إستبرق أحمد (الكويت):
إغراء
عبقت الغرفة رائحة براءة..
فُتح بابها الأخرس، دغدغت جسدها خطوات رخوة، ارتسمت ظلال أصابع قصيرة، منفرجة، انتشرت رائحة بياض عالية..
صحت لظهور جسد ضئيل،غض، منقوع بالتماعة الصفار
مقتربا من نافذة غافية /مطلية / نائية/واسعة جدا
رفعته قدماه إلى الحافة، تشبث الكفان بالخشب المتسخ
أحنت شوكة رأسها، تأوهت منغرسة في قبضة الطفل ذي الشعر المتوهج ذهبا باهتا..
انغلقت جفونه على عيونه الفاتحة،سالت دمعة على خد بــ”آآآآآي” مفجوعة..
نزعها
شرّع ضلفة النافذة بجسارة و لين..
الشمس،تقشّرت بلادتها،..جذبها إليه
سبحت متخللة رموشه بشقرتها الغامقة، فزّ بؤبؤه اتساعا
تواتر لطمها السافر، ساحت الرؤية بزغللات محتشدة
طارت/انفلتت ضحكات صغيرة من الأسفل كـ رذاذت ماء طائشة
تعرقت كفاه،استند إلى أصابع قدميه الصغيرتين،العاريتين، محاولا فتح عيونه،استشعر جحافل شوك واخزة، عرك جفونه، دوائر حمرّة فاقعة
رجفة بكاء في حلقة
يد حانية احتضنته،انتزعته،رفعته إليها بلهفة
أُوصدت النافذة..
على هذيان الشمس المستفزّة.
إزاحة
استيقظت الغرفة على وجع الباب المصفوق، ارتجف الحائط ألما مكتوما
استعدت أرضها لوقع خطو واثق…
ضلفتا النافذة شرعتا بقوة غاشمة، الرجل الذهبي في منتصف الإطلالة،يغطي جسده ملابس سميكة، ترتديه نظارته السوداء جدا، لا منفذ إليه.
تلال الشمس نائية، يطبق جفنيه، يغرز أصابعه في مرج شعره المبلل،ببطء يفتح أحداقه معاندا…
تخترقه صرخات مستهجنة،تهتز نظارته السوداء،ترتطم ببذاءات سخرية مرّة،صخب لعنات و سباب فاحش يرفض طينه و روحه الأكثر ضياءا.
أحنى رأسه لثانية، انزلقت نظارته، حاول إمساكها،جذبهما ثقل الكلام، ارتد إلى الخلف بسرعة،
هـ
و
ت
ن ظ
ا ت ه
ر
سارعت أياد ضوئية مزيحة المساحات، ملقية تراب وهج لا ينضوي على صفحة وجهه ،واشمة بقعا حمراء على بياضه الشاسع،مناكفه عينان ترتعشان لهيبا وعرقا..
حانقا، موجوعا،مستنزفا..
مدركا علتــّه بياضه.
همست خلفه شفاه نثرت حبا على قميصه، أزاحت حرقته.
التفت،احتضنها،ابتعد
وارب النافذة
هطلت صفعات الشمس على جسد نافذة كسلى
جلاء
تنهدت الغرفة المتعبة.
سعال يدق بابها العتيق، تلج أرضها خطوات خافته،مرتبكة،تجرّ نعليها..
الكهل الذهبي الشعري وشقرته الباهتة جدا، يبني الإنهاك أعشاشه في ثنايا عظامه،ثيابه..ثقيلة..ثقيلة.
انتصبت البيوت الهاربة،الأبواب الموصدة،النوافذ الضيقة للحظة
في ذاكرة شقائه،تنهد..
أزاح ضلفتيّ النافذة بصعوبة،إتكأ على أضلعها ببطء،
تراخى، غائمة بملوحة الرؤية، جفونه متهدلة،و هلالا السواد أسفلهما
تناهت أصوات ضبابية،وشوشة تلفازات مغلقة،ضحكات فجة،نداءات بعيدة..
ابتسم،حدق متحديا الشمس،رمقته ساخطة
،مستسلما لهطول لفحها اللاهب، لسعها جلده الشاحب
ثابتا، ساكنا،مشعا…
لم يشح بصره عارفا اختلافه
لم تمتد يدا حاضنة و لا قبلة رطبة…
فقط حين هوت
د
م ع
ة
على أرض الغرفة
رنّت عبارة فائحة،وافقتها النافذة
” مازال عدوا للشمس”*” بصبغة بياضه الفاقع…”
______________________________