“الكون يعجّ بالرسائل المتبادلة ، في العالم الضوئي تكسّرت الحدود ، لأناس من أرجاء الأرض في بحثٍ مُضنٍ عن الحب، لتبادل ضحكة أو رفقة خفيفة … “
“كلماتي ضمن أسراب تلك الأصوات اليائسة تبحث عن مهرب.”
“التمر في تاريخ الحجاز أصنام تُعبد وتُؤكل بلا شعور بالإثم وبمطلق الإيمان . “
“تمر يثرب يحمل من أشواق مدينةٍ تنادي للرحيل وراء الإيمان ، أينما يميل إيمانُك مِلْ . لذا لها حلاوة مضاعفة . “
“يا إلهي كيف أنّ كتابةً بسيطة تعطينا هذا الفيض من السِّريَّة والفرح ؟!!”
“لنعطِ ظهورنا للكلام والثرثرة . دعنا نتكلم كمن يضيع داخل غابة :
لا تدّعي أنّك تفهم الغابة التي تأخذك ، لكنك تسير
تغوص قدماك في طينها المبلل بالمطر
وتمسُّ جبينك أغصانُها المحمَّلة بأنداء البارحة
وتطالع وجهك روائح براعمها وخضرتها التي لم تُمس
ويستسلم لنداءاتها ونسائمها الخفية .
هذه هي اللغة التي أريد أن نتعارف بها
كلمني كما تكلّم طريقا
ماشيني ، امشِ فيَّ ، وخلالي ، بصمتٍ أو بفوضى …
اركض أو تمهّل أو ازحف لتمسني بكل عضلة ببطنك
ودعني أمدُّ لساني لالتهام مرورك .
لو كنتَ أمامي
لكان بوسع يدك أن تأخذ بيدي
وتكون حيرتي ودليلي
تُسَمِّي الأشجار النابتة برأسي
والظلام الذي يحلُّ عليّ كلما أردتُّ إطلاق العنانَ لأحلامِي
وهذا الندى الذي يفوح بمركزي كلما راودني وجهك ينسخُ وجهي
مرآةً لي صرت, أستفتيها:
كيف أبدو؟
وكيف يظهر شوقك حول عيني؟
وكيف تتحوّل رغبتك إلى بثور منثورة على جبهتي ؟
قلْ لي:
أما زلتُ جميلة منعشةً كقمر صحراء ؟
هل شوّهني تعلُّقي بك ؟
أنتَ الذي برتبةٍ على كتفي قلتَ آني وأمسي وغدي
الكلماتُ الأحلام
كلماتُ النعاس تنومني تحت يديك
كلمات كعروش صغيرة أجلس في هذه وأقفز لتلك كطفلة مدللة .”
“من عائشة :
جاوبتَ كلَّ شكوكي في دوام مشاعرك بقولك : ” أنا أراكِ “!
هاهو وجهي .
أنحنُ من يحفر الخرائط على جلودنا ؟
وجوهنا الشرقية محمّلة بأحزان
بينما وجوهكم مثل بلاستيك ، بلا تجعيدة عذاب؟
أعتقدُ أنَّ أرواحنا قديمة ، أروحًا مستعملة ، محمّلة بمعرفة ثقيلة عن الحياة والموت .
أوّل مراهقتي قرأتُ أن الألم : هو ما يحرق الشوائب ليكشف معدن الذهب فينا
كثيرا كنتُ أجلس وأجرّبُ الألم من لا ألم .
كان بي شيء أعمق من الألم ، هذه الحاجة إلى شيء ، إلى يدٍ هنا .”
“أتعرف؟
لم يربّت أحدٌ على كتفي قبلك
في بيتنا الحب يقف على الباب مثل قنفذ يلبس أشواكه قبل أن يجتاز العتبة ،
الحب في جيب أبي وقدور أمي
يجب أن تُحصي كل ما أنفقه أبي وكلَّ ما طهتْه أمي ، لتعرف كم أنتَ محبوب.”
“حين منحتني بريدك الالكتروني ، عرفتُ أنّك – خلافا لقناعتي- تؤمن أنَّ بوسع دروبنا أن تلتقي مستقبلا .”
“يجبُ أن أتوقف عن الكتابة
كما تعرف قبل الضوء ينشقّ جفني وتتدفّقُ في جسدي حيوية عجيبة
أشعر حينها أنّ بوسعي الوقوع في الحب كلّ فجر
أو في الموت .”
“التحدي الذي نواجهه
هو كيف ننجح في أن نكون المرأة السوبر
نصفها نسخة عن جدّاتنا البدويات اللواتي لا يرفعن برقعهن حتى حين يأكلن مع أزواجهن
ونصفها الآخر نسخة من كل مغنيات وراقصات الفيديو كليب
أشعر أني مسكونة بامرأة من حجر
نجاتي في الكتابة إليك .”
“كرشفة قهوة في صباح بارد ينعشني اسمك .”
“سأنتقي بعض الكلمات التي تقود إلى أشياء أحبها سأكتبها بخط أكبر ، وستتعثر بها مثل حجر في طريقك ، أحيانا يسيل دمك ، ( أؤكد لك أنني سأترك لك حجرا هنا وهناك وخدشا ما يفتنني ) هل أتكلم كثيرا ؟
دائما كنتُ شديدة التكتم ، ولا أسمح لأحد بالتسلل إلى رأسي ، أما قلبي فأينه؟ في موضعه بصدري في غيبوبة .”
“ألا يرافقُ الوقتُ الموتى ؟!”
“الليلة الحالكة لا يفرج كربها قمرٌ”
“لم يثق الناس بما يقرأونه على الورق عوضا عن اعتماد ما يُكتب بالطين والتمائم !”
“أبدا لم تأخد عزّة الخوف على محمل الجد
حتى الحب بالنسبة لها ما هو إلا شعلة .
” لِمَ تتوقعين من الحب أن يدوم للأبد ؟!
ما هو إلا شعور كبقية المشاعر ،
أتتوقعين من الخوف أو الضيق أو الغضب أو الحزن أن تدوم ؟ كلها آنيَّة توجد لتزول”
دائما كان الحزن لعزة مثل أنفلونزا أكثر منه سرطانا عضالا. لذلك كانت تطير بين القلوب. متلذذة بحمى الوقوع دائما في الحب ، وتخرج من الحمى بقلب وروح أكثر خفة ؟ “
“أتجدنا نتعدّى على الوحي الذي وطّنته مكة , هذا الذي نحوِّل مواقعه ورجاله إلى أسطورة بإبادةِ كلِّ الأدلة الجغرافية التي تقود إليه ؟
هولاكو طمس في نهر دجلة أحبار أجيال العلماء والباحثين ليخفف ثقل العباسيين وقبلهم الأمويين .”
“ملحوظة 1: أنا أيضا .. صرتُ بخفة شبح
جزءا وراء جزء نموت وراء من نحب .”
“أشعر بك مسحوقا بمشاعري٠”
“أنا علقة ليومين متتاليين، أتشرب بسلامٍ القسوة التي تقطعني بها ، أعرف أنك لن تتركني مؤجلة طويلا … وسترجع إليّ.”
” في مرحلة ما ..
اعتقدتُّ أن بوسعي أن آخذكَ طفلا بغطائي ، لكنك كسرت محاور الطفلة داخلي “
“كلمة واحدة منك تكسر أحلك أفكاري.”
“من الأفضل الصرا ع مع الذات بدلا من الصراع مع الكون ) يقول لورانس في آخر العاشقات.”
“العالم أبواب أكثر من أن تعبرها .. فقط أغمضي عينيك ودوري ، واندفعي من باب لباب .. المهم ألا يطبق عليك باب”
“فقط ( الآخر ) هو الذي بوسعه أن يحوِّلكَ شحاذا .
لأن فقركَ إذا تحوَّل إلى وسواس يطرده ويُجوِّعك.”
“لا أجرؤ على لفظ الكلمات مثلهم عارية لصلب حقيقتها
مثل تلك الكلمات تنشب بحلقي وترسل نافورة دماء لرأسي .
تتسطح في صوتٍ ذَرِبٍ، إنما تباغتني الكلمات بأجساد أجدها على لساني
لم تعد تلك الكلمات كلمات ربما خرج ما ردها .”
“بكل هذه القراءات والأحلام كبرنا نحن البنات
على أن العالم يقوم على الحب الذي ينقذ البنت من الخنق …
لأدرك الآن أنه يقوم على الجنس والطعام !”
“ماكان بوسعي احتمال هذا المكان البارد واللا نهائي لولا وجودك ِ معي ،
كان سيسحق جوهر حياتي .”
“لا تتساءل ما الذي دفعني لتحميل هذا البرنامج الطارئ على الشبكة
هذه البرامج تتفنن في إختبار فضولنا وتهوّرنا ،
مرّة تفتحنا لعالم يجعل لضغطة الزر فعل السحر ، وفي أحيانٍ تنسف كامل الذاكرة , تماما كالعلاقات البشرية”
*** *** *** *** ***
(طوق الحمام) رجاء عالم – المركز الثقافي العربي – ٢٠١٠ (حصلت هذه الرواية على جائزة البوكر العربية 2011 مناصفة مع الكاتب محمد الأشعري)
رجاء محمد عالم، روائية سعودية من مواليد مكة يضرب لها الفضل في توثيق البيئة المكية/الحجازية في رواياتها. تختص رواياتها بسردية رمزية صوفية/غنوصية عميقة، وفق رؤى كونية مفتوحة. ترجمت بعض أعمالها للإنجليزية والإسبانية.
طوق الحمامة (مقتطفات من الرواية ) – رجاء عالم