الرئيسية | ترجمة | الصُّورَةُ المُزْدَوَجَةُ | آنْ سِيكِسْتُونْ – مُحَمَّد حِلْمِي الرِّيشَة / مَاسَة مُحَمَّد الرِّيشَة – فلسطين

الصُّورَةُ المُزْدَوَجَةُ | آنْ سِيكِسْتُونْ – مُحَمَّد حِلْمِي الرِّيشَة / مَاسَة مُحَمَّد الرِّيشَة – فلسطين

قصيدة بقلم آنْ سِيكِسْتُونْ
ترجمة: مُحَمَّد حِلْمِي الرِّيشَة / مَاسَة مُحَمَّد الرِّيشَة

1.
بَلَغْتُ الثَّلاَثِينَ فِي تَشْرِينَ الثَّانِي الحَالِيِّ.
أَنْتِ مَا زِلْتِ صَغِيرَةً، فِي سَنَتِكِ الرَّابِعَةِ.
نَقِفُ نُرَاقِبُ أَوْرَاقَ الشَّجَرِ الصَّفْرَاءِ تَذْهَبُ عَلِيلَةً،
وَتُرَفْرِفُ مُتَلاَطِمَةً فِي مَطَرِ الشِّتَاءِ.
تَهْوِي انْبِطَاحًا وَتُغْسَلُ. وَأَتَذَكَّرُ
عُمُومًا أَنَّكِ كُنْتِ لاَ تُقِيمِينَ هُنَا فِي فُصُولِ الخَرِيفِ الثَلاَثَةِ.
قَالُوا لَنْ أَسْتَرْجِعَكِ أَبَدًا مَرَّةً أُخْرَى.
أُخْبِرُكِ حَقًّا بِمَا لَنْ تَعْرِفِينَهُ أَبَدًا:
كُلُّ الفَرَضِيَّاتِ الطِّبِّيَةِ
الَّتِي أَوْضَحَتْ دِمَاغِي لَنْ تَكُونَ أَبَدًا صَحِيحَةً كَأَنَّهَا أَوْرَاقُ الشَّجَرِ هذِهِ المُتَضَارِبَةِ المُغَادِرَةِ.

أَنَا، مَنِ اخْتَرْتُ مَرَّتَيْنِ
كَيْ أَقْتُلَ نَفْسِي، كُنْتُ قُلْتُ لَقَبَكِ
أَفْوَاهَ البُكَاءِ عِنْدَمَا جِئْتِ أَوَّلاً؛
إِلَى أَنْ تَحَشْرَجَتْ حُمَّى
فِي حَلْقِكِ، وَانْتَقَلَتْ مِثْلَ إِيمَاءَةٍ
فَوْقَ رَأْسِكِ. مَلاَئِكَةٌ قَبِيحُونَ تَحَدَّثَتْ إِلَيَّ. اللَّوْمُ،
سَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ، كَانَ عَلَيَّ. كَانُوا يَغْتَابُونَ
مِثْلَ سَاحِرَاتٍ خُضْرٍ فِي رَأْسِي، وَيَسْمَحُونَ لِلْهَلاَكِ
بِالتَّسَرُّبِ مِثْلَ صُنْبُورٍ مَكْسُورٍ؛
كَأَنَّ الهَلاَكَ غَمَرَ بَطْنِي وَمَلأَ مَهْدَكِ،
وَدَيْنٌ قَدِيمٌ يَجِبُ أَنْ أَعْتَبِرَهُ.

كَانَ المَوْتُ أَكْثَرَ بَسَاطَةً مِمَّا كُنْتُ أَعْتَقِدُ.
الحَيَاةُ اليَوْمِيَّةُ جَعَلَتْكِ جَيِّدَةً وَصَحِيحَةً
لَقَدْ سَمَحْتُ لِلسَّاحِرَاتِ بِأَنْ يَأْخُذْنَ رُوحِي المُذْنِبَةَ.
تَظَاهَرْتُ أَنَّنِي مَيِّتَةٌ
إِلَى أَنْ ضَخَّ الرِّجَالُ البِيضُ السُّمَّ خَارِجًا،
وَوَضَعُونِي فِي عَزْلٍ، وَغَسَلُونِي مِنْ خِلاَلِ الكَلاَمِ الفَارِغِ
لِصَنَادِيقِ الكَلاَمِ وَالسَّرِيرِ الكَهْرَبَائِيِّ.
ضَحِكْتُ لِرُؤْيَةِ الحَدِيدِ الخَاصِّ فِي ذلِكَ الفُنْدُقِ.
أَوْرَاقُ الشَّجَرِ الصَّفْرَاءُ اليَوْمَ
تَذْهَبُ عَلِيلَةً. سَأَلْتِنِي أَيْنَ تَذْهَبُ؟ أَقُولُ آمَنَتِ اليَوْمَ
بِنَفْسِهَا، وَإِلاَّ سَقَطَتْ كَذلِكَ.

اليَوْمَ، يَا طِفْلتي الصَّغِيرَة، (جُويْس)،
أَحِبِّي ذَاتَكِ نَفْسَهَا حَيْثُ تَعِيشُ.
مَا مِنْ إِلهٍ خَاصٍّ لِلرُّجُوعِ إِلَيْهِ؛ أَوْ إِذَا وُجِدَ،
فَلِمَاذَا سَمَحْتُ لَكِ بِأَنْ تَنْشَئِينَ
فِي مَكَانٍ آخَرَ. أَنْتِ لَمْ تَعْرِفِي صَوْتِي
عِنْدَمَا عُدْتُ لأَتَّصِلَ. جَمِيعُ صِيَغِ التَّفَوُّقِ
لِشَجَرَةِ الغَدِ البَيْضَاءِ وَالهَدَالِ
لَنْ تُسَاعِدَكِ عَلَى مَعْرِفَةِ أَيَّامِ العُطَلِ الَّتِي عَلَيْكِ تَفْوِيتَهَا.
فِي الوَقْتِ الَّذِي لَمْ  أَعْشَقْ بِهِ
نَفْسِي، زُرْتُ نَوَاحِيكِ المَجْرُوفَةَ؛ قَبَضْتِ أَنْتِ عَلَى قُفَّازِي.
كَانَتْ ثُلُوجٌ جَدِيدَةٌ بَعْدَ هذَا.

2.
أَرْسَلُوا لِي الرَّسَائِلَ مَعَ أَخْبَارِكِ،
وَأَنَا صَنَعْتُ أَحْذِيَةً بِلاَ كُعُوبٍ لاَ أَوَدُّ اسْتِعْمَالَهَا أَبَدًا.
عِنْدَمَا نَشَأْتُ جَيِّدًا بِمَا يَكْفِي لِتَحَمُّلِ
نَفْسِي، عِشْتُ مَعَ أُمِّي، قَالَتِ السَّاحِرَاتُ.
لكِنِّي لَمْ أَرْحَلْ. كَانَتْ لِي صُورَتِي
القَائِمَةُ بَدَلاً عَنْ ذلِكَ.

مِنْ طَرِيقِ الحَيِّ الخَلْفِيَّةِ مِنْ (بِيدْلاَمْ)
جِئْتُ إِلَى مَنْزِلِ أُمِّي فِي (غْلُوسِسْتِرْ)،
فِي (مَاسَّاتْشُوسِيتسْ). وَهذِهِ هِيَ كَيْفِيَّةُ حُضُورِي
لِلِقَائِهَا؛ وَهذِهِ كَيْفِيَّةُ فَقْدِي لَهَا.
قَالَتْ أُمِّي: لاَ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَغْفِرَ لَكِ انْتِحَارَكِ،
وَلَمْ تَسْتَطِعْ أَبَدًا. كَانَتْ لَدَيْهَا صُورَتِي
القَائِمَةُ بَدَلاً مِنْ ذلِكَ.

أَقَمْتُ مِثْلَ الضَّيْفِ الغَاضِبِ،
مِثْلَ شَيْءٍ مُرَتَّقٍ جُزْئِيًّا، وَطِفْلَةً كَبُرَتْ بِسُرْعَةٍ.
أَتَذَكَّرُ أَنَّ وَالِدَتِي فَعَلَتْ أَفْضَلَ مَا أَمْكَنَهَا.
أَخَذَتْنِي إِلَى (بُوسْطُنْ)، وَأَعَدْتُ تَصْفِيفَ شَعْرِي.
قَالَتِ المُزَيِّنَةُ: ابْتِسَامَتُكِ مِثْلَ ابْتِسَامَةِ أُمِّكِ.
لَمْ أَكُنْ أَبْدُو لأَهْتَمَّ. كَانَتْ لِي صُورَتِي
القَائِمَةُ بَدَلاً مِنْ ذلِكَ.

كَانَتْ هُنَاكَ كَنِيسَةٌ حَيْثُ تَرَعْرَعْتُ
مَعَ خَزَائِنِهَا البَيْضَاءِ الَّتِي أُغْلِقَتْ عَلَيْنَا،
صَفًّا تِلْوَ صَفٍّ، مِثْلَ المُتَشَدِّدِينَ أَوْ زُمَلاَءِ المَلاَّحِ
نُنْشِدُ مَعًا. عَبَرَ أَبِي صَحْنَ الكَنِيسَةِ.
قَالَتِ السَّاحِرَاتُ: فَاتَ أَوَانُ الغُفْرَانِ الآنَ.
لَمْ يَكُنْ غُفِرَ لِي تَمَامًا. كَانَتْ لَدَيْهِمْ صُورَتِي
القَائِمَةُ بَدَلاً مِنْ ذلِكَ.

3.
كُلُّ مِرَشَّاتِ الصَّيْفِ تَحَدَّبَتْ
فَوْقَ أَعْشَابِ شَاطِئِ البَحْرِ.
تَحَدَّثْنَا عَنِ القَحْطِ
فِي حِينِ أَنَّ المِلْحَ الجَافَّ
ظَهَرَ حَقْلاً جَمِيلاً مَرَّةً أُخْرَى. لِلْمُسَاعَدَةِ فِي مُرُورِ الوَقْتِ
حَاوَلْتُ جَزَّ أَعْشَابِ المَرْجِ الخَضْرَاءِ،
وَفِي الصَّبَاحِ كَانَتْ لِي صُورَتِي القَائِمَةُ،
أَحْمِلُ ابْتِسَامَتِي فِي المَكَانِ، حَتَّى نَمَتْ شَكْلِيًّا.
أَرْسَلْتُ مَرَّةً لَكِ بِالبَرِيدِ صُورَةَ أَرْنَبٍ،
وَبِطَاقَةً بَرِيدِيَّةً لِلْفِكْرَةِ الأُولَى،
كَمَا لَوْ كَانَتْ طَبِيعِيَّةً
لِتَكُونِي أُمًّا، وَذَهَبْتِ.

عَلَّقُوا صُوْرَتِي فِي ضَوْءِ
الشَّمَالِ المُرْتَجِفِ مُطَابِقَةً
لِي لِلْحِفَاظِ عَلَيَّ جَيِّدًا.
أُمِّي فَقَطْ نَشَأَتْ مَرِيضَةً،
وَتَحَوَّلَتْ عَنِّي، كَأَنَّ المَوْتَ كَانَ يَصِيدُ،
وَكَأَنَّ المَوْتَ انْتَقَلَ،
وَكَأَنَّ مَوْتِي التَهَمَ دَاخِلَهَا.
فِي شَهْرِ آبٍ كُنْتِ اثْنَتَيْنِ، بِتَوْقِيتِي لأَيَّامِي بِالشَّكِّ.
فِي الأَوَّلِ مِنْ أَيْلُولَ نَظَرَتْ إِليَّ،
وَقَالَتْ إِنَّنِي أَعْطَيْتُ لَهَا دَاءَ السَّرَطَانِ.
لَقَدْ نَحَتُوا تِلاَلَهَا الجَمِيلَةَ فِي الخَارِجِ،
وَمَازِلْتُ لاَ أَسْتَطِيعُ الإِجَابَةَ.

4.
جَاءَتْ فِي ذلِكَ الشِّتَاءِ
مِنْ طَرِيقِ الحَيِّ الخَلْفِيَّةِ
مِنْ شَقَّتِهَا الجَدْبَاءِ
التَّابِعَةِ لِلأَطِبَّاءِ، مُصَابَةً بِدُوَارِ البَحْرِ،
وَجَوْلةِ الأَشِعَّةِ السِّينِيَّةِ،
وَعِلْمِ حِسَابِ الخَلاَيَا،
وَذَهَبَتْ مُسْتَسْلِمَةً. جِرَاحَةٌ غَيْرُ مُكْتَمِلَةٍ
فِي الذِّرَاعِ الثَّخِينَةِ، وَسُوءُ التَّشْخِيصِ، سَمِعْتُهُمْ
يَقُولُونَ.

خِلاَلَ عَوَاصِفِ البَحْرِ الثَّلْجِيَّةِ
كَانَتْ لَهَا هُنَا
صُورَتُهَا المَرْسُومَةُ.
كَهْفُ مِرْآةٍ
وُضِعَتْ عَلَى الجِدَارِ الجَنُوبِيِّ؛
مُطَابِقَةً ابْتِسَامَةً، وَمُطَابِقَةً مُحِيطَ الشَّكْلِ.
وَأَنْتِ تُشْبِهِينَنِي؛ غَيْرُ مُلِمَّةٍ
بِوَجْهِي، وَأَنْتِ لَبِسْتِهِ. لكِنَّكِ كُنْتِ لِي
بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ.

قَضَيْتُ فَصْلَ الشِّتَاءِ فِي (بُوسْطُنْ)،
عَرُوسًا بَتْرَاءَ،
مَا مِنْ شَيْءٍ جَمِيلٍ لِتَدْبِيرِهِ
مَعَ السَّاحِرَاتِ إِلَى جَانِبِي.
افْتَقَدْتُ طُفُولَتَكِ،
وَحَاوَلْتُ انْتِحَارًا ثَانِيًا،
وَحَاوَلْتُ الفُنْدُقَ المُغْلَقَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ.
مَزَحْتِ مَعِي يَوْمَ كِذْبَةِ نَيْسَانٍ, ضَحِكْنَا، وَكَانَ هذَا
مُمْتِعًا.

5.
فَحَصْتُ لِلْمَرَّةِ الأَخِيرَةِ
فِي الأَوَّلِ مِنْ أَيَّارَ؛
تَأْهِيلَ الحَالاَتِ النَّفْسِيَّةِ،
مَعَ تَحْلِيلاَتِي المُصَدَّقَةِ،
وَكِتَابِي الكَامِلِ عَنِ قَصَائِدِي المُقَفَّاةِ،
وَآلَتِي الكَاتِبَةِ، وَحَقَائِبِ سَفَرِي.

طَوَالَ ذلِكَ الصَّيْفِ تَعَلَّمْتُ حَيَاةَ
العَوْدَةِ إِلَيَّ،
وَالغُرَفِ السَّبْعِ، وَزُرْتُ زَوَارِقَ البَجْعَةِ،
وَالسُّوقَ، وَأَجَبْتُ عَلَى الهَاتِفِ،
وَقَدَّمْتُ “كُوكْتِيلاَتٍ” كَزَوْجَةٍ
يَنْبَغِي عَلَيْهَا، وَجَعَلْتُ المَحَبَّةَ بَيْنَ أَثْوَابِي

وَلَوْنِ شَهْرِ آبٍ الأَسْمَرِ. وَجِئْتِ أَنْتِ فِي كُلِّ
عُطَلِ نِهَايَةِ الأُسْبُوعِ. لكِنَّنِي أَكْذِبُ.
نَادِرًا مَا جِئْتِ. أَنَا فَقَطْ تَظَاهَرْتُ
لَكِ، خِنْزِيرًا صَغِيرًا، وَفَرَاشَةً،
وَفَتَاةً بِخُدُودٍ لُوبِيَّةٍ هُلاَمِيَّةٍ،
وَثَلاَثَةِ عُصَاةٍ، أَيَّتُهَا الرَّائِعَةُ

الغَرِيبَةُ. وَكَانَ عَلَيَّ أَنْ أَتَعَلَّمَ
لِـمَاذَا مِنَ الأَفْضَلِ
أَنْ أَمُوتَ عَلَى الحُبِّ، وَكَيْفَ لِبَرَاءَتِكِ
أَنْ تُؤْذِيَ، وَكَيْفَ أَجْمَعُ
الإِثْمَ مِثْلَ شَابٍّ يَحْبِسُ جَبْرًا
أَمَارَاتِهِ، وَبَيِّنَتَهِ المُؤَكَّدَةَ.

ذَهَبْنَا فِي ذلِكَ اليَوْمِ مِنْ شَهْرِ تَشْرِينَ الأَوَّلِ
إِلَى (غْلُوسِسْتِرْ)، وَالتِّلاَلُ الحَمْرَاءُ
ذَكَّرَتْنِي بِمِعْطَفِ فَرْوِ الثَّعْلَبِ الأَحْمَرِ الجَافِّ
الَّذِي لَعِبْتُ بِهِ كَطِفْلَةٍ؛ لَمْ يَزَلْ مَخْزُونًا
مِثْلَ دُبٍّ أَوْ خَيْمَةٍ،
أَوْ مِثْلَ كَهْفٍ كَبِيرٍ يَضْحَكُ، أَوْ فَرْوِ الثَّعْلَبِ الأَحْمَرِ.

قُدْنَا المَفْقَسَ إِلَى الخَلْفِ،
وَالكُوخُ الَّذِي يَبِيعُ الطُّعْمَ،
خَلْفَ (بِيجُونْ كُوفْ)، وخَلْفَ (يَختْ كْلُوبْ)، وَخَلْفَ (سْكِيوَالْ هِيلْ)،
إِلَى المَنْزِلِ الَّذِي يَنْتَظِرُ،
وَلَمْ يَزَلْ، عَلَى الجُزْءِ العُلْوِيِّ مِنَ البَحْرِ،
وَصُورَتَانِ مُعَلَّقَتَانِ عَلَى الجِدَارَيْنِ المُتَقَابِلَيْنِ.

6.
فِي ضَوْءِ الشَّمَالِ، ابْتِسَامَتِي مَعْقُودَةٌ فِي المَكَانِ،
وَالظِّلُّ يُحَدِّدُ عُظَامِي.
الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ أَحْلُمَ بِهِ بَيْنَمَا جَلَسْتُ هُنَاكَ،
وَكُلُّ انْتِظَارِي فِي العُيُونِ، مَنْطِقَةُ
الابْتِسَامِ، وَوَجْهُ الشَّابِّ،
وَفَخُّ الثَّعَالِبِ.

فِي ضَوْءِ الجَنُوبِ، ابْتِسَامَتُهَا مَعْقُودَةٌ فِي المَكَانِ،
وَوَجْنَتَاهَا ذَابِلَتَانِ مِثْلَ سِحْلِيَّةٍ
جَافَّةٍ؛ مِرْآتِي السَّاخِرَةُ، وَحُبِّي الَّذِي
أُطِيحَ بِهِ، وَصُورَتِي الأُولَى. تُوَاجِهُنِي بِعُيُونِهَا مِنْ ذلِكَ الرَّأْسِ الحَجَرِيِّ لِلْمَوْتِ
الَّذِي تَجَاوَزْتُهُ.

قَبَضَ عَلَيْنَا الفَنَّانُ وَنَحْنُ نَسْتَدِيرُ؛
ابْتَسَمْنَا فِي مَنْزِلِنَا الكِتَّانِيِّ
قَبْلَ أَنْ نَخْتَارَ طُرُقَنَا المَحْدُوسَةَ المُتَفَرِّقَةَ.
مِعْطَفُ فَرْوِ الثَّعْلَبِ الجَافِّ صُنِعَ لِلْحَرْقِ.
تَعَفَّنْتُ عَلَى الجِدَارِ،
وَ(دُورْيَانْ غْرِايْ) خَاصَّتِي.

وَكَانَ هذَا هُوَ كَهْفُ المِرْآةِ،
حَيْثُ المَرْأَةُ المُزْدَوَجَةُ الَّتِي تُحَدِّقُ
فِي نَفْسِهَا، كَأَنَّهَا تَحَجَّرَتْ
فِي الوَقْتِ المُنَاسِبِ- سَيِّدَتَانِ تَجْلِسَانِ عَلَى كُرْسِيَّيْنِ بُنِّيَّيْنِ مُصْفَرَّيْنِ.
لَقَدْ قَبَّلْتِ جَدَّتَكِ،
وَهِيَ صَرَخَتْ.

7.
لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أُعِيدَكِ
مَا عَدَا عُطَلِ نِهَايَةِ الأُسْبُوعِ. كُنْتِ تَجِيئِينَ
فِي كُلِّ مَرَّةٍ، وَتَتَشَبَّثِينَ بِصُورَةِ أَرْنَبٍ
كُنْتُ أَرْسَلْتُهَا لَكِ. لِلْمَرَّةِ الأَخِيرَةِ أَفُكُّ
أَشْيَاءَكِ. نَحْنُ عَلَى اتِّصَالٍ عَادَةً.
طَلَبْتِ اسْمِي فِي أَوَّلِ زِيَارةٍ لَكِ.
الآنَ سَوْفَ تَظَلِّينَ مِنْ أَجْلِ الخَيْرِ. سَوْفَ أَنْسَى
كَيْفَ تَفَرَّقنَا بَعِيدًا عَنْ بَعْضِنَا البَعْضِ مِثْلَ دُمًى مُتَحَرِّكَةٍ
عَلَى خُيُوطٍ. لَمْ تَكُنْ مُتَشَابِهَةً
كَالحُبِّ، وَعُطَلاَتِ نِهَايَةِ الأُسْبُوعِ المَسْمُوحَةِ الَّتِي
تَحْتَوِينَا. كُنْتِ خَدَشْتِ رُكْبَتَكِ. حَفَظْتِ اسْمِي،
مُتَذَبْذِبَةً فَوْقَ الرَّصِيفِ، تُنَادِينَ وَتَبْكِينَ.
يُمْكِنُكِ أَنْ تُنَادِينِي أُمًّا، فَأَتَذَكَّرُ أُمِّي مَرَّةً أُخْرَى،
فِي مَكَانٍ مَا فِي (بُوسْطُنْ) الكُبْرَى، وَهِيَ تَحْتَضِرُ.

أَتَذَكَّرُ أَنَّنَا أَسْمَيْنَاكِ (جُويْس)
حَتَّى نَتَمَكَّنَ أَنْ نُنَادِيَكِ (جُويْ).
جِئْتِ مِثْلَ ضَيْفٍ مُحْرِجٍ
فِي المَرَّةِ الأُولَى تِلْكَ، مَلْفُوفَةً كُلَّكِ وَمُبَلَّلَةً،
وَغَرِيبَةً عَلَى صَدْرِي المُجْهَدِ.
احْتَجْتُ لَكِ. لَمْ أَكُنْ أُرِيدُ وَلَدًا،
بَلْ بِنْتًا فَقَطْ، فَأْرَةً صَغِيرَةً حَلِيبِيَّةً
لِفَتَاةٍ، أَحْبَبْتُ مُسْبَقًا، وَفِعْلاً صَرَخَتْ فِي
مَنْزِلِهَا. أَسْمَيْنَاكِ (جُويْ).
أَنَا، مَنْ لَمْ تَكُنْ مُتَأَكِّدَةً تَمَامًا
مِنْ كَوْنِي فَتَاةً، احْتَجْتُ
حَيَاةً أُخْرَى، وَصُورَةً أُخْرَى لِتَذْكِيرِي.
وَكَانَ هذَا أَسْوَأَ ذَنْبٍ؛ أَنْتِ لاَ تَسْتَطِيعِينَ عِلاَجَهُ
أَوْ تَخْفِيفَ أَلَمِهِ. لَقَدْ صَنَعْتُكِ لِتَجِدِينَنِي.

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.