محمد سعود:
يعتبر الفنان الغاني “آل أنستوي” (El Anatsui) أبرز الفنانين الأفارقة على الإطلاق وأحد الرموز الفنية الكبرى في العالم، توج مساره الفني الغني بعدة جوائز عالمية منها جائزة الأكاديمية البريطانية للفنون وجائزة بنيالي فينيسيا وجائزة الأكاديمية الأمريكية للفنون وكذلك جائزة الأمير كلاوس التي تعتبر أرفع جائزة مالية ومعنوية في مجال تطوير أبعاد الثقافة المعاصرة.
عرضت أعماله في كبريات المتاحف العالمية وحطم كل الأرقام القياسية في المبيعات على المستوى الإفريقي في انتظار ما ستستفر عنه مزادات 2016، عاش هذا الفنان في غانا وانتقل إلى نيجيريا ليعمل فيها أستاذا لمادة النحت في جامعة “نسوكا”، وانضم للمجموعة المعروفة باسم هذه الجامعة التي تضم خيرة الفنانين الأفارقة خاصة في مجال النحت. لم يرحل إلى أوروبا أو أمريكا كما هو الشأن بالنسبة لجل مشاهير الفن في العالم، بل بقي في نيجريا لمدة 40 سنة، إلى درجة أن نيجريا تعتبره مفخرة لها رغم أن بلده الأصلي هو غانا.
يعتمد الفنان “آل انتسوي” على الإنشاءات الجمالية التي تمزج بين التركيب والاستعادة récupération، حيث يركز على مواد مستعملة أو متلاشية ويعيد تركيبها وقد تتجاوز في بعض أعماله هذه الأجزاء مليوني قطعة، وتشبه إلى حد كبير فن “القماش المضاف” أو ما يعرف بالباتشوورك، ولكن الفنان الغاني لا يعتمد فقط على قطع القماش بل جل أعماله هي قطع معدنية أو سدادات قنينات ويخلق منها نسيجا يشبه الحصير، أي يخلق نصا فنيا أو نسيجا فنيا من مجموعة كبيرة من المواد والتي هي عبارة عن نصوص بصرية. وتشبه ألوان أعماله الفنية في بنائها الكلي ألوان لوحات الفنان النمساوي “كليمت”.
واستعادة récupération المواد لإعادة تشكيلها هي ظاهرة معروفة في الكثير من البلدان الإفريقية كاسترجاع قطع القماش المتلاشية لصناعة ما يشبه الزرابي أو نسميه في بلدنا ببوشرويط أو “بوشراوط” حسب كل منطقة، كما تنشر هذه الظاهرة بشكل كبير في منطقة “أشنتي” الغانية وكذلك في حوض دول وسط غرب أفريقيا، حيث يتم استعادة الكثير من المواد وإعادة تشكيلها لأغراض متعددة ، ولا علاقة لها بالإيكولوجيا بل تعود إلى العوز الذي تعاني منه هذه البلدان ، ولذلك فان الفنان” آل أنتسوي” يصرح أن لا علاقة لفنه بالمجال الإيكولوجي.