خُولْيَا دِي بُورْغُوسْ*
ترجمة: الدكتور لحسن الكيري**
I – شَفَقٌ
يَا لَكَيْفَ تَعْتَمِلُ فِي رُوحِي فِكْرِةُ
قَضَاءِ لَيْلَةٍ كَامِلَةٍ بَيْنَ ذِرَاعَيْكَ
ذَائِبَةً كُلِّي فِي غَمْرَةِ الْمُدَاعَبَاتِ
بَيْنَمَا أَنْتَ تَسْتَسْلِمُ لِي مُنْتَشِيًا!
***
يَا لَرَعْشَةِ النَّظَرَاتِ اللَّامَحْدُودَةِ
الَّتِي سَتَكْتَنِفُ انْفِعَالَ الْعِنَاقِ،
وَ مَا أَوْدَعَ حِوَارَ الْقُبُلَاتِ
الَّذِي سَأَقُومُ بِهِ مُرْتَعِشَةً عَلَى شَفَتَيْكَ!
***
يَا لَنَفْسِي كَيْفَ أَحْلُمُ بِالسَّاعَاتِ الزُّرْقِ
الَّتِي تَنْتَظِرُنِي كَيْ أَنْبَطِحَ إِلَى جَانِبَكَ،
بِدُونِ مَزِيدِ نُورٍ إِلَّا نُورَ عَيْنَيْكَ،
بِدُونِ فِرَاشٍ سِوَى حُضْنِكَ!
***
يَا لَكَيْفَ أُحِسُّ بِحُبِّي يُزْهِرُ
فِي صَوْتِ غِنَائِكَ الرُّوحَانِيِّ:
نَغَمَاتٌ حَزِينَةٌ، سَارَّةٌ وَ عَمِيقَةٌ،
وَ الَّتِي سَتُؤَلِّفُ بَيْنَ شُعُورِكَ وَ نَشْوَتِكَ!
***
يَا لَلَّيْلَةِ الْمُرَصَّعَةِ بِالنُّجُومِ
وَ الَّتِي سَتُرْسِلُ مِنْ كُلِّ كَوَاكِبِهَا الْمُنِيرَةِ
أَنْوَارًا آيَةً فِي الِانْسِجَامِ الصَّافِي
كَهَدِيَّةِ زَوَاجٍ إِلَى فِرَاشِي!
***
II – مُنْتَصَفُ اللَّيْلِ
لَقَدِ انْتَهَتِ الْفِكْرَةُ الْمُرْبِكَةُ
وَ أَشْعُرُ أَنِّي فِي غَمْرَةِ عِنَاقِكَ،
قَدِ انْقَلَبْتُ إِلَى هَمَسَاتٍ خَرْسَاءَ
و َالَّتِي تَتَوَغَّلُ فِي أَعْمَاقِي مُغَنِّيَةً.
***
اَللَّيْلُ شَرِيطٌ مِنَ النُّجُومِ
الَّتِي أَحَاطَتْ وَاحِدَةً تِلْوَ الْأُخْرَى بِفِرَاشِي؛
وَ حَيَاتِي أَشْبَهُ بِهَذَا كَمَا لَوْ أَنَّهَا هَبَّةُ رِيحٍ
شَابَتْهَا انْدِفَاعَاتٌ وَثَنِيَّةٌ.
****
وَ تَخْرُجُ حَمَامَاتِي الصَّغِيرَةُ
مِنْ عُشِّ أَشْوَاقِهَا الْغَرِيبَةِ
وَ تَمْشِي مُجَسَّدَةً
تُجَاهَ سَمَاءِ يَدَيْكِ الْمِثَالِيَّةِ.
***
يَا لَكَيْفَ أَشْعُرُ بِنَفْسِي فِي جَسَدِكَ
مِثْلَ دَبُّوسٍ فِي ظُلْمَةِ كَوْكَبٍ!
يَا لَكَيْفَ أَشْعُرُ أَنِّي أَصِلُ إِلَى رُوحِكَ
وَ أَنَّكَ تُوجَدُ هُنَالِكَ مُنْتَظِرًا إِيَّايَ!
***
لَقَدِ اجْتَمَعَتْ يَا حُبِّي، لَقَدِ اجْتَمَعَتْ
ضِحْكَاتُنَا الْأَكْثَرُ بَيَاضًا مِنَ الْبَيَاضِ نَفْسِهِ،
وَ يَا لَلْمُعْجِزَةِ! فَعَلَى ضَوْءِ دَمْعَةٍ
تَلَاطَمَا نَحِيبُكَ وَ نَحِيبِي…
***
يَا لَكَيْفَ انْتَهَتِ الْأَمْيَالُ الْأَخِيرَةُ
الَّتِي كَانَتْ تَفْصِلُنِي عَنْ قِطَارِ الْمَاضِي!
يَا لَهَا مِنْ عُذُوبَةٍ تُحَرِّكُنِي كَيْ أَمْكُثَ
فِي الْفَجْرِ الَّذِي شَاطَرْتَنِي إِيَّاهُ!
***
III – فَجْرٌ
يَا لَلَّيْلَةِ الْمُرَصَّعَةِ بِالنُّجُومِ
وَ الَّتِي أَرْسَلَتْ مِنْ كُلِّ كَوَاكِبِهَا الْمُنِيرَةِ
أَنْوَارًا آيَةً فِي الِانْسِجَامِ الصَّافِي
كَهَدِيَّةِ زَوَاجٍ إِلَى فِرَاشِي!
***
يَا لَكَيْفَ تَعْتَمِلُ فِي رُوحِي
هِزَّةُ مَحْبُوبِي الْعَاطِفِيَّةُ،
إِذْ تَحَوَّلَ كُلُّ شَيْءٍ إِلَى أَخَادِيدَ عَمِيقَةً
حَيْثُ أَمْشِي وَ يَدِي فِي ذِرَاعِ حُبِّي!
***
لَقَدْ أَضْحَى حَنَانُ الْأَخَادِيدِ كُلِّهَا
حَائِرًا فِي خُطَايَ،
وَ اللَّحَظَاتُ الْعَذْبَةُ الَّتِي عِشْنَاهَا
لَا زَالَتْ، خَافِتَةً، تَحْلُمُ فِي رُوحِي…
***
إِنَّ الْعَاطِفَةَ الَّتِي انْبَلَجَتْ مِنْ حَيَاتِهِ
– الَّتِي كَانَتْ نَبْعًا فَيَّاضًا فِي حَيَاتِي -،
قَدْ سَارَتْ فِي طَرِيقِ الْفَجْرِ
وَ هَا هِيَ الْآنَ تُحَلِّقُ فَوْقَ كُلِّ الْمُرُوجِ.
***
لَقَدْ رَحَلَ اللَّيْلُ؛ وَ بَقِيَتِ السِّتَارَةُ
الَّتِي تَعْلَقُ بِالذَّاكِرَةِ، مُتَضَايِقَةً،
تَنْظُرُ إِلَيْنَا مِنْ بَيْنِ النُّجُومِ الآفِلَةِ،
وَ مِنَ السَّمَاءِ تَطُوفُ عَلَيْنَا…
***
لَقَدْ رَحَلَ اللَّيْلُ؛ وَ بِعَوَاطِفِ الْفَجْرِ
الْمُتَجَدِّدَةِ بَقِيَ عَالِقًا.
يَعْرِفُ النَّاسُ كُلَّ شَيْءٍ عَنِ الْأَغَانِي وَ الْفَوَاكِهِ،
وَ فِي يَدِي يُوجَدُ طِفْلُ حُبٍّ.
***
لَقَدْ أَمْسَتْ حَيَاتُكَ فِي حَيَاتِي
كَمَا يُمْسِي الْفَجْرُ فِي الْقُرَى؛
وَ يُوجَدُ أَلْفُ عُصْفُورٍ حَيٍّ فِي رُوحِي
مِنْ لَيْلَةِ الْحُبِّ هَذِهِ ذَاتِ الْأَنَاشِيدِ الثَّلَاثَةِ.