الرئيسية |
ترجمة |
خاص بالموجة : فِي بُسْتَانِ الْحِبْرِ | برنار نويل – ترجمة: جمال خيري
خاص بالموجة : فِي بُسْتَانِ الْحِبْرِ | برنار نويل – ترجمة: جمال خيري
فِي بُسْتَانِ الْحِبْرِ
1)
وَالْآنَ هَا الْآنَ يَنْقَلِبُ كَمَا قُفَّازٌ
رُبَّمَا الْوَقْتُ سَيَزْدَرِدُ نَفْسَهُ بِنَفْسِهِ مَاذَا نَفْعَلُ بِالْمَجْهُولِ
أَحْيَاناً كُلُّ شَيْءٍ يَخْتَلِفُ عَنِ الْحَالَاتِ الَّتِي كَانَتْ حَالَاتِنَا إِلَى الْآنَ
فَهَلْ نُمَيِّزُ حَالَاتٍ لَا نَمْتَلِكُ تَجَارِبَهَا
الْأَزْرَقُ الرِّيحُ شَيْءٌ وَالتَّعَاسَةُ الَّتِي تَأْتِي مِنَ الْخَلْفِ شَيْءٌ آخَرُ
النَّهَارُ يَتَنَظَّفُ وَيَتَنَّقَّى وَكَأَنَّهُ حَقًّا سَيُفِيدُ مِنْ جَدِيدٍ
ثُمَّ يَجْثُمُ الْمَسَاءُ فَيَطْمِسُ اللَّيْلُ كُلَّ الْجَدِيدِ بُؤْسٌ
يَأْتِي يَزْنِقُ حَلْقَكَ وَفِيمَا الصَّوْتُ يَتَخَشَّنُ نَتَفَقَّدُ
أَيْنَ تَوَارَى هَذَا الْآنَ الَّذِي أَلْقَيْنَا بِهِ كَمَا بِمِرْسَاةٍ
شَيْءٌ مَا انْهَارَ وَلَا نَعْرِفُ إِنْ هُنَا أَوْ هُنَا فِي الدَّاخِلِ أَمْ فِي الْخَارِجِ
حَمَاقَةٌ مَا تُرَفْرِفُ تَحْتَ الْكَتِفَيْنِ رَغْبَةٌ فِي أَنْ نُوجَدَ فِي مَكَانٍ آخَرَ غَيْرِ الذَّاتِ
فِي أَنْ نَكُونَ الْأَنْتَ الَّذِي سَيُزْهِقُ افْتِرَاءَ كَوْنِنَا أَحْيَاءً مُقَزَّمِينَ مِنَ الْأَمَامِ
مَزَجْنَا جَيِّداً رَغْمَ ذَلِكَ الْوَاحِدَ بِالْآخَرِ الْمُبَكِّرٍينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ
حَاوَلْنَا تَضْفِيرَ الْأَضْدَادِ تَرْصِيعَ الذِّكْرَيَاتِ بِالنِّسْيَانِ
اللِّسَانُ يَتَعَلَّى مَجْرَى الْمُعْجَمِ مُثِيراً بَعْضَ الْكَلِمَاتِ
زَبَدٌ فِي الرَّأسِ الْتِجَاجَاتٌ لَفْظِيَّةٌ مَخْرٌ
حَيْثُ الْفِكْرَةُ بَغْتَةً لَيْسَتْ سِوَى تَجْعِيدٍ يَتِيعُ عَلَى الصَّفْحَةِ
2)
وَالْآنَ هَا أَتَى زَمَنُ رُؤْيَةِ الَّذِي لَنْ نَتَمَكَّنَ مِنْ رُؤْيَتِهِ
إِنَّهُ قَصْدٌ نِدَاءٌ شَهِيَّةٌ اهْتِشَاشُ شَيْءٍ مَا
زِلْزَالٌ فِي طَرَفِ الْعَيْنَيْنِ طَعْمُ النَّهَمِ
بِحَيْثُ إِذَا مَا التَّجَلِّي أَخَذَ شَكْلاً فَلَفْظُهُ
يَجْعَلُ الْعُيُونَ تَتَوَقَّدُ عَلَيْهِ وَالْآنَ يَعِنُّ الْجَزَعُ
حَيْثُ يَأْتِي مِنْ فَرْطِ الْإِلْحَاحِ الشَّيْءُ الَّذِي لَنْ يَكُونَ مِنَ الصُّورَةِ
بَلْ مِنَ اللَّحْمِ فِي طَوْرِ التَّحَلُّلِ لَحْمِ الْأَفْكَارِ الْمَيِّتَةِ الْمُتَعَفِّنِ
أَوِ اللَّحْمِ الَّذِي يَخْتَمِرُ فِي قَعْرِ المَزْبَلَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ
يَأْتِي إِلَى الْمَكَانِ نَفْسِهِ حَيْثُ الْقَصِيدَةُ تَبْحَثُ عَنْ تَكَدِّي بَعْضِ الْبَقَايَا
لِكَيْ تَأْخُذَ الْكَلِمَاتُ مَعَ حَلَقَاتِهَا وَعِضَادَاتِهَا
كُلَّ الْخُرْدَةِ الْبَدَنِيَّةِ دَبَالَ مَعْنَانَا الْجَمِيلَ
فَيَرْتَفِعُ إِذَنْ نَقِيقُ الْعِظَامِ الطَّوِيلُ الْكَلَامُ الْفِيزِيَائِيُّ
الَّذِي يَحْلُمُ بِهِ الْجَسَدُ الْمَالُّ لِرِيحِ الْكَلَامِ مَا يُشْبِهُ صَوْتاً
حَشْرَجَةً فِي الْحَلْقِ الْمُخْتَنِقِ بِالْوَقْتِ أَوْ بِهَذَا الْجَزَعِ
الْإِتَاوَةِ الضَّئِيلَةِ الْمَدْفُوعَةِ خِدْمَةً لِلْمَعْرِفَةِ
وَالْآنَ كَمَا ثَأْيٌ مَلْفُوفٌ فِي الْفَمِ
الذِّكْرَى تَبْحَثُ إِلَى أَيِّ جُرْحٍ ظَلَّتْ مُعَلَّقَةً
3)
وَالْآنَ مَاذَا نَفْعَلُ بِالْفَرَاغِ الَّذِي تَتَنَفَّسُ فِيهِ الْكَلِمَاتُ
فِيمَا الْأَشْيَاءُ تُضَاعِفُ أَشْكَالَهَا فِي الْمَكَانِ
وَالْحَيَاةُ تُرَجْرِجُ تَجَاعِيدَهَا أَوْ تَلُفُّهَا فِي قَعْرِ الْقَلْبِ
ظَنٌّ يُحَوِّمُ حَيْثُمَا وَدِدْنَا أَنْ نُحَوِّلَ إِلَى يَقِينٍ
بُخَارَ بُخَارٍ حَذَّرُونَا وَلَكِنْ مَنْ نُصَدِّقُ وَسْطَ الدُّخَّانِ
نُحَاوِلُ كُلًّا بِدَوْرِهِ اللِّسَانَ وَالْحُلُمَ وَالرِّيشَةَ وَالسِّكِينَ
ثُمَّ الرَّأْسُ تَرُوحُ لِلاِنْغِمَاسِ بَيْنَ لُحُومِ الْأَدَبِ الْمُمَلَّحَةِ
أَحْيَاناً بَعْضُ الظِّلَالِ الصَّغِيرَةِ بِمُرُورِهَا تَمْنَحُ الْهَوَاءَ قَلِيلاً مِنَ الْمَذَاقِ
خَطَرٌ غَامِضٌ يُعَطِّرُ آثَارَهَا مَرَارَةٌ خَصَاصَةٌ
ثُمَّ الْفَمُ يُمْتَقَعُ مِنْ جَرَّاءِ الْتِقَاطِهِ لِحُطَامَاتِ الْأَحَاسِيسِ ذِي
عِوَضَ أَنْ يَصْنَعَ مِنْهَا صُوَراً أَوْ هَذِهِ الْوَشْوَشَةَ الْخَافِتَةَ بِالشَّفَتَيْنِ
كَنَفَسٍ عَلَى الصُّدْغِ وَمَعَ ذَلِكَ تُثِيرُ الرَّغْبَةَ فِي الاِسْتِمْرَارِ فِي التَّصْدِيقِ قَلِيلاً
فِي التَّصْدِيقِ بِأَنَّ الْآنَ سَيَجْعَلُ الْأَنْتَ يَعِنُّ مِنَ الْآنَ
وَذَخِيرَةَ وُجُوهِهِ بِمَا يَكْفِي لِتَضْلِيلِ الْوَقْتِ
وَلَكِنْ بِمَا يَنْفَعُ الْأَبَدُ إِلَّمْ تُعَشِ الْحَيَاةُ مِنْ جَدِيدٍ
حِينَ سَيَنْبُتُ الْعُشْبُ عَلَى اللِّسَانِ رُبَّمَا سَنَعْثُرُ عَلَى
لَفْظِ السِّرِّ بَيْنَ بَقَايَا جُمْلَةٍ
4)
وَالْآنَ أَحَدُهُمْ يَمُرُّ بِرَأْسِكَ شَكْلٌ ذِكْرَى
عَابِرٌ قَدْ فَقَدَ وَجْهَهُ أَوْ مُرَاوَغَاتُ ظِلٍّ
تَوَدُّ أَنْ تَجُسَّ هَذَا أَنْ تَلْمِسَهُ كَيْ تَعُودَ الْمَادَّةُ
لِمَ لَا تَتَجَرَّأْ عَلَى قَوْلِ اللَّحْمِ وَكَأَنْ لَا جَسَدَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعِنَّ فِيكَ
وَكَأَنَّ كُلَّ الْعَائِدِينَ لَا يَسْتَطِيعُونَ عَوْدَةً سِوَى كَمَجَارِ هَوَائِيَّةٍ
وَالْآنَ هَا تَلْتَفِتُ جِهَةَ الْمُعْجَمِ الْخَاصِّ
مُعْجَمِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي صُرِّحَ بِهَا أَسْمَاءَ أَعْلَامٍ بِشَكْلٍ حَاسِمٍ
هَيَاكِلَ عَظْمِيَّةً صَغِيرَةً مُعَلَّقَةً فِي بَعْضِ فَضَاءَاتِ الْمُسْتَقْبَلِ الْخَاصَّةِ
تَحْلُمُ لِهُنَيَّةٍ بِمَسْحُوقٍ يُدْعَى التَّعَاطُفَ نَقْعٍ
مَادَّةٍ قَادِرَةٍ عَلَى صُنْعِ الْحَاضِرِ بِالْخَسَارَةِ بِالْوَاطِئِ
وَلَكِنْ مَا وَحْلُ الْوَقْتِ هَذَا الشَّيْءُ الَّذِي لَيْسَ قَذِراً حَتَّى
رَغْمَ أَنَّهُ يَتَحَلَّبُ كَامِلاً مِنَ الْمَوْتِ صَنِيعٌ تَذَكَّرْ
صَنِيعٌ يُطَوِّحُ بِنَا فِي أَيِّ هُنَيَّةٍ إِلَى مَا لَا يُعْقَلُ
رَغْمَ أَنَّ اللَّحْمَ يَكْتَظُّ عَلَى الْعِظَامِ وَبِعَجَلَةٍ يَمْضِي إِلَى الْعَدَمِ
الْأَسْمَاءُ يُمْكِنْ أَنْ تُسْتَعْمَلَ ثَانِيَّةً وَتَنْتَقِلَ مِنْ هَذَا أَوْ ذَاكَ إِلَى اللَّاحِقِ
تَارِيخَانِ يَكْفِيَانِ لِتَنْظِيفِ اسْمٍ مَا لِاسْتِعْمَالٍ جَدِيدٍ وَهَكَذَا
الدَّارِجُ وَالْخَاصُّ يَتَشَكَّلَانِ ثَانِيَةً بِالْغِيَابِ
5)
وَالْآنَ كَمَا مِرْآةٌ مُنْسَدِحَةٌ لِأَبْخِرَةِ الزِّئْبَقِ
تَنْتَظِرُ أَنْ يَوْماً تَأْتِي الصُّورَةُ الْمُسْتَتِرَةُ وَسْطَ الْفَظِّ
انْتِفَاضُ ظِلَالٍ أَوْ هَذَا الشَّيْءُ الْمُنْفَلِتُ الْحَاضِرُ فِي كُلِّ مَكَانٍ
لَيْسَ الْحَيَاةَ الَّتِي تَجْرِي فِيكَ دُونَكَ وَلَكِنَّهُ الْخَفِيُّ فِي تَيَّارِهَا
مَا يُشْبِهُ شَمَالاً غَرِيباً يَجْتَذِبُ الْقَلْبَ دَوْماً إِلَيْهِ
تُحَاوِلُ عَبَثاً أَنْ تَلْمَحَ أَثَرَهُ النَّيِّرَ أَوِ الطَّيَّ
الرَّعْشَةَ الَّتِي تُهَيِّؤُ الْكَثَافَةَ الْجِسْمَانِيَّةَ لِتَصِيرَ مُفَكِّرَةً
لَكِنَّ الْفِكْرَةَ تَنْسَى لِلتَّوِّ مِنْ أَيِّ تُرْبَةٍ تُبَرْعِمُ
الرَّأْسُ حَسْبَمَا يَبْدُو رَغْمَ ذَلِكَ لَا تُتَابِعُ الَّذِي عَزَمَتْ عَلَيْهِ
ثَمَّتَ هُوَّةٌ تَحْتَ تَكَوُّنِ الْكَلِمَاتِ فَمٌ مَقْلُوبٌ
فَتْحَتُهُ دَوْماً يَحْجُبُهَا ظِلُّ الْأَفْكَارِ
وَلَا نَعْرِفُ الَّذِي يَقْتُلُ هَلِ الْقَصْدُ الْأَوَّلِيُّ أَمْ الصُّورَةُ
نُحِسُّ فَقَطْ حَافَةَ وَاقِعٍ مَا تُرَفْرِفُ فِي الْفَضَاءِ
مُقَامٌ مُتَمَلِّصٌ يُلَامِسُهُ اللِّسَانُ أَحْيَاناً دُونَ وَعْيٍ
صَمْتٌ مَا يَضَعُ بَعْضَ الشَّكِ فِي الْحَلْقِ ثُمَّ يَسْقُطُ
وَلَا نَعْرِفُ فِي أَيِّ جِهَةِ ضَاعَ ولَا إِنْ كَانَ قَدْ لَوَّحَ
لِأَنَّ شَجَاعَةَ النَّظَرِ صَوْبَ الْمَجْهُولِ بَغْتَةً تُفْتَقَدُ
شعر برنار نويل
ترجمة جمال خيري
==================================================
* من ديوان “بستان الحبر” للشاعر الفرنسي برنار نويل. مشورات لوراي دي لو 2008
برنار نويل جمال خيري خاص بالموجة : فِي بُسْتَانِ الْحِبْرِ | برنار نويل - ترجمة: جمال خيري 2016-08-13