يوسف الأزرق
قرار
لأن الضباب لم يخبره بسر حزنه الغامض
جدد ثقته بالبحر واليابسة
و أصبح متسكعا بين دروب قاتمة
ليستعيد حاسة الشم التي فقدها ذات غروب
قرر أن ينقطع عن الكتابة والبحر والكلام
قطع أجنحته السرية بمقص قديم
ذاب في ساحة المدينة
بعد كل شيء
وقبل كل شيء
فقست انتظاراته أصدافا مقعرة
ورسائل صفراء كوجهه.
سيستحيل ثلجا أسود
وقسوة خطواته ستغرز في ظله
رماحا ليطوي الليل بين أعضائه
ويختبئ من العاصفة والناس والمحطات الأليمة
كلما اتخذ قرارا حاسما تحرقه دهاليز حمراء
وتقطع جسده الشفاف سكاكين الغواية والرفقة الحاقدة
لم يتبق له سوى الموت مؤقتا
حتى يرهف السمع لمراياه المتحللة
بإكسير الحب المنزوعة حواسه
هكذا فقط…سيتجلى رعبه الأكبر
ويوقظ ألوانه المنتصبة دوما
ويغدو فارغا من الحريق
وممتلئا بالجداول الدامعة
تناغُم
الصباح حزين ولا يستطيع
أن يكنس الشوارع بضوئه البهيج
سيترك المدينة مظلمة
والطرقات موحشة والساحة شاردة
سيتسلل بين أضلع الغابة
وينتقي ركنا لازال يتشكل..
هكذا سيلوذ لغربته اللذيذة
ويتأمل الكون بعينين حذرتين
حتى تنطق الأغصان بأسرارها الصغيرة
ويتجول الهواء برفقة الأفاعي الضخمة
سيأخذ غفوة طويلة ومريحة…
بعد ذلك سيعيد للخواء نشيده العاري
فالسكون الذهبي يشحنه قوة متجددة
للتناغم مع خفقات الوجود
انحدار
دائما يسقط في نفس الحفرة…
الحفرة التي ردم فيها ضحاياه وصباحاته
بمعوله المسنون يتوغل أكثر
حتى يصل لنبض الأرض
هناك..يتلو صلاته الأخيرة
وينتظر بشغف قدوم جحافل الجحيم
بلباسها الأسود وعيونها المشتعلة
لتُفتت أوجاعه وتقدمه وجبة شهية لحفرة مقبلة
هناك..سيمضغ ذاكرته المتسخة بطين لزج
وسيحفر حفرة جديدة في جسد المقبرة
ويستمع لشكاوي الجثث وإشراقاتها
ويختبئ مؤقتا من زحف البراكين
ضياع