الرئيسية | أدب وفن | رسالة إلى حبيبتى | خالد حماد

رسالة إلى حبيبتى | خالد حماد

خالد حماد

 

لم أعتاد  كتابة رسائل الحب، فى وقت مبكر جدا من حياتى عاقبنى مدرسي عن رسائل حب، كنت قد كتبتها لزميلتي، وقتها لم يتعدى عمرى العاشرة، وكنت أخط بقلمى عبارات بالطبع لم اكن بعد فهمت عمقها، لكن كانت عميقة جدا وشفيفة جدا، رقراقة وصافية مثل وجه تلك الطفلة التى كانت بجانبي، المدهش أن زميلي الطيب والذي وشى بي إلى مدرس اللغة العربية، الذي اصر بدوره أن يفتش محفظتي المدرسية، ويستحوذ على رسائلى ثم يمزقها بعد ان اطلع عليها، وقتها كان يتملكنى شعور يعريني أن يكشف شئ خاص جدا بالنسبة لي، دموعى تتسرسب  ورعشة تسكن جسدى، يضحك أستاذي وبلهجة اأامر “افتح يدك” افتحها ودموعى تنزل صوت، لا اعرف كم من الوقت مر وهو منشغل بالضرب وابتسامة الاستبداد والتقويض على  مشاعري  منسابة كنهر على وجهة، لم انظر اليه ولم  احس الا ان هناك شئ ما قتله فى، وزرع  مكانة شئ أخر ، هو “العيب” بمنطلق القبيلة والقبلية والإنغلاق والعتمة وتكميم وقتل الإحساس، وكسر وإغلاق كل النوافذ والأبواب أمام البوح بما يخالجنى، وقتها كنت طفلا، والآن  بعد مرور كل هذة الاعوام والتجارب التى مررت  بها فى حياتى، لا أعرف  لماذا لم أكتب رسالة حب واحدة  متفجرة من داخلى تعبر عن  كل  كل ما يخالجنى، ثمة “عيب” مازال مزروعا، كبر وصار شجرة كبيرة، قوّض حتى فكرة  الكتابة عن  تلك المشاعر التى تسكننى  تجاه من أحب واحببت، فقط أكتب لها أنى أحب وأعشق، لكن مازلت اخجل وتضيع منى  كل الترنيمات عن العشق، أنا القارئ النهم  لرسائل مي زيادة وجبران، المطلع على حكايات كوليت خورى مع نزار قبانى، ورسائل فدوى طوقان لأنور المعداوي، الشاهد على قصص حب أصدقائي، العارف برسائل العاشقين والغارق في قراءات رسائلهم، مازال يقوضنى عصا أستاذي، وشجرة “العيب” التى  سكنت لساني فاخرسته عن البوح بالمحبة، السنوات تجرى وتمر من هنا أمام عيني  ومازلت أضبط نفسي أنني مازلت غارقا فى بئر الخجل في عدمية البوح التي تغرقني في التخييل عن معنى الحب العميق عن الشوق الذي يغمرني كلما وقفت أمام صورة محبوبتى، أمام ضحكتها الغجرية، وغضبها الصحراوي، أكتب لأغسل ذاكرتى بماء ورد الحب، وأذرع شجرة البوح العفية  لمعنى الحب العميق، أتذكر أنني قلت لها لا أمتلك شيئا سوى قلمي فهل تقبلين ذلك المنفلت والمنقلب والمتمرد، والأحمق والساذج. ضحكت فى وجهي قالت مجنون نعم أنا المجنون الذي يحب جنونه وإنفلاته وتمرده. أنا الدرويش والولي  الذي عرف أن  يحبك رغم كل شئ ولم يعرف  سوى ذلك، رغم كل شيء لا أعرف سوى أن أحبك وسأظل.

 يخجلنى جدا أن قلبي  مازال أبيض ولم يغيره شيئا من غبار غضبك.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.