جوان زورو
كنت متواجداً قبل عدّة أشهر في قاعة المؤتمرات برفقة بعض الأصدقاء من الإعلاميين، وكان حضوري لمساعدتهم فقط، علماً أني لست من فريقهم الإعلامي. صديقي كان مشغولاًبتصوير كلّ حركة تحصل داخل قاعة المؤتمر، وأنا بقيت متفرجاً فقط. وكما هي عادة الإعلاميين يريدون الحصول على تصريح لهذه الشخصية أو تلك بخصوص المؤتمر.
وافقت احدى الشخصيات على التكلم، وبلقاء خاص، لصالح الوكالة الإعلامية التي يعمل بها الصديق.
بقي السياسي في قاعة المؤتمرات لغرض إنجاز اللقاء فيه، في حين غادر جميع الحاضرين، وكان فريق الإعلامي يعمل على تجهيز الكاميرا لتصوير اللقاء بالفيديو. استغلت تلك اللحظات كنت قد عرفته جيداً مَن يكون…
_هذه أول مرة أراك فيها، بيد أني أشاهدك دوماً على المحطات الإعلامية وسبق أنْ قرأتُ لك عدّة مقالات..
_ شكراً لك، هذا نبل أخلاق منك، قالها مبتسماً..
_ أني بالفعل لا أجامل أحد، ومقالاتك بالفعل تستحق القراءة، لكني لاحظت فيها، بأكثر من مناسبة كلمة “سيّان”، ماذا تعني لك هذه الكلمة؟
_ “بغرابة” عموماً لو تراجع المعاجم ستدرك معناها لا أعتقد أنها كلمة غريبة على اللغة، كلمة بسيطة فحسب !
_ وعلى صعيد آخر، جميع متابعيك، يلاحظون كثرة استعمالك لنون التوكيد الثقيلة، ما السبب برأيك؟
_ (ردَّ عليّ بضحكة خفيفة): بالحقيقة حالنا ثقيل وكلُّ كُتابنا باتوا الآن يستعملونه بشكل كثيف، ولو أنك لاحظت أنا الوحيد الذي استعمله منذ عشرات السنين بعد أن كان مهملا في القواميس!
_ نعم بالحقيقة حالنا ثقيل جيداً وجوابك أقنعني كثيراً، لكن آخر مقالة كتبتها قبل يومين تركت النون الثقيلة وركزتَ أكثر على نون النسوة !، هل سببها نفسي أم عضوي؟
لكن ليس من المعقول أنه غشيم لهذه الدرجة !. فقال نعم النساء خير من يفهمن أن الرياح ستجري في مسار متعددة وكل الرجال كأنهم يتقاعسون عن هذا النون في استعماله حكرا علي،
_ بعد أن تأكد تماماً إني أمازحه، ولا أناقشه جدياً..(ردَّ عليّ بحنق): يا فتى، أنا تحدثت معك كي نفهم أن القضية هي قضية الاستعمال النوني وعلاقتها بالمسألة السورية وكونك من الاجيال الصاعدة حاولت أن أتجاوز بعض عنجهيتك ، رغم أنني على بيادر الستينات أضع قدمي.
خرج الرجل غاضباً وقطع اللقاء، الذي كان باقي على بدايته “دقائق”. لم يستطع والفريق الإعلامي إقناعه بالعودة، مبرراً أن فريقكم لا يحترم نفسه وضيوفه، ومضى الرجل بعيداً، نظر إليَّ الصديق طويلاً وقال (جملة أقرأها دوماً وأجهل كاتبها):
“يا أخي، أنت ما زلت طالباً، أرجوك حاول أن تكون طبيباً، لا تليق بك الصحافة”.