خوسيه بيرو
ترجمة : أحمد أصبان
(لسليمان سالوم، الذي مات في سيفاراده، والذي كان يطلب دائما
إقامة جنازته بكلمات نعي مزهرة لا تنتهي.)
أعرف، أعرف، يا سليمان، يا سولي، لا تصرخ، لسنا صمَا.
أعلم أن هذه الجنازة استغرقت أقل مما أردتها،
أقل مما تريدها أن تكون. لم تكن هناك أنهار وشلالات
النياجارا والأمازون تجرف مع مياهها استعارات وأوصافا
وعقدا من الألفاظ. لا تصرخ، لسنا صما. لم تدم الكلمات
ساعات وساعات، أعرف. لكن فيم ينفعك ذلك ما دمت الآن
قد أصبحت خارج الزمن. ما دمت قد أصبحت على الجانب
الآخر من الحائط، حيث وجدت… ماذا وجدت؟ لعلك لم تجد
شيء، أو لعلك وجدت ألحانا وأنوارا وسكينة وخلودا حيث
تصل أصوات الأرض، التي لم تعد تهمك. تستغرب، كما نحن،
من محادثات الدبابير ومن حركية النمل ومن ضحكات القواقع.
لا تصرخ، لسنا صمَا. اغنم من هذه المأدبة التي استدعيت
إليها قبلنا، لا تقلق من ذلك. كلْ ملاعق من الرماد
وشرائح من الظل وقطعا من الدخان.
قلت لا تصرخ،
بل اصرخ، فقد أصبحنا صما، لم نعد نسمعك.
عم صباحا. أو عم مساء يا سليمان.