الرئيسية |
سرديات |
ابق معي: ألف قصة وقصة عن مغرب لا ينتهي | حنان الدرقاوي
ابق معي: ألف قصة وقصة عن مغرب لا ينتهي | حنان الدرقاوي
حنان الدرقاوي
لم يكن في ذهن نعيمة أن تدع رشيد يرحل. أخبرته فقط أنها خطبت وأنه عليها أن تفكر في أمر الزواج. فعلت ذلك لكي يفاتحها في موضوع الزواج بدوره. كانت على علاقته معه منذ سنتين ولم يكن يخوض في الأمر. يقضيان الليالي في فنادق الرباط وفي منازل الأصدقاء. تفعل ذلك خفية وهي خائفة أن تضبط معه. خطبها صديق لأخيها. كان الخطيب الخامس ولم يعد ممكنا أن ترفض الزواج إذ أن أسرتها تحاصرها وتضغط عليها. كانت تشتغل سكرتيرة في معمل الإسمنت بتمارة. لقاء رشيد خفية كان يتطلب لوجيستيك معقدة. تخبر أمها أنها تقضي الليلة عند صديقتها إلهام. بعدها تطلب من إلهام أن تتصل بأمها وتؤكد لها أن نعيمة تبيت معها. كانت في كل مرة ترتعد حين تفكر أن أمها قد تطلب محادثتها حين تتصل بإلهام. بعدها تأخذ غرفة ورشيد غرفة أخرى في الفندق. ينتظران الليل ويلتحقان ببعضهما البعض. أخبرت رشيد بالخطبة. اعتقدت أن ذلك سيثير غيرته وأنه سيطلب يدها. رحل رشيد إلى تورينو حيث يعيش ولم يمدها بأخباره. أرسلت إليه رسالة من الهاتف وعبر الإيميل لكنه لم يجب. استمر الحال شهرا كاملا من الغياب إلى أن أخبرها أنه لايفكر في الزواج وإن فكر فسيطلب من أمه أن تخطب له بنتا مغمضة العينين. انهارت أحلامها بالزواج من عامل بالمهجر والرحيل معه إلى جنة الأرض لكن فكرة العيش في تورينو استحوذت على ذهنها. كانت يئيسة وحزينة. سألتها أمها عن رأيها في الخطيب. لاشيء ينقصه, يشتغل تقنيا في إدارة الفلاحة. يملك سيارة وأمه متوفاة. يعيش مع أبيه وأخته في بيت من طابقين في حي المسيرة. لم تكن ترغب في أن تعيش في حي المسيرة حيث الغوغاء والضوضاء والأزبال. حي شعبي نبتت فيه الإقامات الشعبية كالفطر. كانت عيناها تنظران إلى الجانب الآخر من تمارة: أحياء الشاطئ ولوفيوماروكان. هناك حيث تريد أن تعيش. لو أن رشيد تقدم لخطبتها لامتلكت بيتا هناك. فيلا على الشاطئ تقضي فيها الصيف بعد أن تقضي السنة في شقة رشيد الأنيقة في تورينو. عرفت أن حلمها الإيطالي انتهى. ستوافق على الخطبة وتعيش في حي المسيرة وترتدي الحجاب كما معظم المتزوجات. كانت تعرف أنها جميلة لهذا رفضت خطابا كثيرين. كانت تنتظر رجلا بجيب مليء. حين التقت برشيد فكرت أنها ستحقق أحلامها في الترقي الإجتماعي لكن رشيد كان واضحا: يريد علاقة استمتاع بدون ارتباط. وافقت على الخطيب وانتقلت للعيش في حي المسيرة وحملت معها صورة ضخمة عن كاتدرائية تورينو. استغرب زوجها من تلك الصورة لكنها أخبرته أن الصورة هدية من صديقتها سلوى التي تعيش في تورينو. عاشت في حي المسيرة وهي تتخيل كل يوم جولاتها في تورينو وبذراعها رشيد الوسيم.
2016-10-22