تحميل الكتاب
صدر عن دار مخطوطات كتاب “الشعر في حقول الألغام” مختارات من نصوص “ميليشيا الثقافة”
إعداد وتقديم : عبد الرحمن الماجدي
شعراء شباب تمردوا على الواقع الثقافي العراقي وأسسوا مجموعتهم متفقدين ميادين الموت العراقي التي لا تنتهي على طريقتهم الخاصة التي كانت أمينة للواقع السوريالي في العراق مبدعين نصوصا تسبح في بحر من الكابوسية.
مهرجانات شعرهم لا تبتعد عن حقول الألغام أو مفاعل نووي مهدّم مليئة جدرانه و ماحولها بالاشعاعات؟ أو في سيارة أسعاف أو على أسرة المستشفيات؟
إنها صور سوريالية صادمة يصعب تصديقها. لكنها جرت وتجري اليوم في العراق من قبل مجموعة باسلة من الشعراء الشباب قرروا خوض تجربتهم الشعرية بشكل مغاير وموغل في البعد عما يمارسه أقرانهم الذين توقف نبض الشعر في قرائح بعضهم، فانشغلوا بمعارك جانبية بلا طائل
أسس هؤلاء الشعراء الشباب في بابل مطلع العام الحالي 2015 “ميليشيا الثقافة” لتكون ضد كل ما تحيل إليه كلمة ميليشيا من دلالات قاتلة تحاصر العراق وتخوص في الدم العراقي منذ عام 2003، حيث نظموا مهرجانات، بطريقتهم المغايرة في فضح كل ما مسكوت عنه في العراق؛ فثمة مهرجان وسط حقل للألغام، وما أكثرها في العراق، وآخر على جدران وأبواب مفاعل تموز النووي الذي لما يزل يرسل اشعاعات الموت لعشرات الكيلومترات حيث يقطن السكان المجبرين على السكن العشوائي قرب مفاعل تم قصفه عام 1981 من قبل الطائرات الاسرائيلية وعام 1991 من قبل طائرات التحالف الدولي، وأهمل منذ عام 2003 وأهملت معه رسل الموت المنبعثة منه لتشوه ولادات وتقتل شباباً ونساء هربوا من دراما السيارات المفخخة وحروب الميليشيات
هذه القراءات الأليمة وسواها التي ظلّت بعيدة عن حصص الثقافة الرسمية ووسائل الاعلام المحلي عبرت الحدود بصداها الغريب، ولفتت لها الانظار في عدد من الدول العربية والاوربية ونجحت في تأكيد أحد أدوار الأدب والفن كمحرّض للجمهور وتنبيهه بالصدمة
خلال مطالعة نصوص أعضاء ميليشيا الثقافة، ليتهم أسموها ميليشيا الشعر، نجد أن ابتكارهم هذه الطرق للقراءات لم تكن هرباً من خواء نصي في أشعارهم بل ثمة عمق يكشف عن مواهب شعرية أكيدة توغلت في متون الألم العراقي وأنجزوا نصوصاً توازي غرائبية الأماكن التي اختاروها لـ(مهرجاناتهم) الشعرية
الكابوسية وصور الموت اليومي في العراق تتجسد مباشرة بكل تحولاتها، السوريالية في الأغلب، في نصوص شعراء مليشيا الثقافة
من نص لكاظم خنجر (أحد أعضاء الميليشيا): “نشروا صورة جثته على الـ”فايسبوك”، أخي الأصغر، وبعدما عجزنا عن العثور عليها، قمنا بطباعة الصورة، تغسيلها، تكفينها،
ودفنها في مقبرة العائلة”
وفي نص لأحمد ضياء: “يدسُ الألم راحتيه في كليةِ أمي،
اتصفحُ جسده
اعلقُ أشعة السونارِ على عين الإضاءة
يخبرني، أن 3 حصواتٍ بمثابةِ أمانة في جسد الامُ”
وفي نص لوسام علي نتلمس صورة الموت حيّة: ” ادخل يدكَ في السكين
لتتلمس رقبتي الضائعة،
ثم امسك السحاب برفق،
حتى لا تتشابك صرخات أصدقائي وهم يشاهدون رأسي يتدحرج أسفل شاشة اليوتيوب”
ومن نص لمازن المعموري: “يتفصد الدم كلما رد الجندي أحشاء بطنه وهو يحاول أنْ يسدد آخر طلقة في جبين الشمس”
الحديث عن الحب مختلف هاهنا كما في نص لأحمد جبور: معبر بزيبز (جسر) الجسر الذي وضع العراقيون عليه أقفال الحب الملونة (بالفلنتاين)
كل عام وأنت بألف قتيل”
أما حسن تحسين فيتمنى أن تلدّ الدمعةُ عيناً: “وجدتُ دموعاً
فسقيت الرملَ
قلتُ ليتها تلدُ عيناً تحرسُ الأرضَ.
بعدها قمتُ بالسير مرهقاً
ورأيت عناقيدَ من رؤوسٍ معطّبةٍ تشبهُ العنب الأسود