاتهم

يُرَبُّون بين ترائبهم عصافير الندم

يُخَبِّئُون أعقاب مصيرهم في منفضات

المتاه

ينفخون في َرحِمِ المدى زَفَراتهم

ويلعنون ،برباطة جأش يقين،

الحروب التي تَرْفُل في اندلاع النعوش

التي تُوَشِّحُ جنودها بأوسمة الدم

الخيول التي يَعْلَقُ بنواصيها خجلُ الصهيل

التي أَنِفَتْها المرابضُ

وَ شَاخَتْ على صهواتها السروجُ

البنادق التي يجلدها الصَّدأ

و يُوَبِّخُها البارودُ

النبوءات الضائعة في حُكْم الغيب

الأحلام الضالعة في الرسوب

الهزائم الْمُرصِّعة هامة الْحِقب

الثَّورات المنقوصة النصر

التاريخ الذي ركب القطار وتَخَلَّف

الحياةَ بكامل قامتها الحضيض

حتى صاروا إخوة أشقاء للعنات

وأصعد إلى الجبل

لأتمرن قليلا على العزلة

أنا الذي زاده يُتْم ُالعتبات

ليلٌ كبير السِّنِّ

وَرِثْتُه من أرض واسعة الضيق

بعضُ ذِكْريات

بِضْعُ أغنيات لاجئة

من قساوة النسيان

ونَايٌ يُبَارِكُ المدى ذاكرته

تسوقني الظنون إلى يقينها

الهاوية إلى جحيمها الأكثر رَأْفَة

أطرحُ حُرْقة الأسئلة جانبا

و ألتحفُ مجازَ الرؤيا

أُطِلُّ على ظلالي تُحدِّقُ بِقلَقِها

في الأعالي

تنفثُ حَيْرتها في وجه الصمت

تلوذُ إلى عزلة الجِدار

تُلَوِّحُ لي من بعيد قريب

فأخدشُ هَيْبَتَها

بضحكة عالية حَدَّ القهقهة

و تضحك من شُموخي الأكثر ضآلة

أُطِلُّ على رُعاة يحرسون السُّهوب

عُشْبَ الجِبال

قطيعَ السَّحاب

و أناملهم تحترقُ شَجْوا على

زَهْوِ النَّايات

أُطِلَّ على الرِّفاق القُدامى وهم

يُلاحقون الغيمَ

ينتظرون الحدائق وهي تُشْرِقُ

في جبين الآتينَ من جهة الأرض

و لا يَمَلُّون

أُطِلُّ على أهلي و هم

يُشَيِّدون بيوتا من الصبر

يُطرِّزون عزلتهم أُلْفَة

و يخيطون الوقت بِإِبَرِ الفجر

و العُنْفُوان

فأُ وزِّع دَمِي بين أفراد الغابة

و أمضي إلى كهوف تُعَذِّبُها

أنفاس المحاربين

إلى منحدرات تتهجى ِفِهْرِسَ الخيانات

إلى فِجَاجٍ تُذَهِّبُها قوافِلُ الراحلين إلى صَفْوِهِم

و إلى قطرة تتفتَّحُ ينابيعَ و أَجَمات

حيث الوُعولُ تصقُلُ قَوَافِلَها للرَّقْص

الآيائل ُ تُرَوِّضُ المُروج للحفيف

بناتُ آوى تُرَتِّبُ الْأدْغالَ للغبطة

الغُزْلانُ تَحْرُسُ مَماَلِكَ المدى

الْقُبَّرَاتُ تُزٍيلُ قُبَّعات الخوف

احتفاء بِقُدومي

أنا الوحش الضَّاري

أَلْتَهِمُ المسالكَ و هي تُبَايِعُ خطواتي

أَطْوي الخلاءات

و خلفي تعوي ذِئَابُ الأرْضِ

و تَصْهَلُ في مَدَايَ جِيَادُ العتمه ….

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.