الرئيسية |
حوار |
لحسن هبوز للموجة: على الشاعر أن يكون قريباً من اليومي المعاش والكتابة لعبة تقتضي منّا البوح عن أي شيء..
لحسن هبوز للموجة: على الشاعر أن يكون قريباً من اليومي المعاش والكتابة لعبة تقتضي منّا البوح عن أي شيء..
يحاوره: عبد الواحد مفتاح
هو أحد الأسماء الأكثر بروزا من بين الشعراء الشباب المغاربة، بلا انتماء تقريبا، أو شجرة أنساب شعرية، شاعر كنس المهادنة من نصوصه منذ وقت مبكر، هذه النصوص التي لفرط حماستها لتفجير جماليات جديدة، بمتنها بأسلوبية مغايرة لا يمكن حتى تصنيفها داخل تعبيرية الحساسية الجديدة.
لحسن هبوز شاعر وهذا كل شيء تقريبا، يفتح لنا هنا بعفوية بالغت الكرم، نافدة للحديث الرحب عن سؤال البدايات، ومراحل تدرج تجربته الشعرية، التي خطت لنفسها مسارا متميزا ومراوغا،جعلها تحظى بانتباه بالغ من طرف النقاد والمتتبعين للشأن الثقافي.
1- مساء الخير وكفاتحة لهذا الحوار، كيف تجد هذا المساء؟
هادئ.. مثل سطح كوب الشاي الذي أنهل منه عشقي الليلي. لكن يحدث أن لا يكون هادئا.. وفي الغالب هو كذلك.
2-ما فاتحة النص الذي ورطك في عالم الكتابة؟
النصوص كثيرة. لكن يبقى “الخبز الحافي” كسيرة ذاتية هي من جعلتني أتعلق بحياة أخرى غير تلك التي أحيا، الكتابة. أذكر جيدا ذلك اليوم التي رأيتها عند أحد الأصدقاء، ونحن في مرحلة الإعدادية نزلاء الخيرية الإسلامية ـ دار الطالب ـ. قرأتها، ولم يهدأ لي خاطر حتى اقتنيتها عنده. أتعرف (يضحك عاليا) أذكر جيداً أني حصلت عليها عن طريق المقايضة، أعطيت له سروال وعلبتي سردين، وأعطاني الكتاب.. في تلك الفترة علبة السردين هي وجبة الميسورين.
أما كتابة الشعر، فالفضل يعود إلى المرحلة الجامعية، تأثرت كثيراً بتجربة الشاعر الماركسي المجري “يوجيف أتيلا”، وبالأخص رائعته “بقلب نقي”.
3- تكتب وتنشر بغزارة على عدة مواقع الكترونية ثقافية، ماذا أضافت الشبكة العنكبوتية لك؟ وكيف تجد تعامل المثقون العرب عموما مع هده الشبكة؟
أعترف بذلك. فللأمر تفسير بسيط وواقعي، أعترف أنني أخطو خطواتي الإبداعية الأولى، الأمر يجعلني أبحث عن مجال لنشر إبداعاتي بعيداً عن التكلّف أو ما شابه ذلك. إضافة إلى هذا لو سألت أي مبدع عن القيمة الإضافية التي يشكلها النشر الالكتروني، وبالأخص في المواقع الاجتماعية، فبدون شك سيقول أنه يشكل فرصة أو مجال لكي تعرض إبداعاتك على القراء – ولو أنهم في الافتراض – بشكل يسير جدّاً. أمّا فيما يتعلق بالشق الثاني من سؤالك، فأنا شخصيا ومن خلال متابعتي للنشر الالكتروني، أجد أن الفئوية أو بالأحرى الطبقية في النشر أمر حاصل للعيّان. فبعض المواقع أو المنابر الثقافية الالكترونية خلق لعمالقة المثقفين بعض النظر عن راهنية معنى ما يبدعون. ويتجّلى هذا عندما تجد أن إبداعاتك تؤجل في النشر لحساب إبداعات بعضهم.
4- لمَ نكتب الشعر ، هل لنكون، أم ليولد فينا تكوينا غير هذا المكون اليومي، وما هي وضيفة الشاعر اليوم ..؟
أنا دائما ما أنطلق من نفسي. أعترف دائما أنني ورطت نفسي في لعبة البوح. الكتابة لعبة تقتضي منّا البوح عن شيء ما يكون ألم، بؤس، فرح… أي شيء، لا يهم، المهم أنك في معمعة تبحث عن إجابة تقنع بها العالم حولك وفي كلّ بوح تحاور نفسك: “هذا لا يكفي على ما أعتقد، سأحاول في الغد…” ومن تمّت تسقط في فخّ الكتابة.
الشاعر اليوم، مدعوا أكثر ممّا كان عليه من قبل، في ظلّ هذه التغيرات السريعة ـ الانشطارية العشوائية، أن يكون قريباً من اليومي المعاش، عليه أن يتحسسّ نبض الفئات الاجتماعية، بصيغة أكثر شمولية، أنا أرى الشاعر يجب أن يكتب بكل واقعية، يجعل من ذلك الواقع حقول دلالية لما يكتب. وهذه ليست دعوة للواقعية الاطلاقية المفرطة في العمل الابداعي. لكن وسؤالك على الراهن، رأيت إجابته هكذا.
5-أنت لا تستعجل المطبوع ، وتميل إلى التريث في إشهار كتبك ، هل هذا يرتهن بمزاج أم بتاكتيك ثقافي ؟ أم للأمر علاقة بواقع النشر في المغرب وما يطرحه من معوقات.
لا أستعجل لسبب بسيط، أنا أقول أنّنــي في حالة بناء ذاتي، ولا أريد لهذه الذات أن تصطدم بمقصلة مشاكل النشر، وتيهان أزمة التأليف.. لنقل المستقبل أمامنا.
6- متى تشعر القصيدة لديك أنها ينبغي أن تظهر ؟ قربنا أكتر من طقوس الكتابة لديك؟
(يضحك) حقّا هل للكتابة طقوس، كما يقول البعض. أم أنها طقس بحدّ ذاتها. أنا أرى الكتابة طقس، في الغالب أنقر لوحة مفاتيح حاسوبي، وأنا أتذكر شيء ما، أخط على ورقة وأنا أجلس في المقهى … لا أحدّد ما أكتب في وقت وزمن معيّن. إنها طقس تتأثث معالمه على مرّ 24 ساعة، مع فوارق طفيفة. يحدث أن يمرّ أسبوع ولم أكتب فيه شيء. في مقابل ذلك، يأتي مساء وأجد نفسي أما قصائد. دعنا نقول أن علاقتي مع الكتابة يشوبها اللاّنظام ـ إن صحّ التعبير ـ.
7-كيف تنظر إلى الشعر المغربي؟ ماذا عن حاضره ومستقبله؟
الشعر بالمغرب، كغيره من الشؤون الثقافية الأخرى، يشكلّ امتداد للمشاكل والعراقيل التي يشهدها الشأن الثقافي المغربي بشكل عام، لكن مقابل هذا فمقاومة تلك القتامة حاضرة، وإن كانت بشكل يدعوا إلى القلق .. بخلاصة مريرة الشعر في الحاضر أراه كضحية بُقر بطنها، وحملت أمعائها بيدها مسرعة إلى قسم المستعجلات. المستقبل صديقي من سيكشف لنا هذه الوضعية، وللأسف هذا المستقبل يحتاج إلى رؤية إصلاحية سياسية للشأن الثقافي من لدن الوزارة الوصية.
أعترف أني ليست لديّ تجربة تخوّل لي الحكم والرؤية في هذا الموضوع، لكن هذا يظهر للعيان.. المشكل بنيوي بالفعل.
8- “النص الشعري المغربي المعاصر يخفي أزمة نص.. وأزمة تجنيس..وأزمة توصيل.. وبالتالي ينتج عن ذلك أزمة تلقي”… هل تتفق مع هذا الطرح ؟
بكلّ صراحة، أرى نفسي غير مؤهل بعد للإجابة على هذا السؤال. وأعتذر .. حقّاّ أتأسف على عدم الجواب، لكوني لم أصل بعد إلى مستوى مثل هذه الأسئلة الثقيلة.
9 – ماذا عن الكتابة الشعرية المعاصرة هل خلقت بلاغتها الخاصة ؟
أن تخلق بلاغة خاصة، يعني أنك وصلت إلى مستوى إنتاج في علاقة اللغة بالواقع المعاش. أقرأ بعض القصائد تحضر فيها مصطلحات ليس جديدة على القصيدة فقط، بل على اللغة ككلّ، لكن هذا لا يعني أنها بلاغة مؤسس على مرجعية نظرية، قائمة على سياق فكري أنتجها. ومنه الإجابة على مثل هذا السؤال بالحسم أمر صعب، إن لم نقل مستحيل.
10- كيف تفاعل الإبداع المغربي مع الربيع العربي؟ وهل أُنتج أدبا يواكب هذا الربيع كما هو الشأن في مصر مثلا التي يُتداول فيها الآن مفهوم ‘أدب الثورة’
من خلال متابعتي المتواضعة لما يقع. أعتقد أن السؤال يجب أن ينصبّ أكثر حول شرعية ما يعيشه الحراك العربي، هل يمكن حقيقة أن نسميه ثورة .. فعلاً هو في بداية شرارته كان ربيعاً، لكن للأسف الشديد خُرّف باكراً. بشكل جعل بعض المكاسب الديمقراطية لبض الشعوب تتراجع، خاصة بعد حكم الحكومات الإسلامية لها.
أما بخصوص أدب الثورة، فهو أمر غير حاصل، هو كما قلت في نص سؤالك أمر يتداول فقط .. والأجدر أن نترك الأمر للمستقبل ما دام الصراع قائم، والحراك الشعبي في طريق لأخذ البوصلة في يده من جديد.
الشعر المغربي لحسن هبوز مفتاح 2016-09-03