ريم بنا أمرآة من عالم آخر | محمود محمد -مصر
محمود محمد -مصر
هناك أشخاص تفرح الحياة بهم، لأنهم صنعوا بسمتها فرحتها وأصل الخير فيها، وريم بنا من هؤلاء الذين كلما مر يوماً علي وجودها كان إضافة وثراء للوجود، وحجر من أعمدة التي تحمل سماء فلسطين حتى لا تقع علي الأرض.
عندما نسمع اسم ريم تتجه عيوننا، نحو مدينة الناصرة في فلسطين، وهي ابنه السادسة و أربعين، مغنية وملحنة وموزعة موسيقية، تخرجت من المعهد العالي الموسيقي في موسكو، بدأت مشوارها ناشطة ضد الاحتلال ولم يتوقف نضالها عند الاحتلال فقط، بل ناضلت ضد الأنظمة القمعية في العالم.
تغلبت علي سرطان الثدي قبل سنوات، وليس هناك أصعب من المرض الذي قد يصيب الإنسان ويتمكن منه نتيجة غياب الأمل والتفاؤل وعدم القدرة على مواجهة المرض، بينما هناك أفراد لم يتمكن منهم المرض مهما كان خطيرا على صحة الإنسان بل استطاعوا أن يشكلوا جبهة مضادة للمرض وتغلبوا عليه ولم يعرف اليأس مكان في روحهم وقلبهم.
بعد سنوات من قهرها للسرطان عاد المرض اللعين ليصيب ريم من جديد ولكنه أخطأ العنوان مرة أخرى لأنه لم يتعلم الدرس من المرة الأولى وأن معركته خاسرة حتماً مع إنسانة لا تعرف معنى القه، وكلما حاورها السرطان كلما طعنته وجعلت منه أضحوكة، أن الحياة عبارة عن معركة لا تقبل أنصاف الحلول بل المعركة عبارة عن رابح أو خاسر.
تتصف أغاني ريم أولاً وقبل كل شيء بأنها فريدة من نوعها، ذلك أنها تؤلف معظم أغانيها، كما أن لديها طريقة موسيقية مميزة في التأليف والغناء، وكلمات أغانيها مستوحاة من وجدان الشعب الفلسطيني ومن تراثه وتاريخه وثقافته. أما الموسيقى والألحان نابعة من صلب القصيدة وروافدها ومن الإحساس بإيقاع الكلمة، وذلك من أجل يستمر الحفاظ على هذه الأغاني والنصوص كي لا تغيب عن ذاكرة الأجيال القادمة مساهمة في المحافظة على هذا الميراث الفني والحضاري والإنساني، ويأتي تمازج الكلمات والألحان معاً ليحملنا إلى ما وراء حدود فلسطين ليصل بنا إلى جميع أنحاء العالم، أنها الصوت الذي لا يحتاج إلى كلمات.
أصدرت ريم أول ألبوم لها عام 1985 وكان بعنوان جفرا، والثاني عام 1986 بعنوان دموعك يا أمي، بينما ألبوم مرايا الروح الألبوم الذي كرس لجميع الفلسطينيين والمعتقلين العرب السياسيين في السجون الإسرائيلية والذي اختلف أسلوبه عن كل أعمالها السابقة.
صدقاً يخرسن اللسان عن الكلام، ويعجز القلم طريقه على الورق أمام جرعة الأمل التي تقدمها البنا لعل وعسى أن يتعلم منها كل رجل وكل سيدة وكل إنسان معنى الصمود والمواجهة، ريم بنا مثال الإنسان الشجاع والمحارب ، ومهما كتبت الأقلام عن تجربتها وتحديها للسرطان يبقى الكلام قليل أمام شخصيتها القوية، أنها أيقونة المرآة العربية.
كل الصلوات نرفعها من أجل شفاء ريم بنا في رحلة علاجها في ألمانيا.
ريم بنا 2016-10-10