الرئيسية | شعر | القطرة التي أفاضت الكأس | حسن حجازي

القطرة التي أفاضت الكأس | حسن حجازي

حسن حجازي

1 – ولدت قبل الأوان

من قبو العتمات خرجت
منتشيا بعريي الفاضح،
من وكر الوجل المطبق
على قفصي الصدري
المنخور بدخان الفقد
انكشفت على هذا العالم السفلي،
منكسا،
قدفت قبل الأوان
من رحم التيه،
لم تكن الشمس
قد تعطرت بعد
برائحة التراب،
من شدة الفرح
نسيت أمي أن تكبل رجلي
بسيقان  الزعتر البري
وأن تطعمني من ثديها الثالث،
حري بي الآن أن أنسحب
من كل هذا الموت
قبل فوات الأوان
أدرك جيدا أن الأمر صعب
مادمت لم أعثر بعد
على حبل السرة
الذي دفنته تلك الداية الضريرة
في مقبرة ما معلقة
مابين خيالي والوهم!

 

2 – صاحب الكهف

لم يكن بالكهف الذي آويت إليه فتية
كنت وحدي، وكان بالوصيد كلبي
الذي هو من فصيلة ” Rottweilers”
نمت كما ينام الخلق
بضع سويعات ﻻ أقل ولاأكثر
وأنا أصحو فزعت لشكلي
فها أنذا صرت حليق الوجه
بعد أن كانت لي لحية مسدلة حتى الساقين
وهذا كلبي الضخم
قد تضاءل حجمه
وصار مجرد جرو وديع،
وأنا أطل من كوة ما
رأيت الناس مابين جيئة وذهاب
يقودون قطعان الجاموس والرينوسيروس
نحو مدبح المدينة التي بنيت
على أنقاض أحلامي البئيسة!

 

 3 – أنت القطرة التي أفاضت الكأس

بمعنى ما،
كنت دائماً
تلك الكأس الفارغة
التي تصفر الريح في مداراتها،
أما أنت فنفس القطرة
التي جرفتني من فراغات التأويل
نحو  سهوب اللغة المجدبة،
بتعبير آخر،
أنت القطرة التي أفاضت الكأس
ففاضت روحي من حولها!

4 – أشباحي الجميلة

مساءاتي طويلة جدا
مثقلة بغيوم كثيرة
وببقية من ضجر،
يحلو لي فيها أن أنعم بصيد وفير
إذ أقنص الأيول والثعالب
والتماسيح والسحالي والسناجب
كلما شعرت بالبرد أوقد نارا عظيمة
بها أتدفأ وبجمرها أعد حفلة باربيكيو
لأشباحي الجميلة
التي تسكن إلي وأسكن إليها
التي تكاشفني وأمد حبل البوح إليها،
صباحاتي مصفدة
بأزاميل من حرير،
تكاد تكون صافية وشفيفة
إذ هي كذلك فإني ﻻأتورع أن أتسلق
تلك التلة المترائية من بعيد
أتدحرج على متن كرة الثلج
نحو شاطئ البحر
إذ هناك تعلمت لأول مرة
رقصة الفقم
ومشية السلطعون
العارف بالبحر
والحاكم بأمره!

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.