قصيدة بقلم بيير طُرُويْ
ترجمة: جمال خيري
لَيْلَى!
هَا ذَا الصَّمْتُ يَرْوِينَا
***********
4- إِتْنَا. الرَّاقِدُ بَيْنَ يَدَيْنِ عَارِيَتَيْنِ (١)
صَوْتٌ حَاسِمٌ يَتَجَسَّدُ فِي الْفَضَاءِ الْمُرِيبِ،
وَالرَّاقِدُ يَعِنُّ مِنْ فَرَاغٍ
يَنْكَشِفُ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ…
الْجَزْرُ بِأَمْوَاجِهِ النَّارِيَّةِ-الْبَارِدَةِ،
تَرْتَفِعُ مِنَ الصُّبْحِ عِنْدَ حَدَثَانِهِ
الْأَنْفَاسُ اللَّمَّاعَةُ…
زَبَدٌ…
الثَّابِتُ، مُعَلَّقٌ
فِي عُرْضِ هَذِهِ الْمَسَارَاتِ السَّوْدَاءِ…
أَيُّ بَصِيصٍ مُشَرَّدٍ يَتَأَلَّقُ
شَفِيراً يُوصِلُ الْوُضُوحَ
الْمُتَآلِفَ بِالثَّلْجِ إِلَى مُنْتَهَاهُ؟
إِشَاعَةٌ مَرْئِيَّةٌ حَيْثُ النَّظَرُ يُصِيخُ،
وَأَكْثَرُ مِنْ سَحَابَةٍ مَا يَمُرُّ، وَكَلاَمٌ يَتَمَوَّجُ
عَلَى الصَّمْتِ الْعَارِي.
حِينَ تُلْغِي نَفْسَهَا حَيَاةُ السِّرِّ الْبَاطِنِيَّةُ
يَا نُبُوَّةَ الْبِحَارِ! الرَّحِمَ الْهَامِدَ!
تَجْنَحُ إِلَى هَذِهِ الْمِيَاهِ الضَّحْلَةِ الْأَلْمَاسَةُ الزَّرْقَاءُ السَّوْدَاءُ
وَالسِّيمَاءُ عَلَى مَقْرَبَةٍ مِنَ الْأُفُولِ
تَنْسَابُ مِنَ الظَّلاَمِ الْقَرْنِيِّ…
فِي الْمُحِيطِ، مَأْدُبَةٌ إِغْرِيقِيَّةٌ،
حُبْلَى بِالذَّاكِرَةِ، الْجَمْهَرَةُ شَعْثَاءُ،
فُسْتُقٌ وَلُزَانٌ (٢)، قُشَارَاتٌ مُشَغَّلَةٌ…
بَرِيقُ الْهَشِّ الَّذِي لاَ يَنْضَبُ،
هَذَا الْمُتَقَطِّعُ الْبَطِيءُ الْمَوْصُولُ بِالْإِيقَاعِ الَّذِي يُمَدِّدُهُ،
عُزْلَةٌ جَهِيرَةٌ…
صَقْعٌ أَرْمَلُ حَيْثُ يَبْدُو الْوَجْهُ دُونَ فَمٍ
صِيَاحاً أَصَمَّ يُنَاشِدُ الْأُولِيمْبُوسَ،
أَكَمَةَ الْإِلَهِ الْجَهَنَّمِيِّ الْمَبْقُورَةَ،
بَلاَطَ مَدْخَلِ الْمَعْبَدِ الْمَدْفُونِ الْمُظَّلَّلَ الْأَزْرَقَ…
الزَّيْتُونُ الْمَلْفُوفُ يُوقِظُ بِرِفْقٍ
عِظَامَ الْمَسْرَحِ الْفَارِغِ الْعَارِيَةَ،
حَرَكَةٌ ثَّابِتَةٌ حَيْثُ يَتَجَاوَزُ نَفْسَهُ دُونَ مَنْفَذٍ
مِنَ الْمَعْبَدِ الْمُحْتَرِقِ الْغُطَاسُ الْأَوَّلُ.
أَصَمَّ فِي انْتِظَارِ الْجَمَالِ الْإِغْرِيقِيِّ.
…
يَا عَمَاءَ الْقُرُونِ، الاِلْتِئَامَ الْمُسْتَحِيلَ!
مَبْذُورَةٌ عَلَى جَانِبَيْكَ، كَمَحَارَاتٍ مُجَلْجِلَةٍ فِي الْمَدِّ،
صَيَحَاتُ طَيَرَانِ الْبِنْيُونْيَا… (٣)
صَنَّاجَاتُ النَّهَارِ تَفْسَحُ سِيَاجَ
نَفْسِ النُّورِ،
انْزِلاَقاً عَارِياً لِلشَّفَافِيَاتِ
بِنَظَرٍ طَافِحٍ…
… أَيُّ لُغَةٍ مُنْبَعِثَةٍ مِنَ الْمَمْلَكَةِ السُّفْلَى
تُنَاغِمُ، مُشْرِقَةً وَمُقَدَّسَةً،
ابْتِهَاجَ الْجُدْرَانِ الْمُفَكَّكَ،
هَنْدَسَةً شَعَائِرِيَّةً، تَعْكِسُ إِبْرِيزَ الْحَجَرِ الْمُوحِشَ؟
الْوَقْتُ الْمُنْفَتِحُ يَنْغَلِقُ عَلَى قَلْبِ طَبَرْمِينَ (٤)،
قِرْمِيدٌ مُتَشَابِكٌ، يُوَسِّعُ فِي رَاحَتِهِ،
حَافَّةَ الصَّمْتِ الْمَغْرَاءَ،
وَخَشَبُ السَّقْفِ، فُسَيْفِسَاءٌ فِي فَجْرِ الْمَعْنَى،
يُعِدُّ، مُتَدَرِّجاً، حَاضِرَ الْكَائِنِ الْقَصِيِّ…
من ديوان “ما يقرع على كلماتنا”.لبيير طُرُويْ الشاعر الفرنسي الملقب بشاعر الأنوار الأطلسية (1921-2005)، صدر الكتاب عن منشورات فاتا مورغانا 1998
(١) إتنا، جبل/بركان إيطالي.
(٢) اللزان: نبات مزهر.
(٣) البنيونيا: نبات مزهر.
(٤) طبرمين: أو تاورمينا، مدينة إيطالية.