الرئيسية |
فكر ونقد |
عندما يقف الناس ويسألون أنفسهم عن معنى الديمقراطية | محمود محمد
عندما يقف الناس ويسألون أنفسهم عن معنى الديمقراطية | محمود محمد
محمود محمد
أحيانا أن أتكلم مع شخص وأتصور حد اليقين إنني أعرف وجهة نظره أو في أقل تقدير الاتجاه الذي يفكر به، لكنني أتفاجأ بتناقض الحقيقة مع تصوري هذه حالة تحدث كثيرا ومع أقرب الناس إليَّ، أتكلم مع من تصورته رأسماليا فأجد إنه في داخله اشتراكي مبدئيا والرأسمالية التي يتكلم عنها هي تصوره الشخصي لتوجهه لكنها لا تنطبق مع أي من المبادئ الرأسمالية، كالاتفاقيات المشتركة وحق الملكية والسوق المفتوحة وحرية المنافسة.
هي حالة لا تحدث في السياسة فقط بل حتى مع أخواتي وأهلي فأنا أتفاجأ أحيانا، بفكرة أخي عن أبي أو فكرة أبي عن أمي وكيف إن أفكارنا تتباعد كثيرا ونحن الذين عشنا حياتنا متقاربون.
نعيش تحت أوتاد الدكتاتورية والفكرة الأساسية إننا لا نختلف أبدا عن بعضنا، ومن يختلف مع النظام خائن وعميل ويجب تصفيته، وهكذا الرئيس يحصل على تسعة وتسعين فاصل تسعة وتسعين أخريات من أصواتنا ونحن نبايعه على الحكم دون أن يكون هناك مهرج يقف جنبه ليمثل دور خيارنا الأخر.
الحكومات الديمقراطية في العالم لا تستطيع، أن تصل إلى السلطة بأرقام دكتاتورية وأحيانا يقف الناس ويسألون أنفسهم عن معنى الديمقراطية، حين لا يصوت أكثر من عشرين في المائة من الشعب، أو حين يكون القرار مشطورا بالنصف، قد لا تعجبنا الديمقراطية وشخصيا هناك أشياء كثيرة فيها لا تقنعني لكنها أفضل بكثير من الدكتاتورية، وللأسف فنحن وصلنا إليها أو هي وصلت إلينا، بعد نظام دكتاتوري لم يعلمنا معنى الاختلاف بالرأي.
الديمقراطية تعني إن من حق بعض الناس أن يروا حكمة علي وبعضهم حكمة بوذا وبعضهم يريد عمر وآخرون علمانيون لا يريدون حكماً دينياً، من حقنا أن نختلف دون أن نجلد، أو نقتل، أو نهجر، أو نكفر، أو تغلق مسجد، أو كنيسة، أو معبد، بسبب اختلافنا!
نحن لن نستطيع أن نوحد آراءنا رغم إن كل واحد منا يتمنى ذلك لكن توحيد الآراء هو حكم الإقصاء الذي تحملناه كما تحمله أجدادنا، من حق الإنسان أن يحتفظ بأفكاره ومن حقه أن يخبرك عن فلسفته واختلافه مع أفكارك.
هذه هي الديمقراطية التي لا تكون بدون تعددية ولك ولي أن نختلف مع بعضنا لكن ليس من حقك أو حقي أن نقصي الأخر لا لشيء سوى إنه يرى وجوده من خلال صليب أو نجمة أو هلال أو حجر.
2016-10-16