الرئيسية | شعر | أمي… أنا أصدّقكِ..| علا فوزي

أمي… أنا أصدّقكِ..| علا فوزي

كنتُ أُصلّي الى الله.. بلا ركوع ولا سجود..

لم أكن أظن أنه سيحتاج لتوسُّلي هذا.. كنتُ واثقة انه سيحبّ وجهي أكثر..

وكانت الصلة مختلفة عن سجادة علاء الدين..

وعن حجر الخيميائي السحري

كانت الصلة سُلّماً يمتد من سطح داري … إلى أبعد من السماء..

لا أدري إن كانت صلاتي ذات معنى .. وأنا أُصلّي لل ( لا شيء)

فأنا لم أشعر أن ذلك السُّلَّم قد ارتطم بقدم الله.. بطرف كُرسيّه مثلاً.. ولا حتى بباب داره..

ولكني كنت اصلّي على أية حال..

باغتتنا الحرب دون سؤال.. كجارتي الحمقاء عندما تأتينا على غفلة .. تُلوّن جدران بيتنا بألوان النميمة القاتمة .. تسرق أنوار منزلنا وتخرج بخفّة تلك اللعينة ..

لكن الحرب كانت أشدّ وطأة ..كطوفان لا يعرف الرحمة ..

ما من نبيّ يُرشدنا..

ما من سفينة تنجدنا..

مهلاً … أليس هذا السُّلّم خاصتي ؟!

رباااااه.. ماهذه الفوضى؟

كأنه يوم الحشر ..يتسلّقه الناس أفواجاً للنجاة ..

رأيتُ أُمّاً تدوس على رأس ابنها حتى تنجو بنفسها..

وهذا .. اني أعرفه.. انه شيخ حيّنا يحمل حقيبته على ظهره تتناثر منها الأوراق النقدية ..

لمَ لمْ يضع بها أحد الأيتام؟!

هناك في القمة شاب يحمل بندقية .. يرشق كل من تحته بالرصاص.. جاحظاً عيناه .. ضاحكاً بشكل هستيري حتى بانت في حلقِه اللُهاة !

في المنتصف رجل مخمور مُحمرّ الأنف .. يتأرجح يُمنة ويسرى .. لا أدري كيف صمد الى هذا الحد.. يُغنّي ويشتُم ، يضحك ويبكي، ويُنهي كل مقطوعة ب : بصحتك يا الله !

بدأتِ المياه تغمرني ..

فجأة سمعتُ صوت والدتي .. انها تتسلق السُّلَّم بصعوبة .. تُلوّح لي طالبةً الابتعاد ..

صرختُ بها : اين تذهبين؟ ستموتين !

رَشَقَتني بحجر أخطَأني ..

كان ملفوفاً بورقة .. حين أمسكتُها لم أعد أرى والدتي!

فتحتُها ويدي ترتجف.. الورقة ترقص.. والمياه ترتفع.. :

ابنتي..

لا إله في نهاية هذا السُّلّم..

لم أستطع البوح لك سابقاً لئلّا أُقتَل..

اذهبي.. سألحق بكِ بعد أن أُحضر والدكِ.. فقد أضلّ الطريق..

ان الله في داخلكِ يا ابنتي.. انه ضميرك الحي..

انتِ صورة الله لا تنسي..

تذكري التفاحة التي لم تسرقيها..

ولم تكن مخافة الله من ردَعَكِ.. وإنما ضميركِ..

أحبّكِ.

غمرتني المياه..وراحت تقذفني بعيداً.. لم أعد أعرف أين أنا

وكدتُ أغرق، لكني وجدتُ نفسي فجأةً بين ذراعيّ موظّفٍ في الصليب الأحمر..

ووجهي وجسدي يعتصران دماً..

يبدو أني كنتُ تحت سقف الدار الذي سقط قبل قليل بفعل صاروخ مبارك من السماء!

أين أمي؟ أين أبتي؟

قالت أنها ستلحق بي.. وأنا أُصدّق أمي..

سأكتفي برائحتكِ.. بقطعة الحبل السرّي التي تركتِها داخلي..

نعم نحن صورة الله على الأرض..

نحن قطع بازل

سيأتي يوم وتكتملُ به اللوحة..

إما بعودتكِ يا أمي

أو برحيلي إليكِ

أنا أُصدّقُكِ..

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.