صرخة شهرية .. | أميرة الوصيف

أميرة الوصيف (مصر ):

لم تَمنح الشمس سِر دفئها لليلى ذلك اليوم

انتفضت من نومها مذعورة، تسابقت أنفاسها فى الصعود، وبات عرقها يتصبب فى جنون.

الوجع يزداد، والنبض فى ارتباك، والجسد يئن في انتظام.

عيناها رحمات تائهة فى زحام الدموع هكذا بَدت ليلى شريدة الذهن، فاقدة الشَهية للحياة، مُتألمة بمرارة لا ترغب في غير الشفاء والراحة موطناً.

بشموخِ أنثوي، وخجل يعلوه ألم يتكاثر تُحَاول ليلى الوقوف على قدميها تَشرع فى المُضي قُدماً، لتحيا يومها دون اشعار آدم ما بها من ألم كاد أن يلتهمها !

آدم الزوج والرفيق ؛ الذى تُفَضِل أن يُشاركها كل شيء إلا ألمها .

ذلك الألم الدامى البائس، الذى يأتيها على هيئة زائر شهري دون تَغَيب أو رحمة بجسدها المُنهَك ، وروحها الرقيقة.

سمعت ليلى صوت خطوات آدم فى وضوح، على الأرجح هو قادم من غُرفة المكتب ليوقظها.

تقف ليلى فى ثَبات، تمسح دمعها فى عَجلة، وتضع يدها المُرتَعشة على معدتها المُحتَرقة ألماً، وتمضي بخطواتِ مُتثاقلة تقترب الى الزحف منها الى المشى بخُطى مُتكاسلة.

يراها آدم فيلقى عليها تَحية الصباح، ويبتسم لها فى اعتياد، لكن صباحها هذا اليوم ليس كصباحه !

إنه نهار يختصر الألم؛ الذى تخشى الأنثى التظاهر به.

تتمالك ليلى ذاتها ، وترسم على وجهها ابتسامة عريضة مُفتَعَلة، فكيانها الأنثوى يعتصر وجعاً، وحزناً. كانت بَسمتها مُفتَعلة ، لكنها مرت مرور الكِرام على آدم، لم يشعر بما بها من غَرابة وضَجر.

هرولت ليلى الى غُرفة فارغة، أوصدت خلفها الباب في احتضار. نظرت لأرجاء غرفتها، لم تجد شيئاً سوى قطتها تأكل بعض الطعام في أحد الجوانب الضيقة .

شعرت ليلى بضيق أهلكها حَد العذاب، ألهبتها عظامها وجعاً، وشاخت قدرتها على الإحتمال.

الألم ينهش ما يُقابله كوحش لا يرحم ، ولا يفقه الشعور. أخذت تتلوى من الوجع ، ازدادت شعوراً أن الموت يقترب ، ورغم ذلك لم يقدم آدم لإكتشاف الأمر. مرارة الألم تخرج على هيئة دمعات، وعرق لا يُجيد الوَقف. صرخت ليلى بأعلى صوتها.. صرخت وكأنها ترى شبحاً أسود القلب والهيئة . لم تُسمِع صرختها أُذن آدم رغم قوتها.. لم يلتفت إليها.  تعالت صرختها في الفضاء دون مُجيب. ربما لم تجد أى صدى سوى مواء تلك القطة، التى كلما تعالت صرخات ليلى، تعالى مواءها وكأن الألم تَلَبسها، وجعلها تعانى ما تتكبده ليلى من مرارة أنثوية تخجل من البوح بها !

صرخة جامدة أسكنتها غرفة العزلة كلما أتاها زائرها الشهرى العنيد، والذى فور رحيله تُكمِل مشوارها في العطا،ء وليس عجباً تَبدل صراخ ليلى الى ضحكات بعد ذلك. كل العجب حقاً فى عدم انصات آدم لصراخها الشهري !