متابعات
واجه القائمون على مسرحية “الملك لير” إشكالية كبيرة حينما نقلوا نص شكسبير الفاتن، الذي نُظِّم معظمه على شكل أوزان شعرية، إلى اللهجة العامية اللبنانية في العرض الذي قدّم على مسرح المدينة ببيروت بمبادرة من اللجنة التنظيمية لاحتفالية المئة والخمسين للجامعة الأمريكية في بيروت، وبالاشتراك مع فرقة The Faction الآتية من لندن الاحتفال بالميلاد الأربع المئة لشكسبير.
ويجسد “الملك لير” الممثل والمخرج المسرحي روجيه عساف، وهو ملك يتخذ قراراً مشؤوماً بتقسيم مملكته على بناته الثلاث، غونريل “زينب عساف”، وكورديليا “سحر عساف”، و”ريغان” الابنة الثالثة، ماريليز عاد، وذلك بسبب تقدّمه في السن وإصابته بالخرف سائلاً كل واحدة “من منكن تحبني أكثر؟”.
وبعد إطلاع بناته على الأمر، تبدأ الكبرى والوسطى بالتملّق، معلنتين الحب المطلق للأب طمعاً بالميراث الموعود، في حين تقرر الصغرى قول الحقيقة: “ما شي”. ليس لديها شيء تقوله عن حبّ والدها. لن تستطيع أن ترفع قلبها إلى فمها، ولن تكذب. لن يكون حبّها مطلقاً، فهي تعد زوجها المستقبلي بنصف قلبها. لن يتقبل الملك لير جواب ابنته الصغرى، لأنه كان يعتبرها الفضلى. في لحظةِ غضب عارم، يحرمها حصتها من المملكة، بحسب موقع Al Culture.
منذ تلك اللحظة، تتوالى الأحداث والمؤامرات التي تتقاطع في سياق متماسك مع عائلة غلوستر “رفعت طربيه” التي تضم إدموند الابن اللقيط “فؤاد يمين” الذي يسعى بمكرٍ شديد لاستعادة مكانته وإرثه في الحياة عبر استدراج والده للارتداد على ابنه الشرعي إدغار، وخداع كورنويل “هادي دعيبس” زوج ريغان.
خديعة وسلسلة خيانات متنقلة بين إدموند وكورنويل وريغان حول غلوستر ولير، سيدين كانا يتمتعان بالسلطة والمكانة السياسية. ذنبهما أنهما تقدّما في السن لم تنعمهما البصيرة بالوثوق بنَسَبٍ جديرٍ بالدم الذي أورثاه لأولادهم.
لإعانتهما على مصابهما، كان الجنون مرافقاً لتلك الشخصيتين تحديداً عبر بهلول المرافق للملك لير، وإدغار ابن غلوستر الذي يتنكر بشخصية توما المسكين. الجنون لم يكن حكراً على هاتين الشخصيتين، إذ كان في أجمل حلله وأعمقها عندما توخاه الملك لير.
كما يلعب دور “الباني” باسل ماضي ودور “فرانس” رامي سعيدي ودور “كنت” بشاره عطالله ودور “برغندي” عبد الوهاب قصير وادوار ثانوية أخرى.
كما تبدو العلاقة الهزلية السوداء بين “لير” و”بهلولة” سني عبد الباقي، تجلياً للعلاقة بين التراجيديا والكوميديا المتداخلتين في جميع مسرحيات شكسبير، في أوضاع معينة، ضمن السياق الدرامي العام.
يشار إلى أن العمل من إخراج من إخراج سحر عساف وراشيل سميث. وأشرف على الترجمة سحر عساف، وندى صعب، ورافي فغالي.
وجدير بالذكر أن شكسبير كتب هذه المسرحية في عام 1605، بعد عامين من وفاة الملكة إليزابيت التي لم تنجب أطفالاً.