منذ ما يقاربُ الإثنا عشرَ عاماً، شهدت ساحةُ الفنِّ ظهورَ نمطٍ جديدٍ من الرسمِ لا يشبهُ أيَّ نمطٍ فنيٍ موجودٍ ولا ينتمي لأيِّ مدرسةٍ أو حركةٍ فنيةٍ. سُميَّ هذا الفنُّ بالـ Zentangle (زنتانجل). يُمكنُ تشبيهُ هذا الفنِّ بالرسمِ العبثي، أي الخربشة، لكنّه ذو خلفيةٍ واسعةٍ تجمعُ الفنَّ والمتعةَ والبساطةَ والعلاجَ النفسي. فهو ليسَ مجرد فنٍ بل منهجٌ تدريسيٌ كاملٌ.
ما هو الزنتانجل؟
هو فنٌ بسيطٌ يعتمدُ على رسمِ أنماطٍ أو نقوشٍ متداخلةٍ ومتكررةٍ ومتناغمةٍ ومنظمةٍ، تنتجُ عنها صورةٌ أو لوحةٌ بغايةِ الانسجامِ والغرابةِ والجمال. فبساطةُ الرسوماتِ والتشكيلاتِ تجعلُ منه فناً في متناولِ الجميع. فمبدأ الزنتانجل سهلُ التعلمِ ومهدّئٌ وممتعٌ
يعودُ الفضلُ في ظهورِ هذا الفنِّ للفنانةِ ماريا توماس وزوجِها ريك روبيرتس من ولاية ماستشيوستس الأمريكية والتي كانت تحدّثهُ يوماً عن تجربتها برسمِ نقوشٍ لخلفيةٍ مخطوطةٍ، وكيفَ شعرت بتلاشي الزمن وبالحريةِ والراحةِ، وكيف أكملت عملها دون أدنى قلقٍ أو تفكيرٍ بما حولها. “إنّكِ تصفين التأمّل”، أجابها زوجها. هنا تساءل الزوجان فيما إذا كان بإمكانهما خلقُ نظامٍ بسيطٍ يُمكّنُ الناسَ من خوضِ التجربةِ ذاتِها التي خاضتها ماريا، لتبدأ بعدها رحلتهما نحو استكشاف هذا النظامِ السهلِ والأنيقِ والذي أطلقا عليه اسمَ منهجِ الزنتانجل.
كلمة Zentangle مؤلفة من كلمتين: “tangle” من اللغة الانكليزية وتعني “تشابك”، وكلمة “Zen” وهي كلمة سنسكريتيّة الأصل وتعني “التأمل” والأرجحُ أنها ترمزُ لأحدِ المذاهبِ البوذيةِ “زن” والقائمِ على ممارسات التأملِ والتركيز. واختصاراً يسمى بـ “tangling” وتعرّفُ عن نفسها على أنّها عمليةٌ منظمةٌ كونها أكثرُ من مجردِ خربشةٍ نظراً لاتباعها نظريةً ومنهجاً.
نظرية الزنتانجل:
تقول ماريا وريك أن مبدأ الزنتانجل سهلُ الفهمِ والاستماعِ ويمكنُ لمن أرادَ تعلُّمَه وفهمَهُ ولو لم يكن فناناً. ويوضّحان الأسبابَ التي تجعلُ منه فناً بسيطاً سهلاً وعميقاً كالتالي:
قد يبدو الزنتانجل للوهلةِ الأولى صعباً ومعقداً، لكن عندما تتعلمُ كيف يُرسَم ستدركُ مدى سهولتِه وكأنكَ تتعلم سرَّ خدعةٍ سحريةٍ. وعندما تنجزُ قطعةَ زنتانجل فنيةً ستعرفُ كم هو ممتعٌ وفاتنٌ العملُ بها. فكلُّ خطٍ ترسمه عندما ترسمُ الزنتانجل يجبُ أن تصنَعه بإدراكٍ وتأنٍ وبتركيزٍ شديدٍ، لكن دون التفكير كيف سيكون شكلُ اللوحةِ عند انتهاءك منها؟ وبما أن لا وجودَ لممحاةٍ تمحي أخطاءَ حياتنا كذلك هو حالك عندما تشرعُ برسمةِ زنتانجل، فلا وجود لاستخدام الممحاة. فستكتشف أنه عندما تخطئُ برسمِ نمطٍ ما فهذا سيقودك إلى اكتشافِ أنماطٍ أخرى بشكلٍ مثيرٍ وغيرُ متوقعٍ. ستنجح دائماً عند رسم الزنتانجل، فكلُّ ماتحتاجه هو أن تطلقَ العنانَ لخيالكَ.
تقول كاثي مالكيودي أخصائيةُ العلاجِ بالفنّ في مقالها عن الزنتانجل: “لقد أمسى الزنتانجل ظاهرةً عالميةً لها تطبيقاتُها قي تخفيفِ التوتّرِ وفي التربيةِ والمعالجةِ والتدريب التحريضي”
وتضيفُ: “إنّ الزنتانجل بحدِّ ذاته فنٌّ حديثٌ لكنَّ مبادئَه الأساسيةَ قديمةٌ قِدمَ الفنّ، فكما هي (الخربشة)، يستند الزنتانجل على السلوكِ البشري الذي يمتنع فيه الإنسانُ عن التخطيطِ ويتركُ المجالَ للخطوطِ والأشكالِ أن تنبثقَ من غير تفكيرٍ.”
لعملِ قطعة زنتانجل، يمكنك استخدامُ مربعاتٍ ورقيةٍ ذات أبعاد 3.5 إنش واستخدامِ قلمِ حبرٍ أسود. ويفترضُ بأن تنتهي منها بجلسةٍ واحدةٍ، فقد لا تستغرقُ أكثرَ من 15 دقيقة. لكنّ هذا ليس بالقاعدة، فالأهمُّ هو أن تخوضَ تجربةَ الزنتانجل.
المصدر: