الرئيسية | أدب وفن | الفن | تشكيل | أعمال التشكيلي عبد الفتاح بلالي سفر في الرموز | عزالدين بوركة

أعمال التشكيلي عبد الفتاح بلالي سفر في الرموز | عزالدين بوركة

بوركة عزالدين

 

السفر في الزمن، السفر في تاريخ الفن، البحث الشاق والرزين هكذا يمكننا أن نستهل حديثنا عن معرض الفنان التشكيلي عبد الفتاح بلالي، إذ يعرض هذا الفنان أعماله الأخيرة بدار العرض ابن خلدون بمدينة طنجة، وذلك في الفترة الممتدة ما بين 02 شتنبر إلى غاية نهاية الشهر الجاري. هذا ويعتبر  عبد الفتاح بلالي من الفنانين التشكيليين المغاربة الذين يهتمون بالبحث الميداني والتنقيب على أساليب خاصة مستدرجين تقنياتهم من التجارب البحثية ميدانية.

معرض بلالي (6)

هذا المعرض هو باكورة أعمال التشكيلي عبد الفتاح بلالي الناتجة عن بحث في الرموز والعلامات وذلك -كما يقول الفنان عينه- على خلفية زيارة لمجموعة من المواقع الصخرية ببلادنا. نذكر منها الموقع الأركيولوجي لأوكايمدن نواحي مراكش وموقع سيدي عبدالله بطاطا ومواقع أخرى متفرقة بالمملكة.

هذا وتعتبر هذه الأعمال التجريدية المعتمدة على تقنيات الحفر والكولاج، تأتي استحضارا لروح الإنسان الأول بالمغرب وما أرّخه على جدران كهوفه والأحجار المنقوشة في مجمل الأرض المغربية،  مستعينا -أي الإنسان الأول- بشكل لا واع على تقنيات الحفر، عبر ما أتيح له من أدوات بدائية.. كأني به الفنان يعيد إحياء التاريخ من رميم اللون والمادة وخاماته على مربع القماشة واللوحة.

معرض بلالي (1)

أعمال عبد الفتاح بلالي سفر في الرموز، أو هكذا عَنْوَن معرضه الأخير هذا، الذي يأتي نتاجا لبحث رزين وشاق داخل عوالم يصعب الوصول إليها إلا بمشق الأنفس ورغبة ملحاحة في تحقيق المستحيل، ونقل التاريخ من “متاحف الهواء الطلق”، أو كما يسميها ذات الفنان، إلى اللوحة مستعينا بتقنية الحفر والكولاج داخل دائرة التجريد كمدرسة يعتمدها الفنان مدخلا لكل أعماله الفنية، التي ترقى لتكون تجسيدا خلاقا لماض لا يفنى.

معرض بلالي (8)

تأتي الأعمال المعروضة اليوم لهذا الفنان، معتمدة على الخلفية اللونية الأحادية monochrome، وعامرة بشكل متناثر وخفيف برموز يستقيها الفنان من النقوش البدائية، من دوائر صغيرة وأخرى كبيرة وعلامات وخطوط ورموز تخلد لما كان يراه ويفعله الإنسان الأول في بيئته القديمة من عمليات صيد ومعارك… هذا ويأتي الكولاج كتقنية يهرب بها الفنان من الفراغ إلى ملأ وإحداث بعد آخر  ينضاف لحركية اللون أو خشونة القماشة التي يتركها أحيانا كما هي خلفية فارغة من اللون، كأنها سند بدائي يعتمده الفنان لحفر أبعاده التي يعتمد لها تقنية الكولاج، اختيار ذو رؤية فنية تتأصل من البحث الرزين في تاريخ الفن، لما لهذه التقنية من علاقة بالفن الإفريقي البدائي، إذ يرجع إحداثها إلى المدرسة التكعيبية التي تأثر بالفن البدائي بادئ نشأتها.

معرض بلالي (10)

ليكون بالتالي الفنان التشكيلي عبد الفتاح بلالي قد حقق شرط بحثه الذي قضى فيه خمس سنوات من التقصي في أقاصي وربوع المغرب، منقبا عن رموزه التي تعمّر مساحة وحيز الأعمال المعروضة اليوم.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.