أسعد عبد الله عبد علي
– اللعنة على الثلاثاء!
دوي كلمات صباغ الأحذية الصغير، منذ الصباح وهو يلوم نفسه بحزن، ويشتم الأهل والأقارب ويوم الثلاثاء، هكذا كل يوم منذ أن جلس قرب مأكولات ألف عافية، في الطريق المؤدي لكراج المشتل، ليصبغ أحذية الناس، اليوم وصلت مبكرا، ويحتاج حذائي للتلميع كي تختفي عيوب الزمن، فوضعت حذائي على خشبة التلميع وقلت له:
– ما قصة الثلاثاء؟ ولماذا كل هذه الشتائم يوميا؟
نظر نحو بتفرس وعدل قبعته السوداء، واخرج فرشة التلميع الحذاء وبادر للكلام:
– سأحكي لك، يا عم نحن عائلة فقيرة وبسيطة، وكانت أمي تضربني أنا وأخوتي يوميا بالعصا، تعذبنا كثيرا، وكان أبي رجل مسالم، من جانب أخر كانت لنا جارة غنية، تعطف علينا وتلاطفنا كثيرا.
الحذاء اليمنى اكتملت فضرب ساقي بكفه للتنبيه بان أضع حذائي اليسرى، فاستجبت لأمره، فتلمسها وأحس بثقب صغير، فتبسم لي، وشرع بالصبغ كمحترف محاولا أخفاء ذلك الثقب الصغير.
– نعم ، أكمل قصة الثلاثاء.
– وتكدرت حياتنا بسبب قسوة أمي، عندها قررنا أنا وأخوتي في يوم ثلاثاء، أن نصلي وندعو الله أن يأخذ روح أمنا وروح جارنا، كي يتزوج أبي الطيب من امرأة جارنا العطوفة الغنية، وبهذا نعيش حياة هانئة.
– أمنية غريبة، وهل تحققت فيما بعد؟
– بعد أيام حصل أمر غريب، حيث توفي أبي وامرأة جارنا الحنونة، أي حصل عكس ما تمنيناه في ذلك الثلاثاء.
– هاهاهاهاهاها.
فضحكت بشكل هستيري، كرجل جائع لم يفطر لحد ألان، وحاولت السيطرة على نفسي احتراما للطفل، وطالبته بان يكمل سرد قصته.
– فيما بعد تزوج رجل جارتنا أمي، وكان مثلها قاسي وحقير، فأصبحنا نعاني منهما معا، وفي الأخير قرر أن يجعلني صباغ أحذية بدل الذهاب للمدرسة، وهكذا أنا العن ذلك الثلاثاء المشئوم.
أعطيته ألف دينار مقابل تلميع حذائي، وهمست بأذنه بان يكون قويا ولا يحزن، فالحياة مازالت أمامه طويلة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*عن حكاية سمعتها من الأصدقاء
كاتب وأعلامي عراقي