عبد الفتاح بن حمودة
عندما أجلس إلى عمود كهربائيّ
أتذكّر سنواتي الملساء
التي تكوّرت مثل قبضة يدٍ
عندما أجلس إلى طاولةٍ خشبٍ
أتذكّر الأشجارَ والغاباتِ المصفقةَ في الرّيح
ودنانَ الخمر التي شربها الحطّابون
وهم يُعملون فؤوسهم بضراوة في الجذوع
عندما أجلس إلى كرسيّ
لأنضّد قطع الشّطرنج
أحكّ رأسي مرارا مثل جنديّ مهزوم
قبل أن تبدأ عاصفة البيادق
عندما أعود إلى البيت
مبتلاّ بأمطار سكرى
ومجروحًا بهتافات أحبّاء الفرق الرّياضيّة
أفكّر باللّيالي الضاجّة فوق صدغيّ
بتلك الفيروزات التي ألقيتها للعابرين
عندما أدخل غرفة النّوم
أفكّر بالسّجائر التي ستفترسني
لتكتب كلمات على مقاسها
وبعدد الحشرات التي ستسحقها يداي
من أين سآتي بسجائرَ لتتلعثم أصابعي
من أين سآتي بمواء قطط
لأكتب قصيدة عن فضائل الجوع
من أين لي أن أجمع الكروم
حتّى أعرف أنّ فم قارورة خمر
كانت عينا حمراءَ لِدِيك مذبوح
من أين لي بفانوس شارع عالٍ
لأكتب تحت ضوئه كلماتٍ حمقاء
من أين لي بولاّعة كي أرسم أرنبا برّيّا
وأشعل النيران في فمي
من أين لي بمرمدة وأوراق وأقلام
من أين لي بصيف سيمطر بعد عام
كي أكتبَ قصيدة تليق برجلٍ يشبهني
من كتاب قيد الطبع بعنوان: ما يكفي لصنع مزلاج