محمد حلمي الرِّيشة (فلسطين):
1.
أَيَّتُهَا الْقَصِيدَةُ..
لَا تَتْرُكِي الشَّاعِرَ يَكُونُكِ ثَمَرَةً عَلَى شَجَرَةٍ دُونَ قِطَافٍ.
2.
لِأَنَّكِ غَيْرُ مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ،
تَظَلِّينَ تَنْتَظِرِينَ يَدًا عَارِفَةً مَذَاقَ عَيْنِهَا الثَّالِثَةِ.
3.
لِأَنَّكِ تَعُودِينَ الشَّاعِرَ، كُلَّ مَرَّةٍ، بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ.. يُحَاوِلُكِ حِبْرُهُ مِنْ جَدِيدٍ.
4.
لِأَنَّكِ تُخْفِينَ دَهْشَةَ المَعْنَى بَيْنَ فَرَاغَاتِ كَلِمَاتِكِ،
يَخِزُ الشَّاعِرَ عَصْفُ الْقَارِئِ غَيْرِ المُتَمَرِّسِ بِكِ.
5.
تَجْعَلِينَ الشَّاعِرَ، أَوَّلًا، وَرَقَةً خَضْرَاءَ،
ثُمَّ صَفْرَاءَ،
ثُمَّ مَتْنًا بَيْنَ دَفَّتَيْ سِفْرٍ،
ثُمَّ لَا يَجِدُ أَنَاهُ حَتَّى فِي هَوَامِشِهِ.
6.
تَأْخُذِينَ الشَّاعِرَ مِنْ زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ،
لِيَلِدَكِ بَعْدَ حَرَكَاتٍ شِبْهِ عَابِثَةٍ،
فَدُخُولٍ مَرِيضٍ،
فَيَتِيمٍ عَلَى صَفْحَةِ الْحَيَاةِ.
7.
كَيْفَ يُسَافِرُ الشَّاعِرُ فِيكِ،
وَلَا يَصِلُكَ أَبَدًا؟
8.
يَدَعُ الشَّاعِرُ كُلَّ شَيْءٍ لِأَجْلِكِ إِلَّاكِ..
ذَكِيَّةٌ أَنْتِ فِي اجْتِذَابِ لَا وَعْيِهِ نَحْوَكِ طَائِعًا لِانْخِطَافِهِ/ مُنْصِتًا لِأُوَارِ صَمْتِكِ يَضِجُّ بَيْنَ خَلَايَاهُ.
9.
تُشْبِهِينَ الْحُبَّ جَيِّدًا؛
قَلَقُ الْقَلْبِ..
تَوَتُّرُ الرُّوحِ..
رَجْفَةُ الْجَسَدِ..
خَوْفُ الْغِيَابِ..
سَهَرُ الظَّنِّ..
هَزَّةُ الشَّكِّ..
نَظْرَةُ الْغَيْرَةِ..
مَلَلُ الْأَمَلِ..
أَلَسْتِ مَنْ عَلَّمَ الشَّاعِرَ
– أَوَّلَ الْكَائِنَاتِ الْجَمِيلَةِ-
هذَا المُعْجَمَ؟
10.
تَقْصِفِينَ أَنْفَاسَ الشَّاعِرِ،
كَأَنَّهَا أَعْمِدَةُ سَنَابِلَ،
بَحْثًا عَنْ عُشْبَةِ الْخُلُودِ،
رَغْمَ أَنَّهُ يَقْتَنِعُ بِوَرْدَةِ الْفَرَحِ.
11.
تُغَيِّرِينَ كُلِّيَّةَ الشَّاعِرِ بِقَسْوَةِ حُنُوِّكِ،
وَلَا تَسْتَطِيعِينَ بِلَمْسَةِ سِحْرِكِ تَغْيِيرَ نِصْفِيَّةِ الْقَارِئِ؛
عَقْلِ قَلْبِهِ.
12.
يُطْلِقُكِ الشَّاعِرُ مِنْ قَفَصِ رُوحِهِ،
بَعْدَ أَنْ يَشْعُرَ أَنَّكِ انْتَهَيْتِ لَا اكْتَمَلْتِ..
لَوِ اكْتَمَلْتِ
لَاكْتَمَلَ انْتِهَاؤُهُ.
13.
يُقَامِرُ الشَّاعِرُ حَتَّى عَلَى خَسَارَةِ الْحَيَاةِ..
أَنْتِ تُرَاهِنِينَ عَلَى كَسْبِ خَسَارَتِهِ.
14.
لَكِ هَبَّةٌ غَامِضَةٌ تُذِيبُ وَعْيَ الشَّاعِرِ
فِي غَيْبُوبَةِ المَجْهُولِ.
15.
يَمُدُّ الشَّاعِرُ يَدَهُ الثَّالِثَةَ نَحْوَ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ لِلْمَوْتِ
كَيْ يَضَعَ فِيهَا صَدَقَةَ الْغَيْظِ.
16.
بَاحِثًا عَنْ مَدَارِكِ الْجَمَالِ،
يَسْتَعِرُ الشَّاعِرُ فِي مَسِيرَتِهِ تَحْتَ
شَمْسِ الْعَادِيِّ.
17.
تَهَبِينَ الشَّاعِرَ ذَاتَكِ بِأُلْفَةٍ وَحْشِيَّةٍ،
فَتُشَاكِسِينَ نِظَامَ يَقَظَتِهِ وَعَيْنَ غَفْوَتِهِ..
كَمْ أَنْتِ بِهذَا بَاذِخَةُ الْوَجَعِ.
18.
تَخْشَيْنَ الْعَوْلَمَةَ؟
الشَّاعِرُ الْحُرُّ يَتَعَوْلَمُ مَعَكِ وَبِكِ، أَيْضًا.
19.
لَنْ تَكُونِي بِدُونِ عَاطِفَةِ الشَّاعِرِ اللُّغَوِيَّةِ..
كُلُّ ذَاكَ الرُّكَامِ الْجَافِّ لَيْسَ أَنْتِ،
مَهْمَا نَزَفَتْ قَدَاسَةُ الْفِكْرَةِ..
السَّيْفُ لِلشَّرِّ، وَالطَّيْفُ لِلشِّعْرِ.
20.
يَشْدُوكِ الشَّاعِرُ عَلَى فَنَنِ وَحْدَتِهِ..
يُنْشِدُكِ أَمَامَ جُمْهُورٍ غَائِبٍ..
تُنَاشِدِينَهُ أَنْ يُشَفِّفَ لَذَاذَةَ غُمُوضِهِ أَكْثَرَ.
21.
أَنْتِ الطُّعْمُ الَّذِي يَهْبِطُ وَيَعْلُو
أَمَامَ بَصِيرَةَ الشَّاعِرِ فِي عَمِيقِ قَلْبِهِ،
فَلَا هُوَ يُصْطَادُ،
وَلَا أَنْتِ تُشْبِعِينَهُ.
22.
كُونِي جَمَالَ كُلِّ شَيْءٍ..
لَا يَكُونُ الشَّاعِرُ خَارِجَ هذَا التَّأَلُّقِ أَيَّ شَيْءٍ.
23.
تَتَشَابَكُ كَلِمَاتُكِ حَلَقَةً حَلَقَةً..
الشَّاعِرُ الْحَقِيقِيُّ يُدْرِكُ أَنَّهَا أَصْفَادُ حُرِّيَّتِهِ.
24.
اسْتَمِرِّي فِي جُمُوحِكِ..
لَنْ يَعْتَلِيَ صَهْوَةَ قَوْسِكِ النَّارِيِّ
إِلَّا الشَّاعِرُ السَّهْمُ.
25.
تَتَقَطَّرِينَ فِي حَلْقِ الشَّاعِرِ الْفَرَاشَةِ
عَمَاءَ لَهْفَةٍ
لِعَطَشِهِ لِلضَّوْءِ.
26.
يَعْرِفُ الشَّاعِرُ أَنْ يَنْزِلَ مَجْرَاكِ،
وَلَا يَعْرِفُ أَيْنَ مَرْسَاكِ..
هكَذَا تَمْضِينَ فِي مَاءِ جَمَالِكِ
إِلَى أَبَدِيَّتِهِ.
27.
لَا تَكُفِّي عَنْ فِتْنَةِ الشَّاعِرِ..
لَقَدْ ضَلَّ صَاحِبُكِ وَغَوَى،
فَهَوَى عَالِيًا إِلَى سَرِيرِكِ النَّجْمِيِّ.
28.
أَيَّتُهَا الْقَصِيدَةُ الْأَبْجَدِيَّةُ..
أَيُّهَا الشَّاعِرُ التِّلْمِيذُ..
أَيُّهَا الشِّعْرُ الْبَحْرُ.